تحليل إعتصامات أهل السنة والجماعة في العراق

تحليل إعتصامات أهل السنة والجماعة في العراق
آخر تحديث:

تحليل إعتصامات أهل السنة والجماعة في العراق

 

عبدالغني علي يحيى

يقول المثل الصيني :

(أعرف نفسك، وآعرف عدوك، وخض غمار مئة معركة)

لقد كان ماوتسي تونك قائد الثورة الشيوعية في الصين يؤكد على ذلك المثل في كتاباته ويلتزم به. والأن لنرى إلى أي مدى عرف السنة العراقيون أنفسهم وحجمهم، وعرفوا الشيعة وحجمهم، بعد ان دخلوا معهم في صراع لا رجعة فيه عن التصادم؟ على الضد لما يدعيه السنة، بتظاهرات المحافظات العراقية ضد حكومة المالكي، فأن من مجموع (18) محافظة عراقية، تقوم المظاهرات في أجزاء من (5) منها هي: الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى، أما الـ (13) الأخرى فلا تتفاعل معها وكأن بينهما واد سحيق، وهو كذلك، فيوم أندلعت التظاهرات في الأنبار كانت المحافظات الشيعية منشغلة بعاشوراء والمحافظات الثلاث الخاضعة لحكومة كردستان منهمكة بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية.ويجرنا القول الخطأ لهم، إلى تخطئة (المحافظات الخمس المنتفضة) والصحيح أن اجزاءً جد ضيقة منها منتفضة لا كلها، ففي نينوى، نجد ان من مجموع (9) اقضية فيها (6) منها لا تشارك في التظاهرات وهي: تلعفر وسنجار والشيخان وتلكيف والحمدانية ومخمور، ان لم نقل تعاديها، أما الاقضية: البعاج والحضر والموصل، يكفي ان نعلم ان البعاج قضاء مصطنع مثل محافظة صلاح الدين، حين ضمت إليه نواحي وقرى كردية ايزيدية في العهد السابق، ومنذ سنوات تلاحقه المادة (140) الدستورية لاسترداد ما ضم إليه قسراً. ويعد الحضر من أصغر أقضية نينوى والأقل سكاناً. كما انه ليس من الصائب إعتبار كل قضاء الموصل مشاركاً في التظاهرات، فعلى بعد كيلومترات الى الشرق من الموصل نرى التجمعات السكانية الضخمة في بعشيقة وبحزاني مثلاً غير مساهمة فيها لكون سكانها من غير العنصر العربي بل من الكرد الشبك والايزيدية ومن المسيحيين والتركمان والكرد الكاكائية، عليه وتأسيساً على هذه الحقائق يتبين ان أقلية سنية تحضر ساحة الأعتصامات، والأمثلة على ضيق مشاركة اهل نينوى فيها، انه في يوم 15-3-2013 حددت الجوامع التالية لاقامة الصلاة الموحدة في الموصل، حسب فضائية بغداد TV: جامعا المأمون والخضر في الجانب الأيمن من المدينة، وفي الأيسر منها، الجوامع: الرحمة والرقيب والأيمان بالله. ويرينا تعيين الجوامع للصلاة الموحدة في الأقضية والنواحي، صواب ما ذهبنا اليه بخصوص ضيق المشاركة، اذ تم تعيين (3) جوامع فقط وهما الجامعان الكبيران في البعاج والنمرود والزاوية في القيارة وجميعها في الجنوب والجنوب الغربي من المحافظة وفوق هذا فقد ارغمت مجاميع مسلحة الموظفين للأشتراك في الاعتصام وهذه الحقيقة لاتخفى على اهالي الموصل ناهيكم عن اغراء بعضهم بوجبة طعام في احد مطاعم حي الدواسة. ونجد في كركوك رقعة الاعتصامات اضيق إذ لا تتعدى قضاءً واحداً (الحويجة) وعدداً من الاحياء العربية في جنوب المدينة كركوك، ولم يُسجل القضاءان الآخران: دبس وداقوق واكثرية النواحي وأحياء كركوك اية أسهامة في الأعتصامات علماً ان الاعتصام داخل كركوك بدأ يخف بشكل ملحوظ وعلى اثر احداث الحويجة فقد اغلقت ساحة الاعتصامات من قبل المعتصمين من دون اي ضغط من السلطات الحكومية، بقي ان نعلم ان الكرد الذين يشكلون 52% من السكان في كركوك حسب التعداد السكاني لعام 1957 مقابل48% للتركمان والعرب والمسيحيين، لا يشاركون ومعهم التركمان والمسيحيون في التظاهرات. ولننتقل الى صلاح الدين المحافظة المصطنعة بحق، ونقول، ان احد اكبر الاقضية فيها طوزخورماتو والذي يتكون من الكرد والتركمان، بعيد عن التظاهارات باستثناء بلدة سليمان بيك والتي طراجعت بدورها بالمرة بعد احداث الحويجة، وفي الجنوب من صلاح الدين، فان الدجيل الشيعية لها موقف مغاير لموقف السنة منها. وتقتصر المشاركة في ديالى على العرب السنة وحدهم فقضاء كردياً كبيرا كخانقين وقضاء أخر كمندلي اضف اليهما العشرات من القرى والنواحي، تأبى النزول الى ميادين الاعتصامات بشدة. وتقوم التظاهرات في الانبار بمعزل عن مشاركة الناحيتين: النخيب والرحالية اللتان اقتطعتا في العهد البعثي من كربلاء الشيعية وضمت عنوة الى الأنبار السنية. والذي يقلل من حجم السنة ويضيق من منطقتهم، ان المادة (140)والتصحيح الادارى يلاحقانها (المنطقة)من كل الجهات باستثناء غربها الصحراوي. ويجانب الحقيقة، من يضيف بغداد الى التظاهرات، فهي اكثرية شيعية، وان ماحصل من اعتصام في الاعظمية فيها، فأنه اشبه ما يكون بلسعة بعوض للحكومة ولن تغير من الهوية الشيعية لبغداد شيئاً. ان التهويل من مساحة الاعتصامات امتد الى حجم المشاركين فيها أيضاً، كقولهم ب(التظاهرات المليونية) وكأن الفلوجه والحويجة وسامراء. بحجم القاهرة وطهران اللتان عرفتا بالتظاهرات المليونية، في وقت لم تتعدى اعداد المتظاهرين في أفضل الأحوال بضعة مئات أو الوف، فالتظاهرات المليونية لاتخرج الا من المدن المليونية، ولقد كان ومايزال للأعلام الذي اشبه مايكون بسلاح ذي حدين دور في التهويل وطمس الحقائق والذي أضر ويضر بالنسبة وبقضيتهم العادلة قبل كل شيء. عدا المبالغة في سعة رقعة الأعتصامات، فأن الذي يشوه من عدالة قضية السنة، ان مطالب الأخيرة، تكاد تختزل لنصرة البعث المحظور والأرهابيين، كدعوتهم الى الغاء المادة(4) إرهاب وقانون المساءلة والعدالة واجتثاث البعث، واطلاق سراح منفذي جرائم الأنفال وقتل الكرد و الشيعة بالجملة والمفرد، انهم بهذه المطالب اثاروا حفيظة الأكثرية الساحقة من العراقيين ضدهم . ومن عوامل ضعفهم، تعددية قياداتهم: القاعدة، البعث، الضاري، الأخوان المسلمون.. الخ والتي لايشكل اي منها حتى (أهون الشرين). ويضيف ركوب شيوخ العشائر ورجال الدين، والملثمين القابضين على الرشاشة والسكين، موجة الأعتصامات خطأ أخر الى أخطاء السنة القاتلة، فالديمقراطية والحريات وحقوق الانسان والحداثة والعصرنة لايمكن ان تخرج من عباءة شيخ العشيرة ولا من جبة رجل الدين، ولن تتحقق على يد الملثم الأرهابي، وإذا أراد السنة لقضيتهم العادلة النصر فما عليهم إلا أن يعيد وا بشيخ العشيرة الى مضيفه ورجل الدين الى مسجده ويزجوا بالملثم في السجن. ويؤخذ على الحراك السني العراقي تحويلهم لمنطقتهم منذ صيف عام2003 الى ميدان حرب، وراحت رصاصاتهم تحصد أرواح ألالاف من السنة جنبا الى جنب اعدائهم بجريرة بقائهم في الحكومة و بالأخص في تشكيلاتها الأمنية وبذلك فقد تسببوا في حصول نقص مريع في ثروتهم البشرية زادت منه هجرة عشرات الألوف منهم الى مصر وسوريا والأردن وكردستان، ولقد استغلت المخابرات الايرانية والاسرائيلية وغيرها ذلك الفعل الشنيع لتفتك بارواح النخبة من السنة الذين كانوا بمثابة البنية التحتية للمكون السني ان جاز القول ولتضاف الى افعال المقاومة السنية رغم براءتها منها. ومن اخطائهم ايضاً ويا لكثرتها، وضع الكرد في تناقضهم الرئيسي الى جانب الشيعة والذي تمثل في رفض متواصل للمادة (140) و الفيدرالية واصرارهم على رفض اي تصحيح لخروفات نظام البعث الادارية. على السنة، مقاومة التطهير العرقي بحقهم ويمضوا قدما في المطالبة بابعاد الجيش والشرطة الأتحادية من مناطقهم على ان يتوج ذلك باقليم أو دولة مستقلة لهم، وتجنب خوض المعارك الجانبية أوتحميل حراكهم بما لايطاق من المطالب الا العادل منها انذاك يكون لهم النصر على قاب قوسين او ادنى مع تأكيدنا من انهم اي السنة العرب يشكلون احد المكونات الاجتماعية الرئيسية في العراق الى جانب الشيعة والكرد واذا ارادوا لقضيتهم النصر فما عليهم الا ان يأخذوا بالحقائق اعلاه.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *