بين السيد والرفيق !!!

بين السيد والرفيق !!!
آخر تحديث:

 

  محمد علي

تحالف انقاذ العراق هو الأسم الذي وقع الاختيار عليه لمشروع “ائتلاف مفترض” يجمع بين كتلتي الأحرار والوطنية حيث من المتوقع أن يمنح هذا التحالف (في حال تشكيله) العملية السياسية زخما معنويا حقيقيا .لاتزال التفاصيل قليلة بشأن هذه التفاهمات ولا يعلم ما اذا كانت حصيلتها هو تشكيل جبهة سياسية وبرلمانية جديدة (قد ينضم لها لاحقا اتحاد القوى وائتلاف المواطن) أم ان الأمر لايتجاوز مجرد التنسيق بين الطرفين من أجل تمرير حزمة من القوانين المهمة في البرلمان ، غير ان هناك واقعا عمليا لايمكن لكلا الطرفين تجاوزه ، حيث تعتبر كتلة الأحرار جزءا لايتجزء من منظومة التحالف الوطني الشيعي والذي يعاني هو الأخر بدوره من تصدعات حقيقية كادت أن تنسفه لولا الضغوط الايرانية من جراء التداعيات المستمرة لتنحية المالكي عن الولاية الثالثة والتي يمكن أن ينتج عنها تفكك أواصر التحالف مابين قوى متشددة وأخرى معتدلة قبيل الانتخابات المقبلة ، حيث هاجمت كتلة بدر النيابية أحدى أهم مكونات التحالف المذكور هذه الفكرة وأعتبرت ان التحالف مع البعثيين يعني الخروج من التحالف الوطني مع عدم تفسيرهم لسر قبولهم الجلوس مع البعثيين تحت قبة برلمان واحد ومشاركتهم في حكومة تضمهم !!! فيما رأى ائتلاف دولة القانون – جناح المالكي – (المستهدف الرئيسي من هذا التحالف حسب رأي المحللين) ان التحالف مبهم وغير واضح ، كما ان الأمر ليس من السهل أيضا على القائمة الوطنية والمرتبطة بتحالف مع اتحاد القوى السنية وهي التي أبدت موافقتها على هذا التحالف شريطة تخلي السيد الصدر نهائيا عن فكرة تشكيل ميلشيات مسلحة ، كل هذه العوامل تجعل من امكانية قيام التحالف على أرض الواقع صعبا لكنه ليس مستحيلا ان توفرت الارادة السياسية الصادقة واللازمة لاتمامه .

 عمليا يبدو ان كلا الطرفين بجاجة لتحالف من هذا القبيل فالتيار الصدري والذي (كان الأقرب دوما للقوى السنية منذ تحالفه مع هيئة علماء المسلمين عام 2004 أثناء معركتي الفلوجة والنجف ضد الاحتلال الأمريكي) يواصل زعيمه العزف منفردا خارج الجوقة الشيعية من خلال سياسة مسك العصا من النصف وانتقاد متطرفي السنه والشيعة على حدا سواء ابتداءا بمحاولة سحب الثقة الفاشلة عن حكومة المالكي الثانية ومرورا بدوره الكبير في اجباره على التنحي وانتهاءا بتجميد نشاط سرايا السلام ولواء اليوم الموعود مؤخرا قبل أن يرفض اخضاعها لامرة قائد فيلق القدس الايراني الجنرال قاسم سليماني أسوة بباقي فصائل الحشد الشعبي في سعيا منه للانفتاح على الطوائف الأخرى لمواجهة حالة انحسار الشعبية التي يعانيها في الشارع الشيعي ، أما الدكتور علاوي فيبدو له التحالف مع خصوم الأمس بمثابة الفرصة الذهبية لتدشين مهمته الأساسية “المصالحة الوطنية” والتي تسعى جهات داخلية وخارجية عديدة لعرقلتها وافراغها من مضمونها ولتلافي التراجع الحاد بنسب مؤيديه في المحافظات السنيه الساخنة نتيجة تنازله عن حقه الانتخابي في رئاسة الوزراء عام 2010 من ناحية و انتشار حمى الطائفية والفكر التكفيري فيها من ناحية أخرى ، كما يمكن عدها محاولة شخصية منه للولوج الى الكوفة قلب الجنوب العراقي الشيعي والذي يعاني علاوي من قطيعة تامة مع شرائح واسعة منه رغم انتماؤه مذهبيا له خصوصا بعد تحالفه سابقا مع اسلاميين سنه مدعومين من قطر وتركيا وصدامه في ذات الوقت مع الأحزاب الاسلامية الشيعية المدعومة من ايران في تناقض لاينسجم مع شعارات الرجل الوطنية ومطالباته المستمرة بفصل الدين عن الدولة !!!

 ختاما .. لايزال أمامنا الكثير من الوقت للتأكد من نجاح تحالفات عابرة للطائفية والتغلب على ثقافة الكراهية وتجاوز مرحلة عدم الثقة المتبادلة مع وجود عدة عوامل معيقة مثل الحرب على الارهاب والتدخلات الاقليمية واستمرار لغة التخوين ضد كل من يسعى لمد جسور من الحوار والتعاون بين المكونات العراقية !!! وقد لانشهد قريبا ميلاد هذا التحالف بالذات في ظل تقلبات السيد الصدر المعهود أيضا والضغوط التي من الممكن أن يرضخ لها الدكتور أياد علاوي ، لكن رغم ذلك نستطيع التأكيد بأن مثل هذه النوعية من التحالفات تمثل علاجا فعالا للعملية السياسية المريضة بالطائفية والمحاصصة للحيلولة دون تحول الخلاف السياسي الى صراع مذهبي تستحضر فيه الأحداث التاريخية لتهييج الرأي العام ناهيك عن كونها الوسيلة الوحيدة لخروج العراق من أزمته السياسية العميقة وانهاء حالة الاستقطاب السياسي الحاد والاحتقان الطائفي المتصاعد والتي فاقت النموذج اللبناني الذي يتنازع مشهده السياسي تحالفي 8 و14 آذار الشاملين لكل الأطياف اللبنانية ، في الوقت الذي لعبت فيه الكتل السياسية ذات الطابع الطائفي والعرقي دورا كبيرا في ايصال العراق الى ماهو عليه الآن في ظل معادلة غريبة مبنية على امكانية القبول بتقاسم كعكة السلطة مع البعثي أو الصفوي (كلا حسب انتماؤه) من جهة واستحالة التحالف معه لبناء البلد من جهة أخرى !!!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *