عجيب أهل الأنبار .. تسبّون المالكي ؟

عجيب أهل الأنبار .. تسبّون المالكي  ؟
آخر تحديث:

 

 طلال الصالحي

فشل الاسلام السياسي في كلّ شيء , وصلوا السلطة “بقوّة دافعة” لسدّة الحكم لكنّهم فشلوا فشلاً ذريعاً في إدارتهم للبلدان الّتي حكموها وفقدوا السيطرة أمنيّاً واقتصاديّاً وسياسيّاً  فيها , والسبب الرئيسي هو حيويّة هذه الشعوب , في مصر مثلاً مع أنّ الحزب “أخوان المسلمين” الّذي يمتدّ تاريخ تأسيسه إلى ما ناهز القرن ويُعتبر من أكثر الأحزاب الّتي ترفع الشعارات الاسلاميّة تنظيماً وخبرةً في الحكم  هوى بهم الكرسي فجأةً للقاع , وهو مؤشّر صارخ على استحالة تكييف الدين في مقتحمات السياسة , وكذا بقيّة أنظمة الحكم الدينيّة ,  فمنهم من سقط بعد أشهر ومنهم أدخل البلاد في كوارث يوميّة كالّذي حصل بالعراق , ومنهم في طريقه للسقوط بانتظار عدّة عوامل سياسيّة عربيّة ودوليّة يتوقّف عليها جميعاً الحصاد النهائي لما يجري في سوريّا لانطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقّى من هذه الأحزاب .. في العراق تمزّق شمل أحزاب مؤتمرو “قمّ” الشيعيّة بمختلف توجّهاتها و”السنّيّة” بمختلف صنوفها ومنها “سلفيّة” ! كلن ذلك قبل الاحتلال ولمؤتمرين فيها , وقبل سقوط “الكعكة” بأيديهم أي قبل أن تخطفها أفواه “الدعوة” من أفواههم .. تفرّق الجمع المؤمن بعد الاحتلال واتّجهوا كلٌّ إلى وجهته بعد أن استولى الدعويّين على الحكم بما لم يتركوا لبقيّة شركاء الدرب سوى الفتافيت , فمنهم من أركن نفسه في زوايا النسيان ومنهم من هرب خارج العراق أو إلى اطراف شماله “كردستان” , ومنهم من مارس نشاطات سياسيّة بطرق مختلفة ومنها افتتاح فضائيّات سياسيّة .. لم تستطع فضائيّة “الرافدين” وصاحبها أحد المتديّنين المشتغلين بالسياسة والهارب بجلده من قبضة المالكي الطائفي استثمار الفرصة الاعلاميّة السانحة الّتي واتت قناته للانتشار عربيّاً وليس داخليّاً فقط , ولربّما عالميّاً , خاصّةً وقد انحصرت أخبار ما يجري غرب العراق من حرب دامية لا تقلّ دمويّةً وتحشيداً عن أيّام الملاحم ضدّ الجيش الأميركي في الأنبار والّتي شكّلت للجيش الاميركي عقدة أعمق بكثير نفسيّاً ومادّيّاً وإعلاميّاً من عقدة فيتنام , خاصّةً إذا ما علمنا أنّ الجيش العراقي هذا أعدّته وأسّسته أميركا نفسها ودرّبته على القتال بطريقتها هي فبدا وكأنّه جيش ضلّ أميركي يخوض حرب ثأر نيابةً عن الجيش الأميركي الأصلي ! .. فرصة “الرافدين” أنّها اليوم الفضائيّة الوحيدة الّتي تنقل بشكل مُلمّ إلماماً واسعاً من ما يجري في الأنبار رغم ما تنقصها من حرفيّة في عرضها للمشاهد , فالكثير من العرب يتشوّقون لمعرفة مجريات ما يجري من مواجهات دامية في هذه المحافظة المبتلاة , ولعلّ الفرصة الّتي سنحت لهذه الفضائيّة هي جنوحها المستمرّ باتّجاه “مائل” طيلة مسيرتها , وبما أنّ الحرب في الأنبار تبريراتها هي الأخرى مائلة أيضاً , فكان على الفضائيّة استثمار هذه الفرصة بعد أن أصبحت الظروف تحرص فيها أطراف مساهمة في العمليّة السياسيّة الابقاء عليها دون إغلاق بالضد من رغبات الجهات الّتي لا تريدها بوضعها الحالي أن تستمرّ , ولعدّة أسباب معقّدة ومركّبة سياسيّاً واجتماعيّاً وظرفيّاً , فجميع الفضائيّات العراقيّة الأخرى بما فيهنّ “البغداديّة” وكذلك العربيّة لظروف معقّدة سياسيّاً هي الأخرى من الصعب عليهنّ الخوض في هذا المضمار وفتح أبواب فضائيّاتهم على مجريات مدن الأنبار وعلى القتال الدائر الّذي يجري فيها مثل ما استطاعته الرافدين , إذ أنّ هذه الفضائيّة من خلال اختلال التوازن الواضح الّذي وقعت فيه بين قوّة حرارة الأحداث وسعيرها وشراستها وبين طريقة عرضها لهذه المتواضعة جدّاً عبر شاشتها فظهر لنا على انّ هذه الفضائيّة ينقصها الكثير لشدّ انظار المشاهد العربي الّذي تعوّدت عينه على التفوّق التقني والحرفي في العرض , كما وأهمّها فقدانها المرونة في طرق عرض المواضيع الملائمة لمثل هذه الحالات كما ولم تعمل على حشد النخب من المحلّلين ذوو الاختصاص لإيصال المصداقيّة لأبعد مدى علاوةً على ما تنشره من نتائج لمعارك يهمّ الجميع متابعتها كان عليها تقديمها بمكمّلات ملائمة تحتاج الكثير من العناية بما يبرز المسارات الرئيسيّة لمجريات الحرب وبما يرفع حالة التأثّر أكثر خاصّةً فيما يتعلّق بالضحايا من المدنيّين ,  كما يجب عليها الاقلال من الأناشيد , إذعليها الابتعاد قدر المستطاع عن طابع الاعلام العراقي أبان حرب الثمان سنوات , وأن تخرج من عباءة الدين سياسي لأجل الاقتراب أكثر من الموضوعيّة الاخباريّة وترك التشنّج الديني الّذي انعكس بالسلب في الطابع الاخباري وطريقة عرضه التقليديّة فالسلوك الاعلامي النقي ليس شرطاً يُرفع فيه الآذان ! فمكبّرات الصوت من مآذن المساجد والجوامع الشاهقة تملأ أصواتها أركان لبلدان رفعاً للآذان في كلّ حارة وحيّ وشارع في كلّ وقت من أوقات الصلاة ! إذ أنّ المغالاة في هذه الأمور بمرور الزمن تصبح منفّرة من التديّن بدل العكس .. لوبعض ما يخدش وظيفة هذه القناة نجد أحياناً وقد اتّخذ بعض  أهل الأنبار من هذه القناة منبراً لسباب اركان النظام الحالي وقد نال المالكي منها حصّة الأسد ! وأغلبهم محقّون تملأ الحرقة قلوبهم من هذا الحاكم الأهوج المتسلّط .. وهنا نسأل أهل الأنبار جميعاً وليس هذا البعض فقط : أنّ الذنب ليس ذنب المالكي , فالرجل يعترف يوميّاً ومنذ تسلّمه السلطة انّه رجل حكم طائفي وانّه “ما ينطيها” , والرجل صادق في هذه ولم يخفي نواياه هذه يوماً , إنّما الّذي يجب أن يشتم أو يًسبّ , رغم أنّها سلوكيّات العاجز عن ممارسة آدميّته , هم سياسيوّهذه المحافظة وصحواتها الّذين زيّنوا للمالكي قتل أهلهم وتحالفوا لأجل ذلك مع المالكي وبكلّ حرص وإصرار ! , فكما أنّ دول الجوار “السنّيّة” الّتي تدّعي العروبة ومنها دخلت جيوش غزو العراق ومنها استمرّ طيران بوش يقصف العراق 13 سنة ! هي من يوجّه لها الاتّهام في دمار العراق لا إيران , فكذلك يجب على الانباريّين توجيه اللوم والاتّهام من سفك لدماء أبنائهم ل “السنّة” أوّلاً قبل رئيس الوزراء , فلولا هؤلاء لصوص السياسة والمال لما وجد المالكي له موطأ قدم في الأنبار يفشّ فيها غلّه الطائفيّ الأتابكيّ الأصفر بدماء أبنائها ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *