الإنتقام من السنة

الإنتقام من السنة
آخر تحديث:

 

هادي جلو مرعي

ليس خبرا عاديا تناقلته وسائل إعلام مختلفة عن قيام مجموعة من المسلحين الأيزيديين بمهاجمة قرية سنية بعد هروب داعش منها، وتقدم قوات البيشمركة بإتجاهها ما أدى الى سقوط عدد من القتلى من نساء وأطفال كما يقال عبر تلك الأخبار المتسارعة، ولو صح الخبر، أو لم يصح فهو صحيح لأسباب منها، إن تنظيم داعش دخل في مدن السنة وقراهم، وقتل مئات منهم، وهجر أسر كثيرة، ودمر بنى تحتية بإرادته، أو لتدخل قوات الجيش العراقي وعناصر المقاومة، أو بسبب القصف الجوي العنيف، ولاشك في إن السنة لايتحملون وجود هذا التنظيم الشرير الذي رفع شعار حماية السنة من الإضطهاد والتغول الشيعي الكردي في عراق مابعد صدام حسين، لكن مارفعه داعش من شعارات، والجغرافيا التي تمدد فيها حملت السنة المزيد من الأعباء، وجعلتهم في مرمى النار سواء من خصومهم الطائفيين، أو السياسيين، ومن داعش ذاتها التي أعملت فيهم السيف والبندقية والعبوة والسيارة المفخخة حتى علا صوت الموت، وهدمت الديار، وهجر الأولاد والنساء والرجال، وتركت المزارع والبساتين نهبا للوحشة والعتمة والعطش.

 في أربيل عقد من مدة مؤتمر سمي ( مؤتمر فك الإرتباط بين السنة وداعش ) بحث فيه القادة السنة من دينيين وعشائريين وسياسيين في الحكومة والمعارضة إمكانية عزل التنظيم الديني الأكثر تشددا وفضحه وتشكيل جيش بعنوان الحرس الوطني لمواجهة تحديات الأمن، ورغم موجة التشكيك التي طالت المؤتمر والقائمين عليه إلا إنه في النهاية يمثل محاولة جدية لوضع إستراتيجية مختلفة عن السابق المر والكشف عن طريقة مغايرة تؤمن إنفصالا كاملا عن داعش ودعم الجهود السياسية وطرد المسلحين وتعرية الفاسدين وتقديمهم للعدالة، ثم العمل الجدي على فرض نموذج سياسي ملائم للعملية الجارية في العراق بعيدا عن الإستقطاب الطائفي والعرقي المقيت الذي أدى بالعراقيين الى التناحر وإيذاء الشعب والإساءة الى تاريخه الوطني والحضاري.

 الخشية من تحميل السنة المسؤولية عن وجود ودخول وتغلغل داعش خطر للغاية فهو يمثل إتهاما سلبيا سيلقي بظلاله على مرحلة مابعد داعش، وسيكون هناك نوع من المحاسبة والعقاب ومع وجود أصوات عالية للغاية تطالب بالكشف عن الذين سهلوا لداعش المرور، والذين تعاونوا معه،ا والذين إنضموا لتشكيلاتها وقاتلوا في صفوفها ودمروا الحياة في الموصل وصلاح الدين والأنبار ولذلك فإن من أولويات القيادات السنية منع محاولة جر السنة الى مواجهة بينهم خاصة العشائر والتشكيلات السياسية التي ساندت التنظيم وتلك التي أوذيت منه حيث يخشى من الروح الثأرية والغنتقام المتبادل، ثم إن مجموعات طائفية وقومية كالشبك والتركمان والكرد تعرضت لنوع من الإبادة من داعش وهي تحقق تقدما ضد التنظيم مايعني الخشية من ردود فعل ضد المناطق المحررة التي يقطنها السنة، وهذا ينسحب على الشيعة والأيزيديين الذين قد يقومون بردات فعل غير ملائمة في المرحلة المقبلة.

 المطلوب عقد مؤتمر تدعى إليه القيادات الدينية والسياسية والعشائرية من كل الأطياف والقوميات في العراق لوضع آليات عمل مشتركة لتهيئة الأجواء لمابعد داعش، وعدم تحميل الناس مسؤولية أفعالهم الدنيئة التي هي جزء من سلوك مشين يأنفه الجميع، والإتفاق على إن داعش لايمثل أحدا، ولتجنب الإنتقام فهو طريق شر لاخلاص منه، وسيعود بالأذى على الجميع.

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *