صوتك ضميرك

صوتك ضميرك
آخر تحديث:

  عبد الجبار الحمدي

أيام معدودة تفصلنا عن انتخاب العراق، العراق ذلك الجبل الأشم الذي حمل على قمته إرهاصات المتغيرات، بعد أن تدلت الى سفوحه عناوين لاكت المفردات عنوة للاستيلاء على قمته، ديمقراطية التغيير، الحرية التعددية، الشراكة الوطنية، دستور مطاطي … ديمقراطية أمسك بها المواطن العراقي ربما وبعد ان حَكَم على عقله أن لا يفقه هذه المفردة، بأن يتحرر برعونة مفرطة من قيد صدأ… فدخل متاهة التغيير من حزب يحكم بطاغية دكتاتورية سقيمة، الى تعددية تيارات واحزاب وكتل دلفت من الباب الخلفي دون إرادة الشعب وبذاك المسمى ( التغيير ) اولجت نفسها لتقرر انها تنشد السير في خطى مختلفة، يحدوها أمل الوحدة الوطنية… فسارت تضم من يواليها عطشا للمسمى الديني الذي يطلقونه بشعارات حسينية أساءت بلغطها الى الرمز الذي أراده الله ان يكون عتلة التغيير في مفترق الطرق للاسلام والدين، باستخدام عباءته التي لَمّتَ تحت ظلمتها عرابيد سوداء، ما ان فُسِح لها حتى راحت تلدغ من لايواكبها في الرأي او الإنضمام إليها، عبث ما بعده عبث… فكانت التجربة الديمقراطية ومشروع الانتخاب عبر صناديقه المغلقة لشخوص تدثروا بوشحات وجنسيات أجنبية سنين العجاف، تلك التي هتكت ستر المواطن العراقي وعرته تماما حتى انه فقد عذريته الحقيقية في التعبير، بعد أن تواكبت طرق فنية في القتل والتهجير والبيع والشراء على ارض هي بعيدة عن ولاءهم الحقيقي، فسارت التجربة الاولى عمياء، وبعدها الثانية عرجاء تتخبط، ثم الثالثة التي فقد ارجلها وسارت على كرسي بعجلات، وهكذا الى ان نالت المحاصصة من الجسد الدستوري الذي شُرِع بمزاجية ومصالح، اما المواطن فكان نصيبة آفة الإرهاب، المفخخات، القتل الجماعي والعشوائي، التهجير نصا على الهوية… مواكبة مع أيدي غريبة لها ثأر مع العراق، فنالت من ضعاف النفوس الذين دخلوا ديوان العراق وتغلغلوا فيه حتى امسكوا بعموده الفقري نخرا، اورثوه العجز في التأقلم او التوأمة مع أطيافه المختلفة…

ايام معدودة هي التي ستقرر مصير العراق أما الى الهاوية، أو إما الى المعافاة وبسط مائدة الافطار الموحد حيث اللقمة تُقسم الى الجميع وليس الى جيوب انتفخت حد الانفجار، أو الى جيوب فارغة تسعى لملئها بمقدرات وثروات شعب لُدغ أكثر من مرة.

وسؤال: هل المواطن العراقي يستحق ان يكون مربوطا الى ناعور همه ان يدور… ويدور ، يسكب الماء بعيدا عن أرضه دون ان ينال من يدور شربة ماء استحقاق جهده وذهابه الى مقرات الاقتراع مضحيا بنفسه من أجل ان يتغير الوضع؟

أم هو نفس المواطن الغير مكترث بمفردة العراق وطن الجميع دون استثناء، ولماذا تحول المواطن العراقي الى الفئوية؟ حيث ينبري ومن يواليه الى تكوين قاعدة منفردة ومنسلخة عن الجسد فقط حتى يعمل على من يواليه.

وهل المواطن العراقي فعلا يحمل الحقد على اخيه العراقي متى ما أختلفت طائفته او عقيدة او قوميته او حتى لهجته؟

أسئلة غريبة يتداولها العقل رغم تواجدها في صدر كل مواطن،

ترى من هي الجهات التي تبغي تقسيم العراق وتفكيكه؟ حتى يوهن ويصبح هشا سهل الكسر، احزاب أم تيارات أم كتل أخذت على عاتقها هدم العراق اولا ومن ثم المواطن؟ خاصة أنها نجحت كثيرا بذلك بعد ان وجدت ان المواطن العراق يحب الدرهم والدينار أكثر من أرض العرق الواحد، بل أكثر من نفسه التي يهينها ببيعه الضمير والصوت العلامة الفارقة في مفترق ما ينشد من تغيير، إننا إذ نعول على فئات دون أخرى وهذا ما نراه من خلال سعي المرشحين كلاً الى من يجده الخيط الأوهن والاضعف ليدق عليه بهرجه الخداع مصحوب بوعود ألف ليلة وليلة… مرشحين دلفوا الى أماكن لم تطأها اقدامهم من قبل، تلك الرقع الجغرافية إلا حين ارادوا ان يصنفوا كأعضاء بمجلس النواب… فكان الفقير المعوز والجاهل وبعض الاحيان المتعلم والمثقف هو قوتهم لطهي الولائم بشكل خرافي مع شراء ذمم بكثرة وببساطة جدا… قد يكون الإرهاب عند السنة هو بالانتحار والتفجير ، إلا ان الإرهاب عن الشيعة هو بيع الضمير وهذا أخطر بكثير فالارهابي ينتحر ويموت مرة واحدة أما الذي يبيع ضميره فهو يبقى خطرا دوما ومتغير الألوان يميل حيث ما مالت مصلحته… إذن الإرهاب حقا لا دين له ولون ولاصفة ولا طعم أو رائحة…

إن الساحة مليئة بصور المرشحين كل يبيع بضاعته يسوقها ويروجها من خلال سماسرة البحث عن الثراء حتى لو كان الثمن العراق..

إذن متى ننتخب العراق؟؟؟؟؟؟؟

إذا كان المرشحين والمواطنين جميعهم يرمون الترشيح والحصول على حظوة المنصب من خلال المرشح، إذن من حقا يريد انتخاب العراق؟؟

أكررها كون المسألة هي فردية المصالح لا عامة، رغم أن الوجع والهم واحد، لقد احترت كثيرا وانا أكتب وأتساءل!!؟ إذا كنا جميعا نحب العراق أرضا وسماء وشعبا، نحاول ان ننتخب الاجدر للعراق، إذن من الذي يدس لنا بصناديق الاقتراع من نكره ويكره الخير للعراق والشعب؟

وإذا حقا أردنا أن نوصل من يستحق بجدراة وندرك ونعلم انه وطني يحب العراق وشعبه، ومصلحته مصلحة الجميع، إذن لِمَ نصنع عجل له خوار آخر من تلك المسميات ثم نعمد الى عبادته ما دامه يرفل علينا بالملذات وغيرنا يتذوق الويلات.

أين العلة؟؟؟ وما هو الحل؟؟

تجارب كثيرة سبقت العراق بعد حروب عالمية او احتلال مبرثن أن تقوم، تنهض برجالاتها وتقدم التضحيات لسنون عديدة، تخوض التجربة بعد التجربة بعزم ومصداقية ان الارض والمواطن هما الاساس، ربما منها ما يفشل ومنها ما ينجح الى وصلوا الى قناعة تامة أن الارض باقية والمواطن هو الزائل… ترحل المآسي وتقصر الاعمار حتى تنمو الاجيال مع تربية الولاء للوطن لا للحزب ولا للتيار او الكتلة حتى المبطنة بالاستقلالية … فأقوى أواصر الارتباط مع الدولة هو اعتناقها ترابا وقلبا وروحا وشعبا…

أمنيات يحملها المواطن بداخله صغيرة…. وأماني يحملها المرشح بداخله كبيرة…

المواطن الذي ينشد لقمة عيش بسلام مع خدمات إنسانية حقيقية ملموسة من أرض وعلم، يمتلك خيرات تغذي العالم بأجمعه قرون عدة، لا أريد ان أذكر ما يحلم به المواطن فقط لنتذكر أنه إنسان وله حق في الحياة الكريمة..

أما المرشح فأمنياته الثراء لا محالة، وإن يشذ عن هذه القاعدة البعض كونهم أقلية او لا يسمع لهم صوت فينزوا، إما خوفا، او تهميشا، فكل شيء مستباح في الدولة العراقية وله مخرج دستوري وقانوني، ناهيك عن طموحات من أوصلوه… إن التجربة الماضية برهنت أن المقاعد السياسة العراقية ذات تقرير المصير أرتقى إليها من يعمل على تدمير العراق لمصالح دول مجاورة وبعضها خارجية، ارتكزت بالصعود على قمته عنوة واودعت أصابع تحمل فتيل الطائفية الذي لا يمكن سحبها إلا بالاطاحة بقيمه ورموزه الدينية الشامخة مع التغيير… وُقِتَت تلك الاصابع الخفية للعمل على تكسير وتفتيت قاعدة الوحدة العراقية، وإلغاء عبارة أن العراق وطن الجميع، بعد ان وطدت عبارة الفئوية بمتغير يطلق عليه التعددية او الشراكة الوطنية..

ايام قليلة يسير فيها العراقيون الى صناديق الاقتراع، والتي إما ستلقي بالمواطن العراقي على قارعة الطريق ليبيع نفسه منتظرا الى من سيدفع أكثر، او يصبح مشروع استشهاد متجدد، مفتقدا السلام والأمن والأمان يعد نفسه للرجوع حيث نقطة البداية، ممسكا برأس المغزل بعد أضاع رأس ( شليلتها) تلك التي ظن أنه أمسك بها بوعود المرشحين الجدد… كلنا نتحمل مسئولية الدمار والخراب الذي يصيب العراق وطنا والشعب العراقي سكانا، إن الامر سهل للغاية إذا ما نظرنا بمنظار المصلحة للجميع والعراق وطن واحد والصوت الذي سيلقى في صندوق معتم هو الصفعة التي سترن على اصداغ من عولوا على شراء ذمم بعد ان بارت بضاعتهم وحَلَت لهم دون حياء، نجدهم يعاودوا الى ترشيح انفسهم امام أعين السذج والمخادعين والموالين وبائعي الضمير دون خجل او استحياء… ولينظر المواطن العراقي الى الوجوه التي تمكنت من السلطة برلمانيا او حكومة، ويقارن ليحدث نفسه وحيدا، ماذا فعلوا للعراق وللمواطن العراقي؟؟؟

سواء على مستوى المحافظات او مستوى العراق، بعد ان تدعروا علانية وفاحت ريحة نتانتهم من خلال وسائل الاعلام فبعضم يتراقص مع المومسات، بعضهم يتقاضى الرشاوى، والبعض الاخر باع العراق، والبعض اورث السلطة لأفراد عائلته، وهناك من تهرب من دفع الضرائب، وهناك من بات منبع ومنجم للذهب من بيعه أحلام في الهواء، والكثير باع دينه وضميره خاصة انه تناول العراق وطنا وهو يحمل بداخل جيبة جنسية أخرى، والقليل جدا وقف يتفرج يلتقط فتات ما يسقط ليرتق الخراب والدمار بمسمى اعمار العراق…

سرابيل البسوا العراق وأخذوا من على جسده خيراته وثرواته…. اسمال ألبسوا شعبه، احلام باعوها تطايرت مع اشلاء بمفخخات وتفجيرات ومهجرين ومهاجرين…

لنقف أحتراما الى العراق وننتخبه هو، لا من تمسح به وطنيةًً بمسميات اسلامية او علمانية او ليبرالية… فقط ننتخب العراق… وإذا تساءلت أين اجد العراق؟؟

أقول لك: إنه في ضميرك الحي .. مالم يكن ميتا او مباع الى من يدفع أكثر.

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *