الاستثمار الثقافي

الاستثمار الثقافي
آخر تحديث:

باقر صاحب
لفتت نظري في الآونة الأخيرة تقارير ثقافية عن مؤتمردولي عقد تحت عنوان “الاستثمار في الثقافة”  في سلطنة عمان، قبل نحو أربعة أسابيع، يعنى  بكيفية العمل على تطوير الصناعات الثقافية، التي بدورها واجهة كبيرة لما يسمى السياحة الثقافية، وهدف المؤتمر الأساسي هو “ الربط بين الثقافة والاقتصاد بوصفهما مفهومين أساسيين في تنمية المجتمعات من ناحية، وبوصفهما ضماناً للتنمية المستدامة التي تنشدها المجتمعات العالمية اليوم من ناحية أخرى”. تلك المقدمة مدخلنا إلى أنه حان الوقت في العراق للاهتمام بتلك القضية الحيوية، بالإفادة من الثقافة في تطوير الاقتصاد، والعكس صحيح أيضا. وإذا كانت دولة خليجية مثل سلطنة عمان، تلتفت إلى هذه القضية، قضية الاستثمار في الثقافة، فكيف لا تنتبه إليها الجهات المعنية بالثقافة في العراق، رسمية وغير رسمية، لاسيما وأن العراق مؤهل لذلك، وهو صاحب الريادة العربية في مجالات أدبية وفنية عديدة منذ أربعينيات القرن الماضي، في الشعر والقصة والمسرح والتشكيل. مثلا، كانت دور السينما الراقية في العاصمة قبل ثمانية عقود تستقطب العوائل البغدادية.يجب أن تدور عجلة الازدهار الثقافي بعناوينه المختلفة، بإعادة بناء دور العرض السينمائي والمسرحي وغاليريهات الفن التشكيلي.
التحجج بالتقشف ليس له مبرر، طالما أن الاستثمار في الصناعات الثقافية يصب في القضاء على أهم أسباب حدوث التقشف وهو الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل القومي. دول كثيرة اهتمت بتطوير البنى التحتية للثقافة، لهذا الغرض، أي الاستثمار في الثقافة، نقرأ أخبار مهرجاناتها في كل مجالات الأدب والفن، على مدار السنة، معارض كتب سنوية أصبحت أيقونات عالمية، معارض تشكيلية، مهرجانات سينمائية، مسرحية، موسيقية، مهرجانات للفولكلور والتراث الشعبي، كلها أصبحت عريقة، ويهتم بأحداثها إلاعلام العالمي، فخلقت حركة سياحة ثقافية، أسهمت  في تعزيز خزائن الدول المعنية. يجب أن نبدأ من الآن بذلك، يجب أن نقلب الصورة الإعلامية الصفراء، الشائعة في بعض وكالات الأنباء العربية والعالمية، عن عراق المفخخات وانعدام الأمن كما يقال، إلى صورة بلد صناعي زراعي، بلد سياحي آمن، بدءا من السياحة الدينية ولاتنتهي بالسياحة الطبيعية، بل هناك السياحة الآثارية، والإسراع في الاهتمام بهذا المجال الحيوي المعبر عن حضارة عمرها آلاف السنين، مرورا بالسياحة الثقافية في بلد زاخر بالمبدعين، في جميع صنوف الأدب والفن. لاضير أن ‘يعقد مؤتمر مشابه لذلك الذي عقد في سلطنة عمان، يسهم فيه المثقفون والأكاديميون، وجميع الجهات ذات العلاقة. يدعى  إليه رجال الأعمال أيضا، وتشجيعهم على الاستثمار الثقافي بوساطة تسهيلات مالية وفنية بالشراكة مع القطاع العام لبناء صروح ثقافية كبيرة في بغداد والمحافظات، كما لا ضير في استدعاء الشركات الأجنبية للاستثمار في المجال ذاته، مادام يصب في بناء عراق مزدهر في كل المجالات. ويصب في ضمان مسقبل الأجيال العراقية المقبلة، انطلاقا من أن النفط ناضب لا محالة، لكن ثرواتنا الأخرى ومنها الثقافية دائمة  لا تنضب.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *