آخر تحديث:
بقلم: إبراهيم الزبيدي
بمناسبة بدء الحديث عن الانتخابات العراقية القادمة هل يمكن أن يخبرنا أحد من الناخبين الأعزاء ماذا فعل له، في السنوات العجاف الماضية، جميع الرؤساء والوزراء والنواب الذين احتكروا السلطة والثروة والسلاح والاختلاس وتزوير الشهادات وتلفيق التهم والملفات وحوار المفخخات؟ وهل هناك فرق حقيقي سيحدث بين الانتخابات الماضية وانتخابات العام القادم؟
وهل هناك من يستطيع أن يقنعنا بأن تغييرا سيحدث في الطريقة والثقافة والسلوك عما كان ثابتا من زمن مجلس الحكم سيء الصيت وأيام الرئيس المغترب غازي الياور والرئيس الراحل مام جلال إلى زمن وريثه الصامت فؤاد معصوم؟
وماذا حققه نواب المجاهد نوري المالكي والرفيق أياد علاوي والزعيم العربي (التركي) أسامة النجيفي؟ والأخ (المسلم) سليم الجبوري الذي قرر البرلمان، بأغلبية الأصوات طرده من رئاسته لفساده، فطار إلى طهران وعاد سالما معافى وأقوى وأغنى مما كان؟
وهل يتوقع أحد من الناخبين أن يعجز نوري المالكي وإياد علاوي وأسامة النجيفي وسليم الجبوري وهادي العامري وجماعة عمار الحكيم والصدريين وهمام حمودي وعادل عبدالمهدي وباقر صولاغ وصالح المطلق والأخَوان كربولي ومشعان الجبوري عن الفوز في انتخابات السنة المقبلة؟
وهل سوف يتوقف الظلم والفساد والاختلاس؟ وهل تنتهي عمليات تهريب الرؤوس الكبيرة المُدانة بالاختلاس أو الإرهاب إلى خارج البلاد؟ وهل سيمتنع القضاء العراقي (المستقل) عن لحس أحكامه السابقة التي أصدرها على هارب من وجه العدالة كان هو نفسه من حكم عليه بالسرقة والإرهاب، ليُدخله أحد السادة الكبار إلى قبة البرلمان ليصبح أكثر النواب دفاعا عن النزاهة والوطنية والشرف الرفيع؟
وهل سيجرؤ أحد في الحكومة أو القضاء على طلب محاكمة نوري المالكي وأولاده وأبناء إخوته وأصهاره عن واحدة فقط من بلاويهم التي لا تعد ولا تحصى؟
غبار المعارك لن ينجلي قريبا
وهل سيحاكم سعدون الدليمي بتهم تتعلق باحتلال داعش للموصل، مثلا، أو بصفقات الأسلحة والطائرات والدبابات الروسية والصينية والأميركية والبرازيلية والهندية وجزائر الواق واق؟
وهل سيفعل أحد الرؤساء أو الوزراء أو القضاة شيئا لهادي العامري الذي صرح، وهو وزير عراقي سابق ونائب حالي، بأنه سيحارب مع إيران لو قامت حرب جديدة بينها وبين العراق؟
وهل وهل وهل؟ وإلى آخر المسلسل الطويل الممل من الموبقات التي ارتكبها ويرتكبها المدمنون على السلطة من شيعة إيران وسنتها وكردها وتركمانها؟
والآن وبعد هذه المقدمة المحزنة الطويلة أدخل في الموضوع. هل علمتم بأن الحال سيبقى على حاله بأوامر عليا خارجية لا تنوي ولا تستطيع قوة محلية أو دولية أن تبطلها، وأن تمنح الناخب العراقي حرية الاختيار؟
الجارة إيران التي تمسك بخناق الوطن وأهله، وأشقاؤنا العرب الأثرياء والفقراء معا، والسفارة الأميركية في بغداد، وبريطانيا وفرنسا وتركيا حكمت، من الآن، وحكمُها ثابت لا رجعة عنه، بأن تكون انتخابات العام المقبل بردا وسلاما على وكلائها وعملائها، نكاية بالشعب العراقي وزيادة في إذلاله وتركيعه، إلى أن يقضيَ الله أمرا كان مفعولا.
خلاصة هذه المقالة هي ما يلي: لقد ظن كثيرون من أصحاب النوايا الحسنة العراقيين والعرب والأجانب، كتابا ومحللين ومثقفين وسياسيين مستقلين وتقدميين، بأن الانتخابات القادمة لا بد أن تكون كأس السم الذي لا بد أن يتجرعه المزوّرون والمخربون والمفسدون في العراق. ويعللون توقعاتهم تلك بأن فداحة ما أصاب العراقيين على أيديهم، في أربع عشرة سنة، بأيامها ولياليها، بكوابيسها ومفخخاتها ودواعشها وميليشياتها، كفيلٌ بأن يجعل للحجر، وليس للبشر فقط، ألسنة تنادي بالثأر لكرامتها وحريتها ورزقها المنهوب. ولكن أمل هؤلاء جميعا كأمل إبليس بالجنة. فلا أحد يقرأ ولا يسمع ما يقولون وما يكتبون، وأن اللعبة ماشية والمعارضون في أوهامهم يعمهون.
وهنا نسأل، إذن، إذا كانت نتيجة الانتخاب القادمة معروفة، سلفا، فلماذا يتجشم الناخبون العراقيون عناء المشي والمخاطرة والمقامرة ليعطوا لوكلاء الدول الخارجية وجواسيس المخابرات الأجنبية غطاء الشرعية الوطنية، ليظلوا، جميعهم، بكل عيوبهم وفضائحهم،على رأس الوليمة بحكم الانتخاب، حتى ولو كان جرى تحت أسنّة الحراب؟
لم لا يصحو الرافضون والمحتجون والمتظاهرون والمعتصمون في كل يوم جمعة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والقوى الديمقراطية التقدمية فيقررون مقاطعة الانتخابات القادمة لتصبح الدولة العراقية مستعمرة بقوة السلاح وليس بالانتخابات المغشوشة، ثم يصبح قتالُ محتليها حقا مشروعا لا خلاف عليه؟.