الأناشيد الوطنيَّة

الأناشيد الوطنيَّة
آخر تحديث:

عالية طالب

أكثر نشيد حظي بالشهرة عربيا وتناقلته الأجيال حفظا وترديدا «الوطن الأكبر» تأليف أحمد شفيق كامل والحان محمد عبد الوهاب وتمّ تقديمه عبر مجموعة مميزة عام 1960 (عبد الحليم حافظ، صباح، فايدة كامل، شادية، وردة الجزائرية ونجاة الصغيرة) متزامنا مع حدث اتحاد مصر وسوريا وبناء السد العالي في مصر.

وتداخلت عدة اسباب لنجاحه ولعل اهمها انه لم يشيد بنظام أو منهج سياسي معين بل جاء شاملا لمفهوم الحلم العربي بالوحدة والتكامل والقوة الشاملة، فضلا عن سهولة النص ووضوح معانيه مما سهّل ترديده في مختلف البلدان العربية، وتوالت الأناشيد بتحقيق شهرتها من المحيط للخليج ومنها “زهرة المدائن: لفيروز عام 1967 تأليف وتلحين الاخوين رحباني بعد نكسة حزيران. 

ثم انشدت أم كلثوم “أصبح عندي الان بندقية.. 1969” للشاعر نزار قباني، والحان محمد عبد الوهاب.

ولا ننسى الاناشيد الحماسية للثورة الفلسطينية التي حفظتها الاجيال العربية في الستينات والسبعينات وصولا الى الثمانينات التي بدأت فيها حروب الخليج وتأثيراتها على كامل المنطقة العربية والتي ادخلت عديد شعوب في صراعات اقليمية لا زال بعض من تركتها ماثلا حتى الان.

العراق الذي عاش زمن الحروب والقتل والضرائب النفسية والاقتصادية كرّس قصائده الحماسية لتمجيد فعل القائد الواحد والترحيب بالموت في سبيله اعتمادا على لغة الترهيب

والخوف والترغيب وأسهم العرب في كيل المدائح للغة الموت بعيدا عن لغة الحلم العربي الذي اصدرته الانشودة العربية دون انحياز لاسم او بلد او قضية معينة بل كان الفعل الحماسي المطلق هو من حرك البوصلة الابداعية التي لا تزال في الاذهان العربية تستحق التذكر والاشادة.

وبعد 2003 ظهرت عدة من الاناشيد التي تتغزل بالوطن والمواطنة وتحاول ان ترسم مسارا للسلام الذي حلم به العراقي طويلا وبات ذلك الحلم اشبه بمن يرحل بعيدا ويلهث المواطن خلفه مستعينا بحب وطنه وتضحيات لا تنتهي وتتناسخ جيلا بعد جيل، لكن تلك الاناشيد الحماسية والوطنية لم تحقق مسارا لتحولات عميقة في ذائقة المتلقي واغلبها لم يتمتع الا بوقت قصير وسرعان ما يخبو وهجها وتتغافل الاصوات عن تذكرها، ولعل من بين الاسباب المهمة انها لم تحقق ذات الهدف الاسمى الذي حققته انشودة “الوطن الاكبر” المستندة الى الانسان وليس على جهة أو حزب أو تنظيم أو تكتل، بل استخدمت المطلق في جذب الجميع الى نقطة الانشداد والترحيب والترديد والخلود. اليوم تظهر اناشيد تزامنت مع استمرار التظاهرات في الشارع العراقي المطالب بإحداث التغيير الايجابي لجوانب حياته التي طالها زمن اهمال امتدّ بكلّ تأثيراته السلبية، واستخدمت ذات التأثيرات مادة حية في نصوص استندت الى واقع الازمة وتداعياتها وانبرى شعراء كبار لتوثيق الوقائع المتواترة في صوت تداخل فيه (المواطن، الحدث والوطن) ضمن ثلاثية  مترابطة تعطي قوة عناصرها متانة للنص وابداعا قادرا على ترسيخ الانشودة في ذهن المتلقي وترديدها بهتاف يسمعه “العراق”  كل العراق دون تجزئة او اقصاء.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *