الأمية ثقافياً

الأمية ثقافياً
آخر تحديث:

باقر صاحب
ليس كل من تعلم الأبجدية، تزال عنه صفة الأمية بصورة كاملة، إذ انه بعد  التحصيل الدراسي بدرجاته الدنيا والعليا، يترسب في مستويات الكثير من المتعلمين قدر لا بأس به من الأمية، أو قل نوعاً آخر منها، وهي الأمية الثقافية. يمكن القول إن هناك تداخلاً بين الأميتين الأبجدية والثقافية، طالما أن المتعلم أو المثقف أو الكاتب يخطئون في إملاء المفردات ونحوها. مازالت كثرة من الكتاب، ممن يتناولون إشكاليات مختلفة، اللغة هي وسيلة إيصالها تتعثر بالأخطاء، فكيف يمكن أن تصل إلى القراء، فهل يحارون بالموقع الإعرابي للكلمة أم يطاردون الفكرة؟. والسؤال هو لماذا لا يراجع الكاتب مقالته لغوياً قبل النشر، بل الكتاب قبل دفعه إلى دور النشر، أم نسي قواعد اللغة، ويعتقد أن ما كتبه هو الصحيح؟. على المبدع والكاتب والباحث أن يكونوا على قدر من التواضع ويعترفوا بأخطائهم ويستذكروا معلوماتهم اللغوية، وليس عيباً مراجعة قواعد اللغة في مناهج المراحل الدراسية الابتدائية والثانوية، على سبيل المثال، فبوساطتها سيتذكرون سريعاً ما نسوه. ما قلناه سيكون مدخلاً للحديث عن أمية ثقافية ترتبط بإهمال الهيئات التربوية والتعليمية والثقافية والأكاديمية لإدامة وتجديد اختصاصاتها، فضلا عن توسيع مرجعياتها الثقافية، بحيث تديم القاعدة الذهبية، وهي معرفة دائمة بكل شيء عن شيء، وشيء عن كل شيء. هذا سبيل لتجديد ما يطرحونه على طلبتنا في مراحلهم الدراسية المختلفة.في راهننا، تشعبت المعارف تشعبات دقيقة، يصعب فيه أن نغفل زمناً يسيراً عما يدور. ويتحدث المثقفون في حلقات تجمعهم عن الإصدارات الإبداعية الشاحبة، والكتب ذات المستويات المعرفية المتدنية، وما سبب ذلك إلا لتراجع طقس مهم في حياة الكاتب، ألا وهو إدامة القراءة، ينبغي الامتثال إلى قاعدة ذهبية أخرى في يوميات الكاتب والمبدع ؛ اقرأ كثيراً واكتب قليلاً.  ليست القراءة الآلية وإنما الخلاقة  التي توصف بأنها إعادة إنتاج الكتابة. تلك الإعادة أو التمثل، تعد جواز مرور الكاتب بمختلف تسمياته، إلى تجاوز ما سبقه،  معرفياً وإبداعياً، وإن لم يحصل ذلك بحسب التقييم الموضوعي للأكاديميين والباحثين والنقاد، المزامنين واللاحقين لهم، يعد، ما كتب، حلقات مجترة أو تسويد أوراق ليس إلا، ومن ثم تضييع أوقات المهتمين والقراء. ومن هنا تبدو صعوبة الكتابة الاستثنائية المغايرة، وسهولة الكتابة المجارية. وتبدو كتبنا الأولى فاضحة لغرور أن نكون كتاباً وشعراء حسب. هي كما الحب الأول المليء بالأخطاء، المغتفرة بجرأة المحاولة، لكن مساحة الوهم فيه طاردة لعلامات الحقيقة.الصناعة الثقافية الناضجة، حقيقتها متمثلة بالمساحة الورقية المكتنزة بما هو جديد متجاوز للسائد.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *