مرة أخرى.. أنا و الرئيس أوباما!! .. بقلم الدكتور اياد كاظم جحيل

مرة أخرى.. أنا و الرئيس أوباما!! .. بقلم الدكتور اياد كاظم جحيل
آخر تحديث:

يظهر الرئيس الأمريكي باراك اوباما في هيبة الرجل الذي لا يجيد الموازنة بين قناعاته الشخصية و مسؤولية القرار خاصة عندما يكون قائد القوة الأولى في العالم، حيث يتصرف الرئيس اوباما بمزاج ” نصف الخطوة” رغم ما تلحقه من اساءة الى المتبقي من سمعة واشنطن في السياسة الدولية على وجه التحديد، والتي تمثل الوجه الأخر للهروب الى الأمام من العراق دون تحقيق الحد الأدنى من الوعود و التعامل السلبي مع المتظاهرين يوازي فشل الحكومة في تحقيق الأمن الانساني.

ورغم أنني من غير المناصرين لخيارات الحروب و الاحتلال و الغزوات التي باتت من الماضي، فاني و بالمقابل أكره بالفطرة تاجيل الحلول عندما يتعلق الأمر بعملية مصيرية تخص مستقبل انسان، فكيف سيكون الأمر معقدا و غير قابلا للاجتهاد اذا لامس سمعة الولايات المتحدة، التي كلما ترددت فانها تضع خطوة كبيرة باتجاه المشاركة في ” طمس” مستقبل تاثيرها في المنطقة و العالم، لذلك فان القضية لا تخص طريقة حسم الملف السوري بل في أسلوب تعامل الرئيس اوباما مع التحديات الدولية الأستثنائية، التي “يشوش” عليها بكل تأكيد الفشل في العراق .
وسكب الرئيس الأمريكي في خطابه الأخير الكثير من الملح على جروح المنطقة العربية، عندما غمز في عين للدفاع عن حقوق الانسان و احترام معاييرها بانتظار موافقة الكونغرس على ” ضربة وقائية” ضد قواعد ” محددة “في سوريا ، بينما يغض الطرف عن عمليات القتل و مصادرة الحريات و تردي الأمن و الخدمات في جميع الدول العربية التي أجتهد فيها الرئيس أوباما ولم يصيب، فما يجري في العراق لا يحتاج الى مناقشة اضافية أو المزيد من التوضيح و انتشار العنف المسلح في ليبيا يزيد من سوداودية المشهد في تونس بسبب تفشي التشدد على نطاق واسع، أما في مصر فالأمور واضحة بمجاملة الأخوان المسلمين مقابل محاربتهم في سوريا، انها فعلا سياسة اللامعقول الأمريكي، التي تدفع الشعوب ثمنها، لأن سيد البيت الأبيض لديه وجهات نظر”خارقة” في التأجيل و المماطلة و تسويف الحلول، التي سترمي بالدور الأمريكي خارج مراكز التاثير حتى داخل الولايات المتحدة!!
يعاني الرئيس الأمريكي من مزاج متقلب في الحرب و السلم، فمن ناحية يقول ان الحرب على سوريا لم تعد ميدانا للمساومات وفي أخرى يضيف أن احدا لم يسئم الحرب أكثر منه، فلا يكمل خطوة كينيدي و لايتعكز على عدم توازن مهمة بوش، فيما ينتظر المجتمع الدولي موقفا امريكيا لا يقبل التفسير الخاطيء، وبما يحافظ على التوازن في التحالفات الدولية وليس العكس، و بالنتيجة فأن القرار الأمريكي يعاني خللا كبيرا داخل البيت الأبيض، لذلك تكثر تسريبات القلق النفسية ، في وقت ” ينفش ” الطاووس الروسي ريشه و ” و يتبختر ” مزهوا بالتردد الأمريكي، بنفس الأسلوب الذي تعامل به مع فوضى السلام في أفغانستان و العراق و انحراف ” الثورة” عن مسارها في ليبيا و مصر قبل الأمساك بخيوط اللعبة من قبل المؤسسة المصرية التي اكتشفت تشابك مصالح تكتيكية مع الأخوان المسلمين، ما يكشف عن حسابات أمريكية مرتبكة في منطقة تستمد منها العزم الأقتصادي و الأمني.
وعندما يحرص الرئيس الأمريكي على الظهور في هيئة رجل السلام وهو يتحدث عن الحرب بصحبة “صقورالأمس”، فانه يرسل أكثر من اشارة في اتجاهات غير صحيحة، أهمها أنه مجبر على الخيار العسكري وليس مقتنعا به ،ما يبعث القنوط في عقول المخططين و المنفذين و ينسحب سلبيا على ثقة الحلفاء بمركزية القرار الأمريكي و خيارات المؤسسات المختصة، بعد اشهر قليلة من مغامرة ثقيلة النتائج في ليبيا، ما يكشف عن أزمة قرار أمريكي غير مسبوقه، تتعدى في تحدياتها الأختلاف في الفهم المتوارث بين المزاج الديمقراطي أو الجمهوري، فهي تهدد هذه المرة سيادة القرار الأمريكي و درجات التاييد له أو مباركته ، وبما أدخل الشرق الأوسط في مستنقع المفاجئات ، ذلك لأن الرئيس أوباما ما زال في دائرة ” رعاة البقر”، التي وصف بها سياسات سلفه جورج بوش عام 2008 ، لكنه لم يحلم برئاسة ” أمبراطورية” أمريكية لذلك ” تداخلت أولوياته الشخصية مع المصالح العليا فحدث الطوفان، الذي سيمحي من الذاكرة العصا الأمريكية الى حين!!

ويتحمل الرئيس أوباما المسؤولية المباشرة في تأزيم الوضع في الشرق الأوسط و العالم من خلال السير على رؤوس الأصابع، فيما الأوضاع بحاجة الى هرولة متسارعة، لايقاف حمام الدم المظلم في العراق و منع هيمنة التشدد على مزاج الشارع في المنطقة ، والمحافظة على تحالفات تقليدية بدلا من القفز شمالا و جنوبا على غرار خسارة واشنطن الذراع البريطانية في سوريا و التلويح بالدور الفرنسي المعارض أصلا للتمدد الأمريكي في منطقة كانت عنوان هيمنة باريس الدولية، و الموقف من العراق ليس ببعيد، ما سيعجل بغياب حلفاء اخرين لأن الرئيس اوباما يراهن على سياسة ” نصف الخطوة” و” أهمال” الشعب الأمريكي لملف العلاقات الخارجية، اذا لم ” تلدغ” تداعياته حساباته المصرفية بشكل مباشر، حيث لم يضبط الرئيس أوباما ساعة التحديات الدولية مبكرا، لذلك يبذل ما فوق طاقته في الدقائق الأخيرة لفرض الحلول في ماراثون غير متافيء في الأمكانيات ،خاصة و أن القرار الأخير يبقى بيد الرئيس، ما يستدعي قراءة أمريكية مستعجلة تمنع انزلاق المصالح و التحالفات الى المجهول، و لكي لاتجد واشنطن نفسها بين المراقبين على التل مثلما يحصل في العراق و مصر والبقية تأتي على وقع تردد الرئيس أوباما!!منذ استعجل الانسحاب غير المدروس من العراق ليضع مستقبل المنطقة على كف عفريت يزداد اتساعا يوما بعد آخر!!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *