في كل فعالية ثقافية، تنفق ملايين الدنانير، وتسخر امكانيات كبيرة، من مرافق عامة وطاقات بشرية لأجل انجاح تلك الفعالية. وغالبا ما يؤدي القائمون على تلك الفعاليات خصوصا المهرجانات الشعرية، ادوارهم، لكن يبقى دور المدعوين من الشعراء والنقاد الذين بيدهم انجاح الفعالية من عدمها.مهرجان المتنبي الذي عقد مؤخرا في مدينة الكوت، وشارك به اكثر من 70 شاعرا، من مختلف محافظات العراق، شخّص مشكلة كبيرة تعاني منها الثقافة العراقية، لكنها مشكلة مسكوت عنها، لا يتم تداولها بشكل علني ورسمي، بل يتحدث بها، مثقفون على هامش امسياتهم وندواتهم، في حين انها مشكلة كبيرة، ولا بد مكاشفة صريحة بين الاتحاد وفروعه، حول الجدوى من اقامة تلك المهرجانات وتشخيص الاشكاليات التي تحدث اثناء انعقادها. مهرجان المتنبي ابرز مثال على ما نقول، فما قرأ فيه من نصوص، خصوصا تلك التي تليت على مقربة من ضريح المتنبي في مدينة النعمانية، مثّلت تراجعا كبيرا في الشعر، وكشفت عن وجود أزمة حقيقية في الشعر العراقي. فمن رداءة غالبية تلك النصوص، الى عدم الالمام بقواعد اللغة، وتجاوز العروض والوزن، واخطاء التنظيم، ساهمت كل تلك الأحداث بخلق فجوة بين الشعراء الذين هم انفسهم متلقون. فهناك شعراء اصبحوا محل سخرية للحاضرين، نتيجة لأخطائهم الفادحة.ونادرا ما سمع الحاضرون شعرا حقيقيا. وهنا لا يمكن ان يمر مهرجان المتنبي مرور الكرام، دون ان يراجع الاتحاد العام للأدباء والكتاب تلك المهرجانات، ويقيّم جدواها، مع خبراء متخصصين من اعضائه او من غير اعضائه. لا يمكن ان تمر حالة تشويه الشعر العراقي التي قام بها مجموعة من الشعراء في مهرجان المتنبي الأخير، دون ان يقول الاتحاد كلمته. رداءة ما قيل من شعر، غطى على جمالية التنظيم والاجواء الثقافية التي سادت على هامش المهرجان. ساهمت بإعطاء صورة مشوهة عن الشعر العراقي. كما لوحظ غياب شبه تام لقصيدة النثر والاتجاه الى الشعر العمودي، وهذا بحد ذاته يحتاج الى وقفة جادة من قبل النقاد وشعراء قصيدة النثر، للوقوف على اسباب تراجع قصيدة النثر والتقهقر الى العمود.نحتاج من الاتحاد الى اجابات حول كيفية ضمان عدم تكرار الاخطاء التي رافقت مهرجان المتنبي، التي تتمثل برداءة العديد من النصوص المشاركة. ولما كان مهرجان المربد على الأبواب، وهو يضم شعراء عرب واجانب، وفي حال بقاء الشعر على نفس مستوى ما قرأ في المتنبي، فهو يمثل اساءة بالغة للشعر العراقي العريق.لذا يفترض بالاتحاد واعضائه ان يجدوا حلا سريعا، والا الغاء المهرجانات الشعرية لحين ايجاد الحلول التي تضمن عدم القاء نصوص هزيلة وافساد ذوق المتلقي.