بغداد/شبكة اخبار العراق- تحول دخول قوات تركية إلى مناطق في شمالي العراق، إلى أزمة في العلاقات بين حكومتي البلدين .وأثار إرسال القوات التركية، موجة استياء واضحة في العراق على المستوى الرسمي، إذ صرح مسؤولون عراقيون إن دخول فوج مسلح من القوات التركية إلى محافظة نينوى في شمال البلاد، يعتبر “خرقاً لسيادة العراق”، داعين إلى الانسحاب الفوري للوحدات التركية.ووصفت وزارة الخارجية العراقية، الانتشار التركي الأخير بأنه “توغل”، ورفضت أي عملية عسكرية لا يتم تنسيقها مع الحكومة المركزية في العاصمة بغداد، “ما يعتبر خرقاً خطيراً للسيادة العراقية، ولا ينسجم مع علاقات حسن الجوار بين العراق وتركيا”.واستدعت بغداد السفير التركي لديها، للاحتجاج على نشر القوات، وطلبت سحبها فوراً، بعد أن اعتبر الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، نشرها انتهاكاً للأعراف الدولية والسيادة الوطنية، في حين أن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، اعتبرها “خرقاً خطيراً للسيادة العراقية”.وبدورها نفت أنقرة، توسيع عملياتها في شمال العراق، على لسان رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، الذي اعتبر المعسكر الذي تتواجد فيه القوات التركية (بعشيقة 30 كم عن الموصل)، “هو معسكر تدريبي أقيم لدعم قوات المتطوعين المحلية التي تقاتل الإرهاب”،وأكد أوغلو، أن “المعسكر ليس جديداً، ومخصص لتدريب العراقيين، والقوات تركية موجودة بناء على طلب من مكتب محافظ نينوى ، وبالتنسيق مع وزارة الدفاع العراقية”.ويرى مراقبون، أن دخول ما يقارب 600 عسكري تركي، و20 دبابة، استغل سياسياً، من قبل جميع الأطراف، ووظف في إطار الصراعات ما بين حكومة بغداد والحكومة التركية، التي تنسق مع حكومة كردستان ، وبالتحديد مع رئيس الإقليم مسعود البرزاني.وهناك من يقول ان موقف الحكومة العراقية من القوات التركية، إلى تعرضها “لضغوط داخلية من قبل بعض الكيانات الشيعية، ومن طرف إيران، التي تتحكم بمفاصل الدولة العراقية” لا فتة الى ان “العالم باسره شاهد صور قاسم سليماني وضباط إيرانيين آخرين يقودون معارك في العراق”. وأن “حكومة بغداد أرادت تضخيم المسألة، مع العلم أن وجود قوات تركية للتدريب يرجع إلى أكثر من سنة، وتمّ بموافقة حكومة إقليم كردستان ونوري المالكي، وأيضاً محافظ نينوى السابق ووزارة الدفاع العراقية”.وأكد “المتحدث باسم حكومة الاقليم كردستان، سفين دزيي، اعتبر دخول القوات التركية محدودة العدد، يدخل في إطار التعاون مع التحالف الدولي ضد الارهاب، لكن حكومة بغداد المركزية، تريد توظيف واستغلال هذه القضية في سياق خلافاتها مع حكومة الإقليم”.بحسب لمصدر عسكري تركي ، فأن إرسال القوات: “يدخل في إطار استبدال قوات تركية، موجودة منذ أكثر من عام في أربع مناطق مختلفة من إقليم كردستان ، وتنحصر مهمتها في التدريب، ضمن إطار مكافحة تنظيم (داعش)”. وأضاف المصدر، أن “مسؤولين في إقليم كردستان والبيشمركة، عبروا لنا عن امتنانهم وترحيبهم بعملياتنا التدريبة، التي ظهرت نتائجها الإيجابية عند استعاد السيطرة على منطقة سنجار، الشهر الماضي”.ويعتبر محللون سياسيون، أن العراق يتلقى مساعدات عسكرية من عدة دول، لكن حكومته اعتبرت على لسان رئيسها نشر قوات أجنبية برية على الأراضي العراقية “عملاً معادياً”، وذلك رداً على إعلان واشنطن ارسال مزيد من الجنود إلى العراق لتنفيذ عمليات ضد داعش.ويعزو بعض المراقبين الاستياء العراقي من دخول قوات تركية، إلى كون معسكر “بعشيقة” القريب من الموصل، يضم نحو ألفين وخمسمائة عنصر من “الحشد الوطني”، وهم رجال شرطة عراقيين سابقين، ومتطوعين من أبناء الموصل، ويتحفظ بعض المسؤولين العراقيين على اختيار تركيا لهذا المعسكر، بهدف تعزيز قواتها فيه، ما يعني توطيد علاقاتها بمؤسس الحشد الوطني، المحافظ السابق أثيل النجفي.وقد برر النجيفي، دخول القوات التركية إلى معسكره، بأن الخطوة العسكرية التركية تمت بموافقة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وبعلم رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري.وقال النجيفي، الاحد 6/12 “إننا نرحب بأي قوة تقدم لنا المساعدة الحقيقية لمحاربة داعش وطردها من الموصل، ووجود الدعم والإسناد التركي مهم وحيوي، لأنه يقطع عدة طرق على داعش ويعجل بتحرير الموصل، وتركيا قادرة على تحديد دورها من خلال التحالف الدولي”. ويبدو أن أنقرة، تحاول إرسال رسالة إلى حلفائها الغربيين، تفيد بجاهزية قواتها العسكرية، وجديتها في اتخاذ خطوات عملية، بالمشاركة في عمليات برية ضد “داعش”، من شأنها لفت أنظار الغرب إلى أهمية الدور الميداني التركي في العراق وسوريا، بالمقارنة مع الدور الروسي الذي يقتصر على توجيه الضربات الجوية، دون حضور فاعل على الأرض.