اليمن والعراق.. إصابات غائرة وجراح مفتوحة! … بقلم د. عمران الكبيسي

اليمن والعراق.. إصابات غائرة وجراح مفتوحة! … بقلم د. عمران الكبيسي
آخر تحديث:

اليمن السعيد بموقعه الاستراتيجي المطل على بحار العرب ومضايقة، وقواه البشرية التي يوازي تعدادها سكان دول الخليج مجتمعة، ومساحته الواسعة، وتضاريسه المختلفة، سواحل وسهول وصحارى وجبال ووديان وسدود، ومناخه المتباين، صيف في الشمال وشتاء في الجنوب، وصيف في الجنوب وشتاء في الشمال، مما يجعل محاصيل زراعته شتوية صيفية، ولم يحرمه الله من نعمة النفط لو استغل على الوجه السليم، اليمن جنة الله في أرضه كان يمكن أن يكون اكبر وقاء السكاني واليد العاملة، ونعم حباه الله بها من قديم الزمان. لكن العرب أشاحوا وسند للعرب في زخمه بأنفسهم عن اليمن وتجاهلوا انه والعراق بيت الداء ورأس الدواء في آن واحد، والخليجيون يعرفون العراق وما أدراك ما العراق؟ ويدركون ما مدى خطر ما يحيق به وخطره عليهم، أكثر مما يعرفون عن اليمن.
نعم البلاد العربية من أقصاها إلى أدناها تعاني التمزق والتشرذم والانقسام، وتجتاحها الفتن، السودان والجزائر والصومال ومورتانيا وليبيا ومصر ولبنان وسوريا واليمن العراق، وقد تجاوز الخطر مرحلة دقات الناقوس إلى وقوع الفأس في الرأس، ولاسيما في العراق واليمن، أما بقية الدول الأخرى المغرب تونس والأردن ودول الخليج علينا الاعتراف بلا شكوك هناك خلافات وبوادر أخطار تلوح في الأفق ما لم تلب دعوة خادم الحرمين وتستجب لنداء الوحدة والاتحاد، وتعيد دول المغرب العربي هي الأخرى النظر في الاتحاد المنسي، وتجدد العهد والوعد وتنقى السرائر ففي الاتحاد قوة.
اليمن والعراق إصاباتهما غائرة في العمق ونالت مقتلا، وجراحهما مفتوحة ونازفة، وباتا على حافة كارثة مأساوية تحيط وتحيق بالأمة العربية فالمعركة اقتربت أن تكون فاصلة، وما بعد الانتكاسة لا سامح الله قائمة، فخسارتها تفتح مغالق الشرور على دول الجوار والمنطقة كلها، والحسم قادم إلا بمعجزة إلهية وليس على الله أمر بعيد، أما لبنان وليبيا والسودان فقد لا يعني تقسيمها سيكون نهاية المطاف رغم خطر التقسيم الجسيم، كما لو قسم العراق واليمن وكلاهما دولتان خليجيتان شئنا أم أبينا، فالتقسيم في العراق واليمن لن ينهي المشكلة، لأن وراء تقسيمهما خطر شعوبي يسعى له أقدم عدوين تقليديين خطرين اليهود والفرس الطامعين في خراب الأمة منذ فجر تأريخها، ويعولون بأسلحتهم الفتاكة على مسح الحضارة العربية عقيدة وقومية وشعبا من الوجود إلى الأبد. ندعو الله أن يجعل كيدهم في نحورهم حتى ينحروا أنفسهم بأيديهم.
في سوريا واليمن والعراق فايرس الداء واحد رغم تباين الاختلاف في الظاهر، فإيران مهما نفى زعماؤهم التدخل في الشئون الداخلية، تمول أنصارها ماليا وبالسلاح والمقاتلين والمدربين والخبراء، وهم من يؤجج في الإعلام الخارجي والداخلي الحراك الطائفي في شمال اليمن، مثلما هم موجودون ومهيمنون في شمال سوريا وجنوب العراق، ولسنا بحاجة في هذه العجالة إلى تحديد ما يضمر الإيرانيون من أطماع لا تتوقف على العراق وسوريا واليمن، بل تتجاوزها إلى كل المنطقة العربية في أسيا وأفريقيا، ومثلما تتمنى إسرائيل وتعمل على دس أصابعها الخبيثة بدءا من شمال العراق إلى جنوبه، موجودة في اليمن بدلالة عرش بلقيس وسليمان. ومثلما هجر اليهود من العراق، هجروا من اليمن.
وإذا كانت القاعدة تتحرك برعونة التشدد والتطرف تحت شعار طائفي زائف لتكوين دولة إسلامية في جنوب اليمن ولها نفوذ وسطوة، تتحرك بنفس القوة في شرق سوريا وغرب وشمال العراق بمنطقة الموصل وإن اختلفت المسميات جبهة النصرة أو داعش والدولة الإسلامية، ومثلما هناك حراك قبلي مناطقي انفصالي في جنوب اليمن( عدن وحضرموت ولحج) هناك حراك انفصالي عنصري في كردستان (أربيل والسليمانية ودهوك)، ومثلما يوجد أبناء عشائر وبعثيين وإسلاميين يتحركون للم شمل العراق تحت الشعارات الوطنية يوجد أبناء قبائل وحزب إصلاح وقوميين في اليمن على ذات المستوى والأهداف، ومثلما توجد دعوات لحكم فدرالي اتحادي يقسم البلاد طائفيا وعنصريا ومناطقيا في العراق يوجد الحراك الجنوبي في اليمن. المشهد واحد والخطر واحد، وخاصرة الخليج اليسرى رخوة في الغرب بسبب المأساة العراقية، مثلما هي الخاصرة اليمنى في الجنوب بسبب الكارثة في اليمن.
لقد فشلت المرجعية الشيعية في إقناع أتباعها بالاعتدال أو قيادتهم نحو التوسط الذي أمرنا به الإسلام، كما فشلت المرجعية الدينية السنية، مع أن كلا الطرفين ينادون ربنا واحد، وقرآننا واحد وقبلتنا واحدة، فهم مختلفون قلبا وقالبا أكثر من اختلاف الأتباع، وكما لم تستطع أحزاب الإسلام السياسي السني التفاهم مع القاعدة وداعش وتصحيح مسارهما، فشل الإسلام السياسي الشيعي في التفاهم مع المليشيات، وبقي جيل من المثقفين لا حول لهم ولا قوة كالأطفال وإن بدوا في آخر العمر أمثالي يصرخون ويندبون حظهم لعل الرؤساء والملوك يسمعون وينتبهون ويسعون لإطفاء الحريق ولو بالماء الوسخ خير من أن يستفحل الداء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *