سعار الانتخابات يضع العراق في فوهة البركان … بقلم الدكتور عمران الكبيسي

سعار الانتخابات يضع العراق في فوهة البركان … بقلم الدكتور عمران الكبيسي
آخر تحديث:

أشهر معدودة تفصلنا عن الدورة الانتخابية الثالثة لمجلس النواب العراقي المتوقع إجراؤها في مايو 2014، وبدأ مع اقترابها يتصاعد سعار الصراع على المقاعد النيابية بين الكتل والمرشحين، كل يريد الحفاظ على مكاسبه في الرئاسات الثلاث رئاسة الجمهورية الشرفية، ورئاسة الوزراء السلطة التنفيذية المطلقة، ورئاسة برلمان أصبح صورة بلا صوت، بعد استحواذ السيد المالكي رئيس الوزراء على كل البيعة ولم يترك نصيبا لغيره، ويبدو اليوم القوي المستبد والضعيف المتخبط، الضعيف كونه أكثر المسئولين فزعا على منصبه، ولم يحقق مأثرة أو إنجازا للوطن خلال حكمه يشفع له أو يتيح له التشدق به، ولم يعد يمتلك فضيلة واحدة من الصدق والنبل والحس الوطني، وإذا لم يفز بالانتخابات يعلم الله وحده ماذا سيحل به؟ وكيف سيكون مصيره؟ وقوي لأنه ليس من بين الساسة العراقيين البارزين في السلطة من هو نظيف الوجه واليد واللسان، وللسيد المالكي خبرة ثماني سنوات في الخداع والمماطلة والمساومة يوظفها للفوز بمنصبه. ومستعد للتضحية بكل القيم ولديه المال والسلطة لا يتوانى عن توظيفهما بالطريقة الميكافيلية.

الانتخابات القادمة في رأينا لن تأتي بجديد حتى لو تغيرت الوجوه، لأن الانتخابات صممها المحتل بطريقة خبيثة لتفرز كتلتين قويتين طائفيا، كتلتا العرب السنة والعرب الشيعة، والكتلة الكردية العنصرية، ومن المستحيل أن ينتخب سني شيعيا أو العكس، ولن ينتخب عربي كرديا أو العكس، وفي النهاية سنعود إلى محاصة الثالوث المدنس المدمر: الشيعة والسنة، والأكراد، وستوزع الكعكة بين الأراذل والذيول قسمة لا بد منها، ليعود الصراع ثانية، ولاسيما أن الكرد متمسكون برئاسة الجمهورية ما استطاعوا، والشيعة برئاسة الوزراء، والنتيجة “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”والتغيير الذي يرتجى من هكذا انتخابات أحلاه مر.
المصيبة التي ستضعنا الانتخابات في خضمها ونحن على أبوابها، لم يعد يُكتفى ببذل المال الحرام، ولا بوعود توزيع الكراسي سلفا، أو غض الطرف عن الكسب غير المشروع ما سبق وما سيلحق. وإنما بالحشد الطائفي والعنصري وإفساد الذمم وتشويه الحقائق الذي استشرى إلى حد كسر العظم بتصفية المنافسين والخصوم جسديا بالاغتيالات، والكيد المدبر بتهم الإرهاب وهي ظاهرة سائدة في العراق، وترتكب بشكل يومي تتناقلها الأخبار، وأصبح الضحايا مجرد أرقام وإحصائيات وفي السجلات تقيد ضد مجهول حتى لو كان معلوما مادام القتلة قد استخدموا زي الشرطة أو الجيش وأسلحتهما، وركبوا سيارات الدفع الرباعي الحكومية، فكل الوسائل متاحة بسهولة تعار مؤقتا، توهب، تستأجر، وهذا ما تعكسه التهديدات والوعد والوعيد الذي يتبادله أعضاء الحكومة والأحزاب والمليشيات والمنابر وتؤكده الأحداث. ولم يقتصر التحذير على الأفراد وإنما طال المتظاهرين والمعتصمين وشيوخ العشائر والمدن الرئيسة ومحافظات بحالها. حتى أصبح العراق على فوهة بركان قلبه يغلى ويوشك أن ينفجر، وقد بدأت تتصاعد منه الأبخرة النتنة.
في العراق كل شيء بات محتمل الوقوع، حيث لا دولة ولا قيادة ولا سياسة ولا أمن ولا قانون ولا عدالة ولا حياء ولا دين يمنع ارتكاب الجرائم وإباحة الحرمات وبخاصة النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وكل ما فيه شوه وموه، ونختزل أبياتا من قصيدة الشاعر العراقي معروف الرصافي قالها قبل قرن وما زالت تنطبق على حال العراقيين بالكمال والتمام:
أنا بالحكومة والسياسة أعرف أ أُلام فـي تفنيـدهـا و أعنَّــف
هذي حكومتنا وكـل شُموخها كـذِب وكـل صنيعهــا متكلَّــف
غُشَّـت مظاهرها ومُوِّه وجهها فجميع ما فيها بهارج زُيّـف
وجهـان فيها باطـن متستِّر لـلأجنبيّ وظـاهــر متكشِّــف
عَلَـم و دستور و مجلس أمـة كل عن المعنى الصحيح محرف
أسماء ليس لنا سـوى ألفاظها أمـا معانيهــا فليسـت تعــرف
مَن يقـرأ الدستور يعلمْ أنـه وَفقـاً لصـكّ الانـتـداب مصنَّـف
من ينظرِ العَلم المرفوف يلقَه في عزّ غير بني البلاد يرفرف
من يأتِ مجلسنا يصـدّق أنـه لـمُـراد غيـر الناخبيـن مـؤلّــَف
أفهكـذا تبقى الحكـومـةعنـدنا كلمـاً تمـوَّه للـورى وتُـزخـرَف

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *