شناشيل : مصير “الفضائيين”

شناشيل : مصير “الفضائيين”
آخر تحديث:

 

عدنان حسين

نعم، بالطبع وبالتأكيد يتعيّن، كما طالب بعض النواب، إحالة كل من له علاقة بقضية “الفضائيين” من عناصر الجيش والشرطة وأجهزة الأمن على القضاء من دون إبطاء لتأخذ العدالة مجراها، فهي قضية خطيرة للغاية، ولا ينبغي للحكومة الحالية أن تتعامل معها مثلما تعاملت الحكومة السابقة مع قضية مزوّري الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية مثلاً.

“الفضائيون” والمسؤولون عنهم من ضباط صغار وكبار ارتكبوا جريمة كبرى هي في مستوى الخيانة العظمى، فبينما كان جنودنا يقاتلون ويُقتلون، كما قال رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي أمام مجلس النواب، كان “الفضائيون” يرتاحون في بيوتهم ويديرون أعمالهم الخاصة ويتشاركون في رواتبهم مع ضباطهم الذين تحولوا الى مليونيرية (بالدولار الأميركي) ومن ذوي العقارات والإقطاعيات الكبيرة، فلم يعد يعنيهم أمر الدفاع عن سيادة الوطن وسلامته وتحقيق الأمن للمواطن، وكانوا أول الفارين أمام داعش، والمتسببين في الموت المجاني للآلاف من منتسبي الجيش والشرطة وفي تمكين داعش من احتلال ثلث البلاد.

التهاون في هذه القضية غير مقبول مطلقاً، ولا يجب أن يتذرع أحد بعدم معرفته بأمر “الفضائيين”، فهذه الظاهرة كُتبت فيها مئات المقالات ونُشر عنها عدد مماثل من التقارير والتحقيقات، ومن النادر أن يكون مرّ أسبوع طيلة السنوات الأربع الماضية بالذات من دون أن يجري تناولها عبر برامج محطات الإذاعة والتلفزيون المحلية، بل إن الرائحة تفشّت في كل الأرجاء والأنحاء وعبرت الحدود لتتناولتها الصحف الدولية، وبخاصة الأميركية والبريطانية، على نحو أعمق وأوسع، وهذا راجع الى ان المعلومات في دولتنا تكون متاحة للصحفيين الأجانب في مقابل حجبها عن الصحفيين المحليين (مغنية الحي لا تُطرب.. والفاتحة عن روح قانون حقوق الصحفيين الذي بدأ وانتهى فرماناً يشرعن للحكومة اضطهاد حرية التعبير عبر وسائل الإعلام والتعدي على العاملين فيها على النحو السافر الذي تكرر مرات عدة في عهد الحكومة السابقة).

الخوف كل الخوف أن يتعرض السيد العبادي الى ضغوط للحدّ والتخفيف من الإجراءات التي يُمكن أن تُتخذ في حق “الفضائيين” والمسؤولين عن هذه الممارسة المخزية من العسكريين والمدنيين، أو الا تُتخذ أية اجراءات بالمطلق كما جرى مع مزوّري الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية، بحجة ان الظروف المعاشية “القاهرة” (!) كانت وراء عمليات التزوير!

اذا كان الهروب من ميدان القتال جريمة لا يمكن تبريرها فـان “الفضائية” جريمة مماثلة بنفس المستوى في الأقل. واذا كانت السرقة، أية سرقة، جريمة تُوجب إنزال العقاب بالسارق، فان قبض الأموال من “الفضائيين” هو نوع من السرقة، وكذا الحال بالنسبة لتزوير الشهادات والوثائق الذي يجري به سرقة وظائف ومناصب من مستحقيها ومنحها الى غير المستحقين. وفي الحالين فان الاستحواذ على رواتب “الفضائيين” واحتلال الوظائف والمناصب بواسطة الوثائق المزورة، هما أشد وأخطر من مجرد السرقة العادية لأنهما يجريان في إطار الفساد المالي والإداري المذموم والمجرّم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *