تمور العراق “تفقد هيبتها” أمام المستورد

تمور العراق “تفقد هيبتها” أمام المستورد
آخر تحديث:

بغداد – شبكة أخبار العراق: غزارة إنتاج التمور وتعدد أصنافها التي فاقت الـ600 صنف كانت تشكل علامة فارقة في الزراعة العراقية، لكن التمر العراقي الان يبحث عن هيبته التي أفقدته إياها الحروب والكميات المستوردة. هذا ما دفع المختصين للبحث في سبل إعادة مكانته بانطلاقة جديدة بتصنيع وتعبئة التمور وفق طرق حديثة وبأشكال مختلفة. محاولات إعادة إنتاج التمور إلى مكانته الطبيعية اصطدمت بالإهمال الحكومي لدعم هذا المحصول، فضلاً عن الافتقار إلى المستلزمات العلاجية في ما لو داهمت الأمراض الموسمية النخلة العراقية في حين أكدت وزارة الزراعة إنها أعطت أهمية خاصة للنخيل من خلال تشكيل الهيئة العامة للنخيل، وانجازها مشاريع تهدف للارتقاء بواقع النخيل الذي شهد تراجعاً خلال الحقبة الزمنية الماضية. وقالت أمين سر جمعية رعاية مصنعي التمور والمدير العام لمصنع الصفات هدى حافظ إن “غياب دعم الفلاح والافتقار للعوامل المشجعة له بمواصلة زراعة النخيل كان من أهم أسباب تراجع التمر العراقي الذي دفع بنا للاستيراد من الخارج”، مؤكدة أن “العام الماضي كان سعر الطن الواحد من التمر الزهدي 150 ألف دينار عراقي، ولكنه ارتفع خلال العام الحالي إلى مليون دينار للطن الواحد بعد أن تعرض لأمراض السوسة وغياب المستلزمات العلاجية والوقائية للحد من هذا المرض”. يشار إلى أن العراق أصبح اليوم يعاني من تراجع شديد في إنتاج التمور، فبعد أن كان العراق ينتج ثلاثة أرباع محصول التمر الإجمالي في العالم أصبح حالياً يأتي بعد مصر وإيران والسعودية في ترتيب الدول المنتجة. ويرجع سبب التراجع الى الحروب وأثرها على المزارعين والجفاف وضعف الخدمة والإرواء وكثرة الإصابات بالنخيل، كل تلك الأسباب اجتمعت ليصبح العراق في ذيل قائمة مصدري التمور. ويزرع النخيل في محافظات عراقية عدة، أهمها البصرة وبابل وكربلاء وديالى. وتعد محافظة البصرة من أكثر المحافظات نخيلا إذ أحصي بها ما يزيد على ثلاثة عشر مليون نخلة. وتتميز البصرة بتنوع أصناف التمور المزروعة فيها والتي تمتد من قضائي القرنة والمدينة شمالاً الى قضاء الفاو، وتكاد تكون زراعة النخيل أهم مورد رزق لسكانها.

التوجه لدعم المنتوج المحلي

وتقول أمين سر جمعية رعاية مصنعي التمور إن “البداية تنطلق من النخلة فلابد من وجود عوامل دعم النخلة والحفاظ عليها وإبداء أقصى درجات الاهتمام، ولجوء العراق لشراء فسائل النخل رغم أنه من أشهر بلدان زراعتها”، مشيرة إلى أن “ارتفاع سعر التمر أدى إلى شحه وصعوبة الحصول عليه لاسيما بالنسبة للمعامل المصنعة وبالتالي فإن سعره يرتفع حتى وصوله للمستهلك”. وتدعو حافظ الحكومة العراقية الى منع “استيراد التمور والتوجه لدعم التمور العراقية وتوفير وسائل نجاح عملية تصنيعها وتعبئتها في المعمل المحلية”. من جهتها، قالت وزارة الزراعة إنها “أعطت أهمية خاصة للنخيل من خلال تشكيل الهيئة العامة للنخيل، وانجازها عدد من المشاريع التي تهدف للارتقاء بواقع النخيل الذي شهد تراجعاً خلال الحقبة الزمنية الماضية. وتؤكد وزارة الزراعة أن “المعلومات الواردة من الشبكة الدولية للنخيل والتمور تشير إلى ارتفاع أسعار تمور الزهدي العراقي الى الضعف تقريباً حيث تراوحت بين 800 – 900 دولار /طن”، مشيرة إلى أن “حركة تصنيع وتعبئة التمور واستخدامها في الصناعات التحويلية هي الأخرى شهدت تطوراً ملموساً. وبحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة (فاو)، فإن العراق كان المنتج الأول للتمر بـ550 ألف طن وكان يصدر منها 100 ألف طن أي ما يساوي 80 في المائة من السوق العالمي. وتدر هذه الصادرات سنوياً على العراق 25 مليون دولار. غير أن الأمور تغيرت كثيراً حيث أن أرقام صادراته لم تعد تظهر على المستوى الدولي رسمياً.

هواجس وطنية

بدورها ترى فرح العزاوي، مدير معمل الصفات لتصنيع وتعبئة التمور إن “هناك حراكاً من أجل إعادة التمر العراقي لهيبته وسعي حثيث لتفعيل دور المعامل في إنتاج وتصنيع التمور بطرق جديدة وبنوعيات مختلفة”، مؤكدة أن “الرغبة العارمة التي تغلف تطلعات العاملين في هذا المجال غالباً ما تصطدم بالإهمال الحكومي وعدم تقديم العون والإسناد لأصحاب المعامل”. وتعتبر العزاوي أن “المبادرة الزراعية لمجلس الوزراء التي تأخذ على عاتقها دعم  المعامل لم يكن لها ذلك التأثير الكبير، حيث يحضر مبعوثوها إلى المعامل للإطلاع على سير الإنتاج والعمل وبالتالي تخرج دون إضافات”، داعية إلى أن “يكون هناك توجه فعلي لدعم تصنيع التمور العراقية ومن أهم محاور هذا التوجه هو توفير الأدوية والعلاجات للنخيل العراقي والوقوف على مسافة قريبة من أصحاب المعامل لتقديم العون لهم”. من جهته قال المهندس الزراعي مثنى محمد إن “الإنتاج العراقي للتمور يعاني من العجز في المنافسة على مستوى السوق العربية أو الدولية في الوقت الحاضر بعد ان كان سابقا من الدول المتقدمة إنتاجاً وتصديراً”، مبيناً أن “السبب ذلك يعود الى ارتفاع تكاليف الإنتاج ورداءة التعبئة وصعوبة التسويق وكثرة الأمراض التي أصابت أشجار النخيل مثل مرض الدوباس والحميرة والطفيلية”. ويطالب محمد وزارة الزراعة بـ”دعم مكافحة الأمراض الموسمية التي تصيب النخيل، وأجراء البحوث والدراسات التي تساعد في تطوير زراعة النخيل ورفع كفاءة الإنتاج”، داعياً إياها الى”القيام بحملة تشجير واسعة للفسائل في عموم العراق كحملة بديلة لما تعرضت إليه بساتين النخيل من تدهور وموت، وان تبيع هذه الفسائل الى الفلاحين في عموم العراق بأسعار مدعومة”.

استيراد التمور الأجنبية في المؤتمرات

من جانبه يري مدير إعلام وعلاقات جمعية مصنعي التمور ومعما الصفات مهدي العقيلي إن “الجانب الإعلامي له دور كبير ومؤثر وفاعل في عملية النهوض بتصنيع التمور العراقية المشهورة والمعروفة بتعدد ألوانها”، مشددا على “ضرورة التثقيف بشأن صناعة التمور والترويج للمنتج العراقي المحلي  وإيقاف الاستيراد لرفع شأن التمر العراقي”. ويكشف العقيلي أن “من المؤسف حقا أن نلجأ في تقديم التمر إلى ضيوف العراق من الأصناف المستوردة ولدينا أفضل أصناف التمر، حيث أقدمت الجهات المسؤولة عند انعقاد مؤتمر القمة لاستيراد تمور من تركيا دون الالتفات إلى التمر العراقي”. ويقترح العقيلي أن “تحمل الوفود العراقية المشاركة في محافل خارجية في مختلف البلدان كميات من التمور العراقية بطرق تصنيعها الحديثة وأصنافها وما يضاف إليها من مكسرات وغيرها لتقدم إلى الدول الأخرى في خطوة لإعادة بريق التمرة العراقية”.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *