كيف ترك المالكي العراق؟ د. عمران الكبيسي

كيف ترك المالكي العراق؟  د. عمران الكبيسي
آخر تحديث:

شبكة أخبار العراق :ثماني سنوات نقدا وعدا حكم المالكي العراق حكما مطلقا، رئيسا للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة، ووزيرا للدفاع والداخلية والأمن القومي، وبسط سلطته على البنك المركزي، ولجنة والنزاهة، ومجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الاتحادية، والمفوضية العليا للانتخابات بالأقارب والمحسوبين ترغيبا وترهيبا، وعطل سلطة مجلس النواب ورفض الحضور للمسألة، وأصبح القائد المنظر، والأمر بالصرف، والحاكم بأمره.

لقد جنى العراق في حقبة المالكي من واردات بيع النفط ما يعادل أضعاف ما باعه العراق خلال 90 سنة من اكتشاف ثروته النفطية لارتفاع سعر البرميل ومعدل التصدير، فلا أحد يمكنه القول لم يسعفه الزمن، أو تنقصه الصلاحيات وقلة المال، فميزانية العراق السنوية تعادل ميزانيات مصر والأردن وسوريا واليمن ولبنان مجتمعة وعدد سكانهم مجتمعين نحو 170 مليون نسمة، بقدر سكان العراق خمس مرات، فما الذي فعله المالكي للعراقيين؟ وكيف ترك البلد؟  

بعد ثمان سنوات خرج المالكي مرغما لا بطلا، تاركا العراق كأفقر دولة في القارة السوداء، بالإحصائيات الرسمية الموثقة، مليون و250 ألف أرملة, بحسب وزارة المرأة. وخمسة ملايين يتيم بتقدير وزارة التخطيط. وثلاثة ملايين شهيد وفق وزارة الصحة  والطب العدلي، ونحو مليون مغيب مفقود بدعاوي مسجلة بوزارة الداخلية، وخرج الأمريكان وفي سجلاتهم120 ألف سجين ولدى حكومة بغداد وكردستان 340 ألف آخرين وازدادوا عددا بالسنوات التالية، وفي مديرية الجوازات خمسة ملايين طلب جواز سفر لمهجرين ومغتربين خارج العراق، وثلاثة ملايين ونصف مهجر في الداخل، وازداد عدد مرضى الايدز المسجلين بوزارة الصحة من 115 حالة قبل الاحتلال إلى 80 ألف.

وكان سجل المخدرات في العراق قبل الاحتلال نظيفا تماما، وتؤكد التقارير تفاقم تداولها اليوم بين الشباب بنسب مخيفة، مهربة من إيران. ويعيش 45% من العراقيين بمستويات فقر متدنية وثقتها وزارة حقوق الإنسان، فارتفاع حالات الطلاق لصعوبة الحياة الاقتصادية وللشحن والفرز المذهبي الذي استجد وتفشى بين الأسر من ذوي المذاهب المختلفة حتى فاقت نسبته75% من مجمل حالات الزواج، أما البنية التحتية فشبه مدمرة بالكامل لما أصابها من تدمير مبرمج من قوات الاحتلال والحكومات التي تلتها، وبسب شيوع الفساد وسرقة ما ينفق على المشاريع الجديدة وصيانة القديم منها، وتراجع مستوى التعليم والأساسي والعالي وبدأت بعض المنظمات كاليونسكو تفكر بسحب اعترافها بالشهادات العراقية.

وعلى المستوى الأمني  المرتبط بالسياسة للعلاقة الوثيقة بين التنظيمات الحزبية والكيانات الانتخابية والمليشيات التي دمج أفرادها في قوات الجيش والشرطة، ففي العراق 550  كيانا سياسيا بسجلات مفوضية الانتخابات، ونحو12ألف جمعية ومنظمة مجتمع مدني, بسجلات وزارة الداخلية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، و 126 شركة أمنية مسجلة بوزارة الداخلية لا تخلو من الارتباط بأجهزة مخابرات أجنبية، و50 ميليشيا مسلحة مرتبطة بالأحزاب بحسب وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ولجنة دمج الميليشيات، أما الفوضى الإعلامية، فبلغ عدد الصحف الصادرة والمتوقفة 250 صحيفة، و70 محطة إذاعة، و50 قناة فضائية تلفزيونية, موزعة على أقمار صناعية بعضها مرتبط بإسرائيل و12 شبكة اتصالات لاسلكية قيمة كل شبكة 12 مليار دولار مملوكة لقادة الأحزاب والسياسيين داخل الحكومة كالطالباني والبرزاني والحكيم والجلبي، وأكثرها ممول بطرق مشبوهة، والمرجع سجلات نقابة الصحفيين وهيئة الأعلام والترددات.

ويخدم في جهاز الدولة العراقية عشرات الآلاف من حملة الشهادات العامة والجامعية والعليا المزورة مسئولين ضباط ونواب ومديرين عامين وحزبيين قياديين والعهدة على هيئة النزاهة، وأحتفظ لنفسي بأسماء 450 أستاذا جامعيا بمختلف الاختصاصات اغتيلوا،  و500 خطيب جامع وأمام ومؤذن اغتيل وفجر مسجده او صادرته جماعات أثنية أو أقفل. وعد العراق عام 1977 الأول عالميا بمحو الأمية باعتراف اليونسكو، واليوم ويعاني العراقيون قلة المدارس والمقاعد وسوء حالا. أما جهاز الدولة الإداري والمالي فيسود هياكله ومفاصله فساد كامل، وهناك نحو 200 إلى 250مليار دولار لا يعرف مصيرها، وانتشر الابتزاز والاحتيال مجمل مؤسسات الدولة، وتقارير منظمة الشفافية العالمية تصنف العراق على رأس قائمة الدول التي ينخرها الفساد، وينعدم فيها الأمن، وأسوأ المناطق للعيش، وقد استشرى فيه الاحتقان الطائفي والعنصري والطبقي فكثر الخطف والقتل والاغتصاب على الهوية، واغتصبت الأحزاب وكبار المسئولين 12 ألف  دار سكن وبناية خاصة ومقر رسمي وناد وشغلتها بلا مقابل. أما السرقات النفطية وبيع الأراضي الحكومية المطارات والمصانع والبساتين والشواطئ والآثار فحدث ولا حرج.

هذه هي مكاسب السيد المالكي التي يريد أن يكافئ عليها بحصانة من حبل المشنقة، واسترجاع الأموال المنهوبة، ويريد منصبا سياديا قياديا يتبختر فيه أبو احمد ويكمل المشوار، فهل عفا عن طارق الهاشمي والبعثيين من الملاحقة والاجتثاث؟ أم نسى قسم رسول الأمة، “والله لو أن فاطمة بنت رسول الله سرقت لقطعت يدها” وليس حزب الدعوة، فمن العدل كما دان غيره يدان, وإلا كأنك يا أبا  زيد ما غزيت، والساكت عن الحق شيطان أخرس.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *