يوم للكرصة بقلم هادي جلو مرعي

يوم للكرصة بقلم هادي جلو مرعي
آخر تحديث:

 

يوم للكرصة

هادي جلو مرعي

لم أكن أعي لماذا كان أباؤنا يجبروننا على أن نجلس في البيت ولا نخرج الى الشارع ؟…ليو م كامل …..(الطنطل يفتر بالشارع لاتطلعون) عبارة وحدث مرا في حياتي فتره السبعينيات .  كانت الحكومات العراقية السابقة تأمر العراقيين بعدم الخروج من المنازل ليوم .وتتوقف الحياة في هذا اليوم الذي تعلنه الحكومة للمواطنين لغرض التزود بإحتياجاتهم إستعدادا لحدث ما فيه ويسمى (الكرصه) ويعود السبب في ذلك لقيام الحكومة بإجراء التعداد العام لسكان، أو لغرض التسنين وهو تقدير أعمار المواطنين الذين لا يملكون هوية أحوال مدنيه.. فهل حان الوقت لتخصيص أيام (للكرصه) ،للحفاظ على ما تبقى من العراقيين وإستعدادها للتعداد العام للسكان لتعرف كم تبقى منا …؟؟هذه رسالة من الشاعرة منى الهلالي وفيها توصيف للحالة العراقية الراهنة لكني أوجز الرد بالقول ، إن الكرص لم يعد مقتصرا على الإدارات الرسمية في الدولة بل تعداها الى تشكيلات وتصنيفات مختلفة ، ولكل منها أسلوبه وطريقته ونواياه . ولو إقتصر الكرص على التعداد العام للسكان، أو التسنين ، أو غيره من المناسبات التي تتطلب التعاون والإلتزام من قبل الفئات الإجتماعية المستهدفة بتلك الإجراءات فهو خير ولايكون مدعاة للقلق ، أو التذمر بإعتبار إنه حدث وسيمر ونتحمل تبعاته لفترة وربما لانتضرر بسببه ، لكن أشكالا للكرص تعددت وظهرت في توقيتات مختلفة ربما أشارت لها الصديقة الهلالي ،ولم تفصل في نهاية موجز رسالتها.أقول أيضا إننا لن ننتفع من كل أنواع الكرصات فالحكومة لم تقصر في منحنا العطل الرسمية وغير الرسمية وبمناسبة وبغيرها ،من يوم الجمعة ومرورا بالسبت ثم تلاه الخميس بسبب الحر كما جاء في حيثيات قرار عد الخميس عطلة ، لنكتشف إن الحرارة في العراق لم ترتفع الى الحد الخطر كما في العاصمة بغداد ، بل فوجئنا بدرجات حرارة فيها شئ من الإعتدال على العكس مماكانت عليه في مواسم سابقة ..وهذا يعني إن العطلة الخميسية إنما تجئ للحفاظ على أرواح المواطنين من أنواع التفجيرات التي تطال وتستهدف كل ماهو قابل للحركة والسكون في العراق.المحاربون في العراق بلا شرف ولاضمير ولادين ولاهوية، فحتى التبريرات الدينية غير مقنعة على الإطلاق ولم تعد تنطل على أحد ،إذ لايمكن قبول فكرة إن التفجير والقتل المروع هو طريقة مثلى لإرضاء الرب وكإنه رب الدماء والقتل بحسب شريعة القتلة والمجرمين الذين إستحلوا كل شئ ولم يستثنوا شيئا إلا ووجهوا له ضرباتهم القاتلة والمميتة التي لم تترك له فرصة للحياة .لم تعد العطل مجدية فالصراع مرير، وهو ممتد وواسع ،ويتخطى الساحة العراقية الى ساحات صراع مجاورة صارت تتداخل فيما بينها لتوفر آلاف أشكال الموت لشعوب الشرق العربي دون تردد ، ودون حسابات ، ودون شفقة ، أو رحمة حتى ليبدو إن القتلة هم آلات صماء كتلتك المستخدمة في مصانع تحضير اللحوم .

 

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *