تأمّلات من الذكرى الخامسة لانقطاع الكهرباء عن غرفة رئيس الوزراء نوري المالكي …. بقلم طلال الصالحي

تأمّلات من الذكرى الخامسة لانقطاع الكهرباء عن غرفة رئيس الوزراء نوري المالكي …. بقلم طلال الصالحي
آخر تحديث:

أصبح عمر الإنسان في عصرنا الحالي لا يقاس بالسنين أو بالأشهر أو بالأسابيع أو بالأيّام فقط بل أصبح حساب عدد سنوات عمره مرتبطاً بمناسبات أخرى تنافس هذه القياسات تأثيرها لا يقاوم عليه لا يجد نفسه إلاّ وانصاع إليها بسبب المؤثرات الاعلاميّة اليوميّة الضاغطة عليه في عالم سريع الإيقاع تتصاعد ضغوطاته عليه مع كلّ مناسبة كانت رياضيّة أو فنّيّة أو عسكريّة أو من أيّ ما يجدها احتفاليّة “كرنفاليّة” وعلى الأخصّ بطولات كأس العالم الكرويّة أو كأس شبابها أو بطولة أوروبّا مثلاً فهي أعمّ وأشمل وأكثر ارتباطاً بعوامل التمنّي لديه بسحق السنين الّتي تفصل ما بينه وبين مواعيد إقامتها الدوريّة هنّ “أربع سنوات” حتّى أصبح غالبيّة أهل كوكبنا دون أن يشعروا يقيسون أعمارهم بهذه المقاسات .. والفرد العراقي وفق مقاسات العولمة هذه لا يشذّ عن تلك القاعدة فقد أصبح على سبيل المثال يقال أنّ عمر الملياردير البرلماني العراقي فلان من السنين يبلغ ثماني بطولات كرويّة عالميّة زائداً بطولتي جمباز زائداً معها دوري كروي محلّي واحد زائداً بطولتي كأس اثنتين يضاف إليها سحبة واحدة من قرعة لبطولة أوروبّا الكرويّة فيصبح عمره كذا من السنين ..  مقياس يعني يحسب بالكيلو وربع الكيلو وهكذا .. قياسات كتلويّة يعني ..والمنافس الأكثر شعبيّةً في العراق الجديد “العالم سيفنى والعراق بعده لا زال جديد نعم لم لا فالقرد في عين أمّه غزال !” ؛ هي الانتخابات .. نعم الانتخابات هي الأكثر شعبيّة في عراق اليوم نظراً للكلف الباهظة والمكلفة في صرف الملصقات الدعائيّة لها فهي احتفاليّة كرنفاليّة ملؤها شدّ الأعصاب علاوةً على أنّها تشكّل بمثابة بصيص أمل ينفتح مرّة واحدة “كل أربع سنوات” على العراقيين علّ الانتخابات تأتيهم بمنقذ “أو غائب” بعد أربع ينقذهم من فوضى الخدمات المتلاطمة ويفتح أمامهم الآفاق للحاق بقافلة الحياة لا أن يبقون على هامشها..  فيقال مثلاً أنّ عمر فلان العراقي منذ ولادته ولحين دخوله الكلّيّة أصبح عمره ما مجموعه سنوات عمر نوري المالكي الانتخابيّة زائداً ربع دورة حكم انتقاليّة للعالم اللغوي الجعفري مجموع معها فضيحة ماليّة واحدة للنائب الأعوجي وذكرى مرور كذا شهر لاختطاف شقيقة ملياردير برلماني زائداً ذكريات فضائح الزيوت والزويّة والعامريّة وزيّونة وحاويات لعب الأطفال بدل الحواسيب وحرائق الوزارات وعزل السكّان بالكونكريت والأيّام الدامية وكذا وكذا زائداً معها ذكرى ديمقراطيّة ساحة التحرير مضافاً إليها فضيحة صفقة الأسلحة الروسيّة أبطالها حاصلون على دكتوراه في حبّ الحسين .. وهكذا .. حتّى أنّ البعض من تخطّى الخامسة والخمسون من عمره أصبح يعاني من هلوسة ضاغطة يقفز من عزّ نومه أحياناً يعيط “أويلي يابه .. أعيش أربع سنوات لخ دورة انتخابيّة ثالثة للمالكي ..!! يا ويلتاه .. يعني أربع سنين من الجحيم أخرى “مكابلني وكاعد” مؤلمة جدّاً لكبار السنّ حيث لا ماء صافي من مياه أيّام زمان ولا تعليم محسوبة آفاقه بحساب دقيق كالماضي ولا خدمات صحّيّة يحسدنا عليها الأميركيّون أنفسهم ولا حدائق فسيحة ولا أحلام بتخفيض درجة حرارة العراق في عزّ لهيبها تصبح 34 الى 35 مئويّة ولا شوارع خالية من الطسّات ومن السيطرات ومن العوازل الاجراميّة الكونكريتيّة ولا كهرباء تنتل كالكهرباء الّتي تركها السلف لخير خلف مثل بقيّة كهرباء خلك الله الّتي يروح ضحيّتها الآلاف من المواطنين ولا مجاري لا تشعره أين تذهب فضلاته فقط تعلّمها منذ الصغر على أنّها تسقط على رؤوس أهل النار ! .. ليش هوّه العمر اشجمّ انتخابات كل أربع سنوات بي ! .. يعني أربع سنوات أخرى مع المالكي ومع الشهرستاني ومع الدكتور المفوّه ومع بقيّة باقة الورد الّتي تركها الاحتلال على قبر العراق ورحل ! .. إنّها لقسمةً ضيزا .. لم يسجّل العراق في العصر الحديث أيّ رقم مميّز بين دول العالم بإمكانه مرافقة الذاكرة العالميّة تعيدها ذاكرتها كلّ عام يتحدّث بها الناس في أنحاء المعمورة كلّ عام كأن يحقّق مُنجز لا سابقة له على مستوى أنظمة الدول أو في أيّ نشاط بشري لافت أو أيّة “كارثة” طبيعيّة حلّت به .. في بعض الأحيان يبرز نشاط لدولة ما غير معد جيّداً يبدو لأهله غير ذي بال أوّل الأمر لكن سرعان ما نجده وقد انتشر في العالم لمجرّد تميّزه بطابع مثير للانتباه وغير مسبوق أو تشييد علامة دالّة لمهرجان صناعي  دوري في دولة ما سرعان ما يأخذ مكانه إلى ما بعد انتهاء المهرجان ليصبح كأهم معلم حضاري في الدولة كبرج إيفل مثلاً الّذي لم يكن بخلد مصمّمه غوستاف إيفل أن يحلم يوماً أن يحصل تصميمه على كلّ هذا الشهرة العالميّة الواسعة وليطبع باريس أمّ الحضارة والنور بطابعها .. وبالمناسبة ؟! .. لا ندري أين الناس وأين أقطاب الإعلام العالمي عن حادثة تاريخيّة حصلت في العراق وفي عقر دار رئاسة وزراءه لا تقلّ شأناً عن برج إيفل تسجّل لربّما لأوّل مرّة على مستوى العالم لا سابقة لها حتّى في كتاب “غينيس” للأرقام القياسيّة  .. أنا عن نفسي أجد أنّ السفير الأميركي هو المقصّر الأوّل في لفت انتباه الإعلام العالمي عن انقطاع التيّار الكهربائي عن غرفة تشكّل أعلى السلّم الهرمي في حكم العراق عند مثوله بين يديّ السيّد رئيس الوزراء المالكي وتشكّل معقد آمال شركات العمّ سام وبئر ناضح من الذهب والماس لدول الجوار .. قد يكون السيّد المالكي مشغولاً أو منفعلاً ساعتها لكن أنت يا سفير أين منك عن هذه الحادثة الغريبة والنادرة الحدوث ؟.. إذ ليست في كلّ مرّة يسجّل فيها العراق مثل هذه الحادثة الفريدة تفوق برأيي حالة استنساخ النعجة دولّلي .. حادث فريد فعلاً .. رئاسة وزراء أثرى بلد في العالم وأغناه تنقطع في غرفة وزيره الأوّل وحامل همومه وحامل ملفّاته المختلفة ويقع تحت حكمه العراق وبكلّ بناه التحتيّة يفعل بها ما يشاء تحت حماية قوّة عسكريّة تناهز المليونين من العسكر والأمن ثمّ تنقطع عن غرفته الخاصّة الكهرباء ! .. شيء عجيب أعجب من صراخ يحي شاهين وهو يصرخ بما أصبح يلاك على ألسنة صعايدة مصر ويلاك على ألسنة شعوب العرب والمسلمين : “زواج عتريس من فؤاده باطل” .. نعم .. مرّت خمس سنوات كأنّها البارحة مرّت .. فمنذ خمس سنوات انقطع التيّار الكهربائي عن غرفة تشريفات دولة رئيس وزرائنا .. خمس سنوات مررن بسرعة البرق منذ  ذلك الانقطاع المشؤوم الّذي عطّل أحوال الرعيّة والعباد نصف ساعة ضوئيّة أوقفت خلالها جميع ملفّات الخدمات وتم إيقاف صرف العمولات وتعطّلت أجهزة الكمبيوتر وتوقّف تدفّق المياه عن النافورات الالكترونيّة الّتي تملأ البلد وتوقّفت ماكنات الصرف الآلي وتوقّفت حركة الطيران وتوقّفت حواسيب المدارس الابتدائيّة والكلّيّات والوزارات والمستشفيات وباقي حقول الذرّة وتوقّفت جميع المشاريع الكبرى للبلد .. ففي مثل هذا اليوم .. أعتقد مثل هذا اليوم الهجري .. مرّت علينا ذكرى أليمة على مشاعر كلّ عراقي وعراقيّة وهو يرى رغم الظلام وانعدام الرؤيا ما بين العراقيين وبين السفير الاميركي وبين رئيس وزرائنا وهو يتصبّب عرقاً وغرفته المحصّنة باستحكام ضدّ انقطاعات الكهرباء الّتي هي الأعلى عالميّاً بعد الصومال منذ توماس أدسن ولليوم .. والشيء المحزن أنّها انقطعت عن غرفة تشريفات دولة رئيس الوزراء بينما هو في شغل هام مع السفير الأميركي ببغداد يصرّ فيها دولته على وجوب حصول العراقيين على كامل حقوقهم من عشر سنوات غزو وقبله حصار 13 عاماً أكلت الأخضر واليابس وعن حقوقهم عن المجازر الّتي ارتكبت بحقّه من قبل جيش الولايات المتّحدة الأميركيّة ونتيجة الأكاذيب الّتي ساقتها بمزاعم وجود أسلحة دمار شامل في احتلال البلد بعد أن ثبت كذب تلك المزاعم وتلك المبرّرات الّتي كلّفت العراقيين 72 تريليون دولار خسائر البلد من الاحتلال بينما السيّد المالكي وهو في عزّ تنازلاته للتشبّث بولاية ثانية .. عفواً قصدي وهو في عزّ محاولاته للحصول على ضمانات أميركيّة لتعويض العراقيين بالتريليونات مضحّياً بفترة رئاسيّة ثانية .. وفجأة انقطع التيّار الكهربائي ! .. والحمد لله كان من يحمل الجوّال من بين حماياته يداعب أزراره ككلّ العراقيين الّذين بزّوا شعوب العالم بهذه “المداعبات” فسجّل بالصدفة أوّل لحظات الانقطاع مشابهة للتسجيل العالمي الأشهر في إعدام رئيسه ! .. تمرّ هذه الذكرى باحتفالات انقطاع كهربائيّة عامّة عارمة احتفل بها العراقيّون في مشارق البلد وفي مغاربه سادت جميع مدن العراق تقريباً وكافّة أقضيته ونواحيه في كربلاء وفي ميسان وفي المثنّى والبصرة وبغداد اشتعلت لها دائرة مياه الرصافة بفعل فاعل سيغلق ملفّه حتماً ليحتفظ به السيّد رئيس الوزراء فيما عدى الصفوة الحاكمة وعدى صحابة الحسين عليه السلام العاكفون حزانا عليه في المنطقة الخضراء لأنّ تغذية كهربائهم مسؤوليّة “دولليّة” ! ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *