في عيدك الاول من ايار لازالت المصانع متوقفة وتباع خردة … بقلم مثنى الطبقجلي

في عيدك الاول من ايار لازالت المصانع متوقفة وتباع خردة … بقلم مثنى الطبقجلي
آخر تحديث:

حل بيننا اليوم عيد الاول من ايار ، عيد الشغيلة والعمال العالمي، كنا وكان العراق منذ ستينات القرن الماضي يحتفل بهذه المناسبة عيدا تعطل فيه كل المصالح الرسمية وشبه الرسمية ونستذكر به صدى هوسات كانت يرددها الشيوعيين في تظاهراتهم ايام زمان حيث ياخذنا التخاطر فيها الى عالم غير مرئي لوطن حر وشعب سعيد .. حتى سارت الدماء انهارا ..
وما هي الا اقل من سنة حتى صار هذا العيد محل تنافس واسقاطات البعض على البعض الاخر وانتقلت السياسة للمعامل والعمال فخربتها لان الكوادر النقابية فيها كانت تسيرها الاحزاب وبما تشتهيه السياسة ..وكان هولاء يجبرون على وقف العمل للخروج اما في مظاهرة او في استقبال رئيس دولة زائر ..ومر البعث سريعا في عام 1963 ثم عاد 1968 مركزا جهوده التثقيفية على العمال .. فاشغلوه بالاحتفالات الوهمية التي كان لها طابع ومعنى وبقيت احتفاليتها كما هي الان عطلة رسمية .. لكنها لم تعد تحمل اي معنى للاحتفاء بها ..؟
وبرغم ان العراق يسجل له انه كان من اكثر البلدان تمتعا بالعطل الرسمية وغير الرسمية والدينية والاحترازية، حتى كاد الامر ان تصل مجموع ايام عطله في السنة الى 155 يوما ..؟ وكانت الحكومات البعثية المتعاقبة وفي اكثر من مناسبة هي تشجع ايضا على استقبال ضيوف الدولة عبر دفع العمال للخروج في مراسم استقبالهم ، ولان عراق السبعينات شهد بعض الاستقرار بعد بيان 11 اذار ، فان سيلا من رؤساء الدول صار لا يكاد يمر يوما دون ان تشهد زيارة احد من الرؤساء وبخاصة الافارقة ،يزورنا بدعوة وغير دعوة ويقبض الثمن قروضا وُمنحا لازال بعظها للان لم يسترجع ..
وللامانة نقول ان الاستقرار والامن والامان واقعا ملموسا على ارض هو كان من يدفع حركة البناء في شتى المجالات وبخاصة اقامة المصانع ،و لاجل ذلك اقيمت الالاف منها وصار للطبقة العاملة وزنها ودورها ومكاتبها المهنية وثقافتها ودورها في بناء البلاد .. لكننا اليوم ومنذ عام 2003 عام الغزو ،ابتلينا بآفة الثلة المحيطة بالقيادة كما كانت تحيط بها من قبل ،توحي لها وتزور حتى تقاريرها لتشغلها لكي يعتمد عليها القائد الضرورة او السيد المختار ،هي اليوم مثل الامس وربما اكثر ترويعا ،تحيط به وتنفذ كل وسائله ووسائلها ان لم تزد عليها غطرسة وفوضوية وطائفية مقيتة افقرت البلاد واطفئت الاضواء في البيوت واغلقت المصانع .. واوقفت مداخنها فحلت البطالة..
في عيدك ايها العامل اليوم اوقفت المعامل التي كنا نباهي بها دول الجوار والعالم الثالث ،بانتاجها بل نهبت محتوياتها ولما لم يجدوا بُدا من من انهائها وفك ارتباطها من قطاع الدولة لضخامتها وفخامتها ، راح الوزراء والابناء والاحفاد وابناء الخؤولة الاوغاد وقادة المصيبة التي حلت بالبلاد يبيعون المصانع لاقربائهم وباسعار لاتعادل جزءا بسيطا من مما صرف عليها بعدما باعوا بغداد ….مصانع عملاقة في جنوب ووسط العراق بيعت للقطاع الخاص واي قطاع خاص انه قطاع النسيب والقريب والمولى الحبيب …. في عهدهم بيعت الطائرات المدنية كقطع غيار وبيعت اسلحة العراق لدول الجوار .. وما بقي الا الشامتين بنا هولاء الزناة ممن يغطيهم العار على ما فعلوا بالعراق ليل نهار ..يا للعار ..
وبعدما جرت الدماء انهارا في العراق منذ مطلع 2005 انسلخ عشرات الالوف من هولاء الشغيلة تدفعهم الحاجة واحتياجات الحياة اليومية وهوس طائفي كان يفرز خنادقه لتصبح اعداد هائلة منها تحت لافتة هذا او ذاك مليشيات ونسوا العمل والعمال وصاروا براغي في اجهزة الدولة شرطة وجيشا ومليشيات وحرس خاص ..وبدخولها عوالم الكاتم والمفخخات المظلمة انهار القطاع العام وصار لقمة للسارقين واللصوص وقادتهم فبيعت الكثير من المصانع وخاصة العسكرية كحديد خردة ..؟ حت ان حراس الحدود مع ايران امسكوا من كان يهرب خطوطا انتاجية كاملة للمصانع الحربية كاملة لايران وغيرها..
و اصبح الرهان على الانسان كيف يميتونه وجعا ظلمة جوعا وعريا وبطالة واقصاء وفرزا ،فما عادت لنا شغيلة بتلك المواصفات حتى نحتفي بيومها ولاجل ذلك اختلقوا الحروب الاهلية واخترعوا الموت على الهوية والطائفية ومن ثم صارت مصطبات العمال اهدافا مشروعة للقتلة من كافة الاتجاهات هذا يقتل حتى ربعه ويفخخهم لقاء دولارات لكي يتهم طائفة بعينها بانها من فعلت ذلك ،وذاك ينصب شراكا في السيطرات الوهمية ،ويبيعهم مع الشباب والطلبة وبينهم الذين ينتظرون النهار لكي يطعموا ابنائهم الجياع ،
فكثر القتل وكثر ازدراء حياة الناس وصارت الشغيلة ومن تبقى منها ،لاتفكر الا بكسب قوت يومها فارتفعت اسعار الايدي العاملة وخاصة في مجالات البناء والصيانة والزراعة والنقل ارقاما مهولة ،فارتفعت اسعار البيوت والاراضي ومعها ارتفعت اسعار مواد البناء وارتفع كل شيئ، لان الايدي العاملة دخلت لعبة احتكارات العمالة وطوئفة الدولة والسلطة ، فكان ان تردى سوق العمل واصبحت تتحكم به طوائف من ارباب العمل الطارئين تكتب ارقامها وتنتزع الاموال الحرام من الراغبين بالبناء او الفلاحة في الاراضي وفي تصليح وصيانة السيارات وكل القطاعات الحيوية المنفلتة ،بدون قيود تنظم اجورها واستحقاقتها ..
فكان ذلك كله اخلالا بالقوانين والاعراف ،واستغلالا فضيعا لمكانتها ولطبقة دفعت دفعا امام اعباء الحياة لكي تنخرط في المواجهة مرغمين اياها على اتخاذ ادوار هي ليست ادوارها .. مابقي من اصالتها الا قلة تحترم نفسها ،وتحترم ماكنة العمل ونوعية العمل وانتاجيته ،لكننا لليوم ومنذ عشر سنوات لم نلمس اي دور للطبقة العاملة او نقاباتها في كل مناحي الحياة ..اذن يمكن ان نقول انه ليس عندنا اليوم طبقة عاملة بالمفهوم المتعارف عليه ولا سبيل للمقارنة بينها مع طبقات الشغيلة والعمال في كافة البلدان…
اذن لاتحييوا هذه المناسبة ولا تحتفلوا بها ولا نريدها عيدا تتوقف به المصالح فوق ما هو متوقف .. لاننا لانملك اليوم حقا طبقة عاملة وانما طبقة اجاعوها فاصبحت وحشا كاسرا ينهش كل من يقترب منه طلبا بالعمل .. الغوا عطلة لاتستحقها ..فهناك شرائح في العراق صارت كبيرة تستحق ان تكون لها عطلة نستذكرها لمظلوميتها ومنها شريحة الايتام والثكالى فهم اكبر طبقة في عراق صار عراق الثكالى والايتام والمفقودين والمهجرين قسريا ..
ليكن ذلك اول القوانين التي يقرها البرلمان الجديد !! بشرط ان يلغي درزينة من الاعياد وفي المقدمة منها عيد الاول من ايار ..
كاتب مستقل من العراق
[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *