الأحزاب العراقية :المعارضة البرلمانية لن تنفخ جيوبنا!
آخر تحديث:
بغداد/ شبكة أخبار العراق- من المتوقع أن تنتهي عملية العد والفرز اليدوية لأصوات الناخبين العراقيين ممن تقع داخل مراكز ومحطات اقتراع طُعن بنزاهتها الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، بحسب عدد من القضاة المنتدبين لهذه المهمة، إلا أن أياً من التحالفات السياسية لم تنضج لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة كما يقضي بذلك الدستور رغم مضي أكثر من شهرين على إجراء الانتخابات، وهو ما يعكس بطبيعة الحال حجم الخلافات والانقسام بين القيادات السياسية العراقية والشيعية خصوصاً. ووفقاً لقيادات سياسية عراقية في بغداد تحدثت ، فإن “أياً من الكتل السياسية الحالية ترفض دور المعارضة بالبرلمان، وتصرّ على أن تكون جزءاً من الحكومة الجديدة وتحصل على منصب فيها، وهو ما يعقد المحادثات الحالية بشكل واضح”.
وقال عضو الحزب الشيوعي العراقي رياض سعدي في حديث، إن “أياً من الأطراف الحالية لا يقبل بأن يكون بدور المعارضة بالبرلمان ويعتبر ذلك اقصاء له من العملية السياسية”. وأضاف أنه “لدينا نحو 20 كتلة فائزة بمقاعد داخل البرلمان وكلها تسعى للحصول على منصب أو تمثيل داخل الحكومة، ومسألة المحاصصة الطائفية والقومية داخل العملية السياسية تحمي مطالبهم هذه، فإن لم يشترك يعلن انه تم تهميش طائفته أو عرقه أو حزبه أو حتى مدينته التي ينتمي إليها”.
بدوره، قال أحد قيادات “ائتلاف النصر” بقيادة رئيس الحكومة حيدر العبادي، إن “البرلمان المقبل سيتضمن وجود 236 شخصية جديدة، لأن الانتخابات التشريعية لم تُرجع سوى 92 برلمانياً سابقاً إلى مقعده من جديد، ولكن هذا لا يعني عدم خضوع الجدد لقادة كتلهم وأحزابهم التقليديين الذين لم يتغيروا منذ سنوات”، مبيناً أن “الحوارات التي تجري الآن، كلها تتحدث عن الكتلة الكبرى التي من خلالها ستحقق الأحزاب أحلامها، ولا توجد أي مواضيع تخدم المواطن العراقي في الحوارات السياسية”.
وأضاف ، أن “المعارضة البرلمانية الحقيقية، لن تكون حاضرة في البرلمان الجديد، لأن الثقافة العراقية لا تقبل بوجود معارضة. هناك عدم انسجام في البرلمان الجديد، وقد يتفكك البرلمان بعد جلسات عدة، لأن البرلمانيين الجدد سيتفاجؤون بالضغوط السياسية التي يتعرضون لها من قبل أحزابهم، وسيدفعهم ذلك إلى الانسحاب وتشكيل كتل جديدة، وسيدخل البرلمان في فوضى تنعكس على البلاد وهو ما يتوقعه كثير من المراقبين”.
ولفت إلى وجود “مشاكل داخل الأحزاب نفسها، لأن الروابط بينها وبين نوابها لا تتضمن المصالح العامة والشعبية للعراقيين، إنما على أساس تبادل المنافع السياسية، ومنها تصفيات شخصية، كالوقوف بوجه اقتراحات وقرارات ائتلاف النصر، وهو ما سيفعله نواب ائتلاف دولة القانون، بسبب الخلاف الشخصي بين المالكي والعبادي”، مشيراً إلى أن “بعض الكتل أجبرت نوابها الجدد في البرلمان على كتابة استقالاتهم المقدمة والتوقيع عليها، في حال عدم استجابة البرلماني لقرارات الحزب. البرلمان الجديد سيكون هشاً وضعيفاً”.وحدثت أولى التصفيات الحزبية، عبر حركة التغيير الكردية، وأعلنت عن “طرد” النائب مسعود حيدر من صفوفها لعدم التزامه ببرنامج الحركة. وقال عضو الحركة كاروان هاشم، إن “الهيئة التنفيذية لحركة التغيير قررت طرد عضو حركة التغيير والنائب في البرلمان العراقي ضمن كتلة التغيير من صفوفها بالإجماع”.
في هذه الأثناء ما تزال عقدة الصدر ـ المالكي العامل الأول في عدم الإعلان عن التحالف الجديد للكتل الشيعية فالحراك الحالي يهدف إلى جذب كل منهم باقي الكتل إليه. وقال محمد العبيدي، عضو تحالف “سائرون”، بقيادة مقتدى الصدر، في حديث، إن “التحالف بين سائرون ودولة القانون بزعامة نوري المالكي من المحرمات”. وأضاف أن “هذا الرجل (المالكي) سلّم ثلث العراق لداعش وأضاع مئات مليارات الدولارات سرقة وفساداً، وأرجع البلاد لعصر ما قبل الثورة الصناعية، فلا ماء ولا كهرباء ولا خدمات والأيتام والأرامل زاد عددهم كثيراً ولسنا بصدد زيادتهم مرة أخرى بتحالفنا معه”. وبيّن أن “السيد الصدر لا يمانع في التحالف مع أي شريك سياسي آخر شرط ألا يكون طائفياً مثل المالكي”.
وكان رئيس المكتب السياسي لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ضياء الأسدي قد أكد يوم الخميس الماضي، وجود شرطين من أجل عودة المياه إلى مجاريها بين الصدريين وبين زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي. وأوضح الأسدي أن “رأي مقتدى الصدر واضح في مسألة عودة المياه إلى مجاريها مع نوري المالكي، ويتضمن أن يكون المالكي على استعداد لتبرئة ذمته مما حصل خلال سنوات حكمه أو أن يقدم المقصرين للعدالة، وبخلاف ذلك لن يكون هناك إعادة للموقف معه”. واعترف بـ”وجود تدخلات خارجية في تشكيل الحكومة العراقية، لكنها الأضعف هذه المرة”، مبيناً أنه “في هذه المرحلة لا تستطيع إيران وأميركا وغيرها من الدول أن تتدخل بشكل قوي أو جاد في مسار العملية السياسية”.
في هذه الأثناء كشفت مصادر مقربة من زعيم التيار مقتدى الصدر، في النجف عن “قرب اجتماع جديد بين الصدر وعمار الحكيم وإياد علاوي وقيادات سنية أخرى سيتم خلالها تناول جملة من الملفات، من أبرزها مسألة الولاية الثانية لرئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي ما تزال كتلته تضعها شرطاً أمام تحالفها مع الكتل الأخرى وكذلك مناقشة برنامج الحكومة المقبل”. ووفقاً للمصادر ذاتها فإن “موضوع إعلان التحالف النهائي بين سائرون والحكمة بزعامة عمار الحكيم والوطنية بزعامة إياد علاوي يحتاج إلى تفاهم واتفاق على جملة من المواضيع المهمة”.
في هذا السياق، ذكر القيادي في تحالف “الفتح” اسكندر وتوت، في حديث، أن “المباحثات مع كتل سنية وأخرى كردية تركزت على كونهم سيتحالفون مع من يقدم لها أكبر قدر ممكن من التنازلات السياسية في الحكومة الجديدة”. وأضاف أن “الأكراد يحاولون الحصول على الوزارات السيادية من خلال سياستهم الخاصة”.
من جانبه، أكد البرلماني عن “الحزب الإسلامي” مطشر السامرائي، أن “الشعب العراقي فقد الثقة بالبرلمان الجديد، لا سيما أنه شاهد بعينه وسمع من خلال التصريحات ووسائل الإعلام واعتراف مفوضية الانتخابات نفسها، بالتزوير الذي حصل، في الانتخابات البرلمانية”، مبيناً ، أن “الأصوات التي مُنحت للكثير من المرشحين جاءت بطريقة غير رسمية وقانونية، وبالتالي أصبح لدينا مشكلة بالثقة بين الجمهور والسياسي”.
وتابع أن “العملية السياسية في العراق، ومنذ عام 2004 لم تستطع السير على المسار الصحيح، وبناء دولة مؤسسات حقيقية، ترعى مصالح الناس”، مشيراً إلى أن “عدم حصر السلاح بيد الدولة سيمثل مشكلة كبيرة في المرحلة المقبلة، لأن الجهات التي تملك فصائل مسلحة ستبتز وتهدد السياسيين النزيهين، من أجل الحصول على مغانم ومكاسب وأموال”.
بدوره، رأى المحلل السياسي العراقي محمد شفيق، أن “الحالة السياسية في العراق لم نصل بعد إلى المستوى الذي تقتنع فيه الكتل بأن المعارضة هي مكسب لها، حالها حال المشاركة في الحكومة”، مبيناً أنه “في حال تحققت المعارضة، فأكيد أنها ستكون عرضة لتجاذبات وتأثيرات داخلية وخارجية، وحسبنا تجربة في ذلك جبهة الإصلاح التي تشكلت عقب اقتحام البرلمان من قبل المتظاهرين وإقالة رئاسة البرلمان”.
وأردف في حديثٍ ، أنه “يصعب حالياً التكهن بالوضع الذي سيكون عليه لكن صعود بعض المرشحين الجدد وضعف المشاركة في الانتخابات، قد تكون عوامل ردع سينتبه البرلماني خلالها إلى أنه قد يتكرر معه السيناريو في السنوات الأربع المقبلة لذلك هذا الشعور قد يسهم بإحداث تغيير ولو بسيطا في أداء البرلمان لأعماله، خصوصاً إذا لاحظنا أن البرلمان الحالي كان له دور جيد في عمليات الاستجواب والمساءلة مقارنة بالدورات السابقة”.