شناشيل : أبو الأنظمة

شناشيل : أبو الأنظمة
آخر تحديث:

 

 عدنان حسين

إذا ما تحقق هذا بالفعل سيولد لدينا أخيراً الأمل بأن ثمة ضوءاً في نهاية النفق وأننا يمكن أن يكون لدينا قدر مناسب من الثقة بالمستقبل، بدل هذه النزعة العامة الشاملة تقريباً الى التشاؤم والشعور بالاحباط وعدم الثقة بشيء.

يبدو أن مديرية المرور العامة قررت أخيراً أن تكون مديرية عامة للمرور، وأن تضع موضع التطبيق قانون المرور الصادر في العام 2004، بحسب ما جاء في تصريح لأحد المسؤولين فيها أعلن فيه أن مديريته شرعت بمنع سير المركبات حاملة لوحات الفحص المؤقت (منفست) في كافة أرجاء البلاد، وأنها ستبدأ بعد عشرة أيام بمحاسبة السائقين الذين لا يحملون إجازات سوق وإحالتهم الى محكمة تحقيق المرور.

تريد أن تعرف ما إذا كانت دولة ما ناجحة أم فاشلة، متحضرة أم متخلفة؟.. تفحّص، إذاً، شيئين في شوارع مدنها، المرور والنظافة، فإن غابا كانت الدولة فاشلة ومتخلفة. ونحن دولة فاشلة ومتخلفة بامتياز، ويشهد بهذا نظام المرور المنعدم، بل المُنتهك بأسوأ الصور، والنظافة التي لا وجود لها البتة في الشوارع والساحات والدرابين، ومعظم البيوت. بغداد مثال صارخ على هذا، فهي لم تزل مكبّاً كبيراً للغاية للنفايات والمخلّفات والملوّثات البيئية، حتى بعد مرور أكثر من مئتي يوم، وليس مئة فقط، على وضع أمانة بغداد في عهدة السيدة ذكرى علوش التي خُدعنا في ما يبدو بمظهرها الأنيق، فقد توسّمنا فيها خيراً وصفقنا لها بحماسة آملين بأن تستعيد معها بغداد بعضاً من رونقها المندثر، وهو ما كان أيضاً مع وزير الثقافة فرياد رواندزي الذي أعاد تعيينه الاعتبار لوزارة، هي سيادية في البلاد المتحضرة، جرى التعامل معها ردحاً طويلاً من الزمن كما لو كانت دكاناً لبيع الأعلاف أو تكية للأئمة المزيفين وسواهم، فأملنا فيه، ولم نزل، إعادة النبض الى قلب بغداد الحضاري: دور السينما والمسرح وقاعات العرض وسائر قصور الثقافة.

نظام المرور بالذات أبو الأنظمة. كل الناس تنزل إلى الشوارع وتستخدم الطرق، إن مشياً على الاقدام أو تنقلاً بالسيارات والعربات، وأدنى خروج على قانون المرور سيكون تحت أنظار العشرات من الناس كباراً في السن وصغاراً، وسيسري مثل الوباء إلى الآخرين، بل إنه يدفع في اتجاه انتهاك شتى القوانين والأنظمة، فما من قانون أفضل من قانون وما من نظام أحسن من نظام بالنسبة للخارج على القانون والنظام العام.

ما نخشاه أن يتكرر المشهد المألوف فيندفع رجال المرور ونساؤه، الى تطبيق التعليمات الجديدة لبعض الوقت أو فرضها في مناطق دون غيرها، ثم تدريجياً تعود الأمور إلى سابق عهدها فكأننا “لا رحنا ولا جينا”، وهذا سيكون أمراً بالغ الخطورة لأنه يتسبب في المزيد من فقدان هيبة الدولة وخرق القانون والنظام.

ما لم تكن مديرية المرور العامة واثقة ومتأكدة من تطبيق قانون المرور، فالأفضل ترك الأمور على حالها حتى تنشأ الظروف المناسبة لإنفاذ القانون بنحو حازم وصارم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *