آخر تحديث:
بقلم:سمير عادل
في مرحلة إعادة تشكيل مشروع “الشرق الأوسط الجديد” تتسابق الجماعات الإسلامية لخلع عباءتها الطائفية وارتداء البدلة والربطة على الطريقة الأردوغانية، سعيًا للهيمنة على السلطة السياسية. فكما أُنزل أحمد الشرع بالمظلات التركية على دمشق، يتوهم الكثيرون ممّن صنّفوا أنفسهم في خانة “المعارضة” العراقية للسلطة الموالية لإيران أن بإمكانهم هم أيضًا أن ينالوا نصيبًا من الحظ، مثلما ناله الرئيس السوري الجديد، في ظل المعادلات السياسية الجديدة التي يجري رسمها في هذا “الشرق الأوسط الجديد”.
لا شك أن سلطة الإسلام السياسي الشيعي في العراق تمضي بالبلاد نحو تأسيس دولة استبدادية قمعية، سواء كانت بوصلتها متجهة نحو إيران أو بدأت تميل هذه الأيام نحو الولايات المتحدة، التي باتت صاحبة اليد الطولى في العراق والمنطقة بفضل تحالفها مع إسرائيل ومشروعهما المشترك المسمى “الشرق الأوسط الجديد”. ما نشهده اليوم، في ظل هذا الوضع السياسي، هو حملة اعتقالات سياسية متواصلة بحق كل من ينتقد السلطة القضائية أو الحكومة، عبر فبركة التهم واختراع تشريعات قانونية وفتاوى قضائية متهالكة، تحت عناوين عفا عليها الزمن ولم تعد تنطلي على أحد، مثل: “تضليل الرأي العام”، “نشر الفوضى في المجتمع”، و”تهديد السلم المجتمعي”. وقد كشفت قضية الدكتورة بان زياد، التي اغتيلت وأُغلق ملفها بدم بارد، عن هذا النهج الخطير، حيث رُفعت دعاوى كيدية ضد كل من انتقد قرار المحكمة بحجة “تضليل الرأي العام”. في حين أن من حق أيّ مواطن الطعن في القرارات القضائية والمطالبة بفتح تحقيقات جديدة. لكن الحقيقة أن السلطات السياسية العراقية، بكل أركانها القضائية والتنفيذية والتشريعية، هي التي تعمل على تضليل الرأي العام للتستر على الجريمة المنظمة والفساد.
ما صرّح به رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمام بعض ممثلات منظمات المجتمع المدني عن “حرص الحكومة على حقوق النساء” محاولة فاشلة لاحتواء الغضب الجماهيري تجاه ملف الاغتيال المذكور، وفي الوقت ذاته دعاية انتخابية، ومسعى لتغطية الصدع بين السلطتين التنفيذية والقضائية بعد التراجع عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.
في ظل الأجواء القمعية، من الطبيعي أن تخشى الأصوات المعارضة القمع والبطش، وتغادر البلاد لتشكيل معارضة في الخارج. غير أن ما نراه اليوم هو بروز جماعات وشخصيات تدّعي “المعارضة”، كانت جزءًا من العملية السياسية بعد غزو العراق واحتلاله عام 2003، وسجلّها لا يختلف عن سجلّ أحمد الشرع، الذي ادعى تمثيل المعارضة السورية. وقد سُلطت الأضواء الإعلامية عليها لتعلن عن تشكيل ما يسمى بـ”المجلس الوطني للمعارضة”، يقوده عبدالناصر الجنابي، النائب السابق وعضو جبهة التوافق “السنية” حينذاك، المتهم بتصريحات طائفية والتحريض على قتل أكثر من مئة شخص على أساس الانتماء المذهبي الشيعي إبان الحرب الأهلية عام 2007، وصاحب شتائم طائفية معروفة داخل البرلمان، لم يتمكن أحد من منافسته فيها سوى شخصين: النائبة حنان الفتلاوي، صاحبة معادلة “6 في 6″، التي قالت “إذا قُتل 6 من الشيعة فيجب قتل 6 من السنة،” والثاني نوري المالكي، الذي تزعّم قائمة دولة القانون، التي كانت الفتلاوي عضوا فيها، عندما صوّر قمع الاحتجاجات في المنطقة الغربية بأنه حرب بين الحسين ويزيد، ولقّب نفسه بـ”مختار العصر” تيمّنًا بالمختار الثقفي (1 هـ / 622 م – 67 هـ / 687 م)، صاحب شعار “يا لثارات الحسين”، الذي خاض تحت رايته حربًا دموية مع الأمويين من أجل السلطة، كما فعل المالكي في تصفية معارضيه السياسيين.
في منطقتنا، ليس غريبًا أن يتحول أمراء الحرب إلى قادة سياسيين، بل الغريب ألا يتحولوا. هذا ما جرى في لبنان بعد الحرب الأهلية، وما نشاهده في ليبيا، وقد تكرر في العراق. فمن كان يتصور أن أحمد الشرع، الذي رُصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لرأسه، ومطلوب للعدالة من قبل الجماهير العراقية والسورية، تُمحى جرائمه الجنائية ويُعاد تأهيله ليكون حاكمًا لسوريا بشرط ضمان مصالح الغرب، وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل؟










































