لن تعود المياه الى مجاريها إلا بازالتها للمعوقات … بقلم مثنى الطبقجلي

لن تعود المياه الى مجاريها إلا بازالتها للمعوقات … بقلم مثنى الطبقجلي
آخر تحديث:

الدعوة التي وجهها رئيس وزراء العراق نوري المالكي للدول المجاورة ،لانهاء عشر سنوات من القطيعة والخلافات السياسية إنما تنبع من قراءة واقعية مريرة لمستجدات الاحداث المؤلمة التي مرت عليها المنطقة العربية وكان ضحيتها الانسان العراقي تحديدا ..
ولعل الاستعداد غير المسبوق الذي ابداه السيد المالكي لزيارة السعودية واستقبال اي مبعوث منها لانهاء الخلافات بين البلدين مُدخلا جديدا في القراءة الواقعية للحدث عربيا كان ام عراقيا .. المالكي كان ابدى استعداه لزيارة السعودية كما عبر عن استعداده لاستقبال وفد سعودي ،لو كانت هناك مشكله على حد قوله كي ننهي الخلاف..؟ . وبينها مشاكل حدودية واختراقات وتهريب سلاح وعتاد ورجال ومخدرات ،
او حينما قدمت طائرة سعودية مسيرة من دون طيار من الاجواء السعودية وطارت فوق محافظة المثنى فاعتبرتها بغداد خرقا للسيادة الجوية العراقية ،وهي على ما يبدوا انها ضمن محاولة سعودية للدفاع عن النفس امام زيادة هائلة في انشطة تهريب المخدرات يمارسها عراقيون يزرعون المخدرات في جنوبي العراق ،نيابة عن مهربين ايرانيين يستخدمون هذا الغطاء التدميري للروح على غرار ما فعلته طالبان افغانستان..

هذه الدعوة كانت سبقتها دعوة لتركيا ولرئيس وزرائها رجب طيب اردوغان لاعادة اللحمة لعلاقات الجيرة التاريخية التي شابها تهتك في نسيجها الاقليمي جراء مواقف وممارسات مخطئة في العلاقات الثنائية وخلل واضح في اواصر الجوار وصلت الى حدود انتهاك السيادة الوطنية العراقية . كما مارسها بدون وجه حق وزير خارجية تركيا اوغلو حينما زار كركوك قبل اشهر ،وكانها زيارة لمدينة تركية ،
المالكي لم ينس ذلك قائلا ان هناك دعوة رسمية وجهت للوزير التركي وسيلبيها لاحقا .. اي بمعنى ان هناك انفراجا في غيوم العلاقات التي تلبد اجواء البلدين . وهي على ما يبدوا من ستمهد لزيارة رئيس الوزراء التركي العراق.
وبغض النظر عن الاهداف والدوافع غير المبررة التي اعتمدتها دول بعينها تحت مسميات وتسميات وتخريجات وتوصيفات تبقى العلاقات التي تحكم الدول هي علاقات حسن الجوار التي تسودها روح الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون بعضها البعض مقياسا ، تبقى مقياسا ثابتا لتقييم علاقات الدول الصديقة عن تلك العدوة او التي تضمر العداء ، وتمارس سياسة تهديم كل عرى الاخوة والمحبة والتاريخ بين بلدين متجاورين ..
في حديث تلفزيوني لقناة العراق الحرة عاود المالكي القادم للتو من زيارة عمل للولايات المتحدة عاود الحديث بلهجة متصالحة وعلى ما يبدوا انها جاءت وفق جملة نصائح امريكية ، كون العراق يحتفظ باسوأ العلاقات مع تركيا من جانب ومع السعودية من جانب اخر وكلتيهما لو اعاد العراق الدفء للعلاقات معهما ، كمرحلة اولى لكانت الحارة سرت في التضامن العربي ..
ومن ثم ستعود لها صبغتها الاخوية وليس مستبعدا ان يشهد المقبل من الايام انفراجا كبيرا في مستقبل التعاون المشترك بين البلدين.. لذا نجد ان كل المؤشرات الحكومية تبين ان بغداد قد اطلقت يد الحكومات المحلية لاعادة بناء الجسور مع تركيا عبر الشركات التركية وغضت الطرف حتى عن مسعى اقليم كردستان الذي اطلق العنان لمد انبوب نفط لتسويق نفط الشمال ونفط عين زالة عبر تركيا .
ولا يستبعد ان يعاود خط النفط العراقي االسعودي عمله مجددا .. وقد تكون عودته جزءا من سياسة سعودية لاعادة الغطاء العربي لقراراتها .. بعد سلسلة من المواقف التي انتهجتها مؤخرا للوقوف بوجه امريكا..
وليس سرا ان الدبلوماسية العراقية اخفقت في بناء جسور من التواصل مع دول الجوار على اسس من الاحترام المتبادل وعدم التدخل ،وتبعا لذلك ارغمتها الاحداث في العراق وقيام كتل واحزاب بعينها في البرلمان بمناوشات عاطفية مراهقة راح البعض من خلالها يتهم ويوجه اقذع السباب للرئيس التركي او خادم الحرمين ،ما انعكس على مجمل العلاقات وزاد من توتير الاجواء فوق ما عليه الان ،
تركيا لاعب اساس ودولة اقليمية لها مصالحها في العراق ويجب ان لانعطي لاحد الدور او ان نسمح ان يكون معولا في هدم عرى هذه العلاقات التاريخية ، حيث نشط التحالف الكردستاني لاستثمار تردي هذه العلاقات وضمن سياسة اضعاف الحكومة المركزية للمناورة بالمصالح القصيرة الامد وبمستقبل حزب العمال الكردستاني التركي لكي يقيم علاقات مصالح قوية مع تركيا ولكنها لن ترقى على الامد البعيد الى حجم العلاقات وبعدها التاريخي مع بغداد .
اقليم كردستان يقدم حاليا كل ما من شانه من المرغبات وحتى التنازلات لكي يبني علاقات منفردة ووطيدة على حساب الدولة الاتحادية ضمن حلم مستقبلي ان تكون كردستان ،جارة لتركيا بدلا من العراق ،مستغلة الازمة السياسية الخانقة التي تمر بها علاقات البلدين بعد لجوء نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ،اليها هربا من احكام اعدام خمسة صدرت بحقه على التوالي في العراق ..
اما السعودية فنحن نتهمها على الدوام بمناسبة او بدون مناسبة كلما توتر الوضع الامني في العراق ،بانها من ترسل لنا القتلة تحت مسميات الجهاد الاسلامي لزعزعة استقرار البلد حيث هناك الكثير من القتلة الذين فجروا العراقيين دون شرف وضمير وآخرين معتقلين ، قدموا من السعودية وهولاء لغاية الان نحن بحاجة الى تنظيم وتوقيع اتفاقيات تسليم المجرمين بين البلدين لكي ننهي ملفهم للابد وكذا الحال لملفات عراقيين محكومين او يحاكمون في السعودية….
لهولاء وهولاء نقول لو ان البلد كان حصنا حصينا للمواطن وشعر باطمئنان ولم يعان من سحق لطائفة او انحيازا لاخرى او تهجيرا طائفيا واسقاطا لحقوق الاخرين لما قدر هولاء المتصيدون في المياه الراكدة التي خلقتها مياه جوفية نازحة من شرق العراق لتكون امكنة يعيش عليها البعض وهم يتمترسون خلف خنادق طائفية لعينة ،ما عادت اليوم تفيد احدا في حكايات الدم العراقي المسفوح وطلبات الثار حيث الدم لايولد الا دما ..
لو احسنا حماية المواطن ولو قدمنا له ما يعينه على الحياة الصعبة من خدمات وسبل عيش كريم وقضينا على البطالة بتعميير معاملنا المهدمة وخلق فرص عمل واسعة من خلال قانون مجلس الخدمة الاتحادي ، وابتعدنا عن الطائفية المقيتة لكان العراق قفز مراحل الى الامام ..لكنهم هولاء وهولاء لايريدون له ان ينهض ..؟ بسبب جوانب التاثير السلبي التي تستخدمها دولا بعينها لزعزعة البلد بكامله لكي يضعف دوره الوطني والاقليمي .
ولان العراق محاط باعداء سواء اظهروا عدائهم علانية او انهم اضمروه او حولوه الى تدخل غير معلن عن طريق ارسال السلاح والعتاد والمتفجرات وحتى المخدرات فنحن اليوم احوج ما نكون الى اعادة تقييم شاملة لاتقف عند حالة واحدة مثل الكويت التي غامرنا معها وخسرنا امامها الكثير من اراضينا ومياهنا الاقليمية..
لا لشيء الا لكي نظهر للعالم باننا طلاب سلم اجوف قام على اساس تقديم تنازلات مهينة ..؟ فازوا وخسرنا وتلك الامثولة يجب ان لانستخدمها مقياسا في نجاعة دبلوماسيتنا لاننا نزلنا درجة من البند السابع للبند السادس .
ماهو المطلوب ونحن مقبلون على معركة انتخابية ستكون الفاصلة للبعض ،وطاردة للارواح الشريرة التي خيمت بدمويتها على العراق ؟..المطلوب اعادة النظر في علاقات العراق العربية والاقليمية وتحصين الجبهة الداخلية ووقف انتهاك المعايير الوطنية او الحث على سياسة طائفية واسقاط وجود الاخرين..
من هنا نبدأ العمل الجاد وبنفس جديد نرتقي به فوق كل القوانين والمفاهيم المتخلفة الجائرة التي حلت في تسيير امور الدولة حتى بدى للجميع ان العراق موشك على الانقراض وتحوله الى ثلاث دويلات هامشية .
وواضح جدا ان الادارة الامريكية قد افهمت الساسة العراقيين ومن خلال اتفاقية الاطار الستراتيجي ، انها لاتقبل ان يجر العراق الى حرب اهليه قد تُجر هي اليها وان مستقبل العراق لاتحدده طائفة واحدة وان الانسجام بين الشرائح الاجتماعية وعدم الغاء اي منها هو من سيمهد الطريقة امام اعادة بناء علاقات داخلية وعلاقات اقليمية..
من هناك جاءت دعوة المالكي مستفيدة عبر دروس تلقتها باجتماعات على مستوى كبار المسؤولين في الادارتين العراقية والامريكية ،او على الارض حيث الخروقات الامنية في تزايد والعبث المرافق للخطط الامنية ، أعجزها تماما في المحافظة على نزيف الدم العراقي . ست محافظات منتفضة قارب اعتصام اهلها على السنة ولم يؤخذ بارائها رغم ان عشيرة بالناصرية واجهت تعسفا نُصرت به من قبل الحكومة ..!! وفشلت كل الوعود التي قدمتها السبعية.؟ ،
وهي بحد ذاتها انتكاسة وطنية لامبرر لها الا في عقول البعض الذي يؤمن بنوايا باطنية وكان تشكيل لجان لحل المشاكل مثل اللجنة السباعية هي اكثرها تسويفية في طمر الحق والحاق الاذى بالتوافق الوطني وهذا يعيدنا الى مبدأ مهم علينا عدم الاضرار به وهو الثقة المتبادلة وتلك مسلمة باتت مفقودة لمن يريد ان يعيد اللحمة للنسيج الوطني العراقي… ابدأوا من هنا دولة الرئيس فانه خارطة طريق .. يرحمكم الله..
كاتب مستقل من العراق
[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *