هل حان وقت تقسيم ألعراق..؟

هل حان وقت تقسيم ألعراق..؟
آخر تحديث:

 

  عبد الجبار الجبوري

يصوت الكونكرس الامريكي اليوم ،على مشروع قرار امريكي،يجيز التعامل مع السنة والكرد كدولتين منفصلتين دون الرجوع لحكومة بغداد في حين طلبت حكومة العبادي من طهران ان تساعدها في حفظ الامن والاستقرار ،اثناء الزيارة المليونية (هناك 3 مليون زائر ايراني للعراق)، وترسل حرسها الثوري وفيلق القدس لتامين الزيارة ،لعدم استطاعة حكومة العبادي ضبط الامن في العراق وعجزها عن استتاب الامن والاستقرار اثناء الزيارات المليونية ، هذا المقال يلقي الضوء ،على قراري الكونكرس الامريكي وحكومة العبادي ،اسرارهما وتداعياتهما على مستقبل ألعراق وخطرهما على وحدة وسيادة العراق،التي صدعت رؤوسنا حكومتا اوباما والعبادي، بالحفاظ على وحدة وسيادة العراق بكل تصريحاتهما منذ سنوات ، ولماذا يختار الكونكرس هذا الوقت للتصويت على  قرار التقسيم في ادق واعلى واخطر مراحل الصراع في المنطقة مع تنظيمات الدولة الاسلامية داعش ،لذلك يمكن لنا تفسير هذا التوقيت على انه اعلان لهزيمة  قاسية للإستراتيجية الامريكية  في ألعراق وفشلها عبر عقود من ألاحتلال والدعم لعملية سياسية فاشلة وحكومات فاسدة ،من ان تؤمن الاستقرار والأمان في العراق وتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية ، لذلك وصلت ادارة اوباما الى حقيقة يجب فيها ان تعلن الصفحة الثانية من صفحات الاحتلال إلا وهي تنفيذ مشروع بايدن التقسيمي ،الذي اعده جوزيف بايدن قبل الاحتلال،والذي يأتي في لحظة تاريخية حاسمة اصبح العراق فيها مفككا ومقسما دون ان تحتاج ادارة اوباما ان تعلن تقسيمه  وتصدر قرارا لمن الكونغرس لذلك وهذا احد اهم اسباب فشلها ونتيجة له ، بعد ان اصبح العراق ساحة للصراعات الدولية والحرب الاهلية الطائفية وتصفية الحسابات الاقليمية ،اضافة الى الصراع الداخلي بين الاحزاب والكتل السياسية وفشلها في قيادة البلد وإخراجه من محنة الطائفية ، والتدخلات الاقليمية والدولية ،فوقع في شراك التقسيم دون ان يستطيع احد ان لا يعترف بهذا التقسيم الواقع على الارض ،كنتيجة من نتائج الصراع السياسي والطائفي داخل العملية السياسية والأحزاب الطائفية التي تدعمها ايران ،لذلك لابد لأمريكا ان تمارس وتداري فشلها هذا بإجراءات اكثر فشل واخطر من اخطائها وهي توغل في الهزيمة السياسية ،في مواجهة الهيمنة والسيطرة الايرانية على السلطة في العراق ،بعد انشاء الحشد الشعبي المكون من الميليشيات الايرانية وعددها(58) ميليشيا بتسليح وتوجيه ودعم ايراني معلن  ومباشر ،بفتوى دينية من مرجع النجف السيد علي السيستاني ، وهي فكرة ايرانية اعلنها نوري المالكي بنفسه، للوصول الى قيام الحرس الثوري الايراني المماثل لحرس ايران ألثوري اذن اصبحت هناك سلطتان في العراق سلطة بدعم وتوجيه امريكي يقودها حيدر العبادي والكتل الاخرى الممثلة بالأكراد واتحاد القوى ،وسلطة اخرى اكثر قوة وهيمنة ولها جيش اقوى من الجيش العراقي ،وهي سلطة الحشد الشعبي الذي يقوده من وراء الستار نوري المالكي وهادي العامري وأبو مهدي المهندس ،بإشراف عام من قاسم سليماني ، هذا هو المشهد الان في ألعراق وبما ان سلطة الحشد ودولة الميليشيات بالحشد الشعبي ،هي من يقود العراق وسحبت البساط من امريكا ، وأصبح يشكل عبئا ثقيلا على امريكا وخرج من سيطرتها تماما فأنها لجأت الى خيارات اصعب ، للسيطرة على بقايا ألعراق لان العراق من وجهة نظرها هو ثلثه تحت سيطرة داعش،وثلثه الاخر تحت سيطرة الأكراد والباقي تحت سيطرة الميليشيات الايرانية ، فأين العراق الواحد ،فلجأت لحفظ ماء وجهها امام العالم ان تصدر قرارا تتعامل فيه كثلاث دول مستقلة دون الرجوع الى حكومة ألمركز للسيطرة عليه وهو مقسم،بعد ان فشلت في السيطرة عليه وهو موحد، فهل تنجح بعد كل هذا ألفشل وهي تتعامل مع السنة (كدولة ) ومع الاكراد(كدولة ) ومع الشيعة (كدولة )، فبالتأكيد لن تنجح وستفشل ايضا وسترمي قرار الكونغرس في سلة المهملات ويذهب الى مزبلة التاريخ ، لسبب بسيط ،هو ان كل ما فعلته امريكا في العراق لم يكن بإرادة ألعراقيين وإنما بإرادتها  وإرادة من جاءت بهم وأوصلتهم للحكم على رقاب ألعراقيين والدليل ما اعلنته الجماهير وأثبتت قولتها الفصل ان العراق يرفض التواجد الامريكي والإيراني واحتلالهما معا للعراق ، والشعارات التي اطلقتها حناجرها كافية للدوس على قرار الادارة الامريكية والكونغرس الامريكي ، فكل قرار لا يستند الى ارادة الشعب هو باطل ، كما هو الاحتلال الامريكي وحكوماته باطلة ، وأبطلها شعب العراق بوعيه وصبره وتضحياتها ألاستثنائية وقبل التهجير والقتل والنزوح وقدم على مذبح الاستقلال والتحرير ملايين الشهداء ، ليقبل بتقسيم مفروض عليه تقسيم طائفي يرفضه ويفشله كل يوم ، بكل تأكيد سيصدر قرار امريكي يمثل تقسيما للعراق على اسس طائفية ولكنه سيبقى حبرا على ورق ولا يتعامل معه شعب ألعراق وربما سيتعامل معه السياسيون والأحزاب ويلقى ترحيبا ايرانيا وإقليميا ، ولكنه سلقى رفضا شعبيا وجماهيريا قاسيا يدمغه الى الابد ، وان ارادة العراقيين هي من سينتصر في الاخر عندما تركن الادارة الامريكية وتصحو من غفوتها وتجاهلها لسلطة وسطوة وإرادة الشعب العراقي العظيم الرافض لتواجدها وقراراتها كما هو رافض لتواجد وميليشيات ايران ، والمسألة هي وقت لا غير طال ام قصر ولا خوف على العراق ابدا من التقسيم لأنه سيلقيه العراقيون في مزابل التاريخ ، هذا من جهة ،ومن جهة اخرى ومن خلال فشلها الامني والسياسي وضعفها المخزي والمخجل طلبت  حكومة العبادي من ايران ان تؤمن الزيارة المليونية في العراق من خلال التدخل العسكري للحرس الثوري وتامين الوضع الامني للزوار من الحدود العراقية الايرانية الى كربلاء،بحجة تهديدات داعش وخوفا من التفجيرات،ولم يسأل العبادي وأحزابه الايرانية ،ان هذا الاجراء الخطير هو تدخل عسكري لا يحمل قانونية دستورية وموافقة مجلس النواب ، وهو خرق مخزي للسيادة العراقية التي يتبجح بها العبادي والأحزاب الايرانية الحاكمة ، والتي اصبحت نكتة يتداولها الاخرون لفضح الحكومة وأحزابها، لاسيما وان سماء العراق وسيادته اصبحت مباحة ومستباحة لروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل وفرنسا  وللصواريخ الروسية والفرنسية وغيرها، وهكذا تؤكد حكومة العبادي تبعيتها لإيران ، واعترافها بفشلها في تامين حياة زوارها وشعبها، ورأينا كيف اصبح الاحتلال الايراني واقعا في المشهد ألعراقي فتواجد الحرس الثوري وفيلق القدس والميليشيات التابعة له في جبهات القتال مع داعش ،جنبا الى جنب مع الجيش،بل هي من يقود ألجيش اضافة الى سيطرة ايران على القرار السياسي ،وان اي ازمة لابد لإيران ان تتدخل وتحلها بنفسها(قضية طوز خورماتو)وغيرها من الازمات مع الاكراد وغيرهم،وهذا ما يؤكد ايضا سطوتها وتفردها في  قيادة العملية السياسية بكل كتلها ، ناهيك عن السيطرة الكاملة على المحافظات الجنوبية دينيا ومخابراتيا وسياسيا ، وتواجد غير مسبوق للإيرانيين في دوائرها ، وحتى عمال البلدية وسياراتها التي كتب عليها (بلدية طهران)، والصور الشخصية لرموز ايران مثل خميني وخامنئي والسيستاني وغيرهم، ويحدثوننا اهلنا في الجنوب عن التواجد الايراني هناك ويقولون انك حين تمشي فيها فانك تمشي في إيران وحتى التعامل(بالتومان الايراني) قائما هناك،اضافة الى الزي الايراني المنتشر وخاصة كربلاء والنجف والبصرة ، فماذا بقي من العراق هناك انه العراق الايراني ، ولكن ايضا يبقى اهل الجنوب بوعيهم ووطنيتهم العالية وحسهم القومي اكبر من المشروع الايراني لتفريس ألعراق والمظاهرات التي ملأت شوارع العراق وجنوبه، وما اعلن فيها من هتافات ترفع رأس العراقيين ،وتؤكد الرفض العراقي الاصيل للاحتلال الايراني الفارسي ، وتعري العمائم الفاسدة وإسقاط اصنامها في وحل فسادها وتبعيتها لإيران ، وما قرار العبادي بالسماح لإيران بالتدخل العسكري بحجة حماية الزوار الايرانيين  ،الا فشل اخر يضاف الى فشلها في السيطرة على الاوضاع الامنية المنهارة اصلا ، حكومة العبادي تضيف هذا الفشل وسط هزائم امام داعش في القواطع وعاجز عن تحرير الانبار والموصل والفلوجة من سيطرة داعش ، فكيف  تعلن امريكا تقسيم العراق وثلثه تحت سلطة داعش ، وثلثه الاخر تحت سلطة الكرد والثلث الاخير تحت سلطة الاحزاب الطائفية ، فإذا اعلن التقسيم فان الاحتراب بين هذه الاطراف سيكون واقعا لا محال وبقوة وقسوة اشد وعندها تقع امريكا في فشل اعمق وورطة اقسى ، لذلك نقول ان وقت التقسيم سيتحقق سياسيا لإخراج امريكا من ورطتها ولكنها ستدخل حتما في النفق الاشد ظلاما لها بعد ألتقسيم….

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *