البطاقة التموينية .. وداعاً

البطاقة التموينية .. وداعاً
آخر تحديث:

  ماجد زيدان 

تبحث الحكومة تحويل ملف تأمين مفردات البطاقة التموينية من وزارة التجارة الى القطاع الخاص بدعوى اصلاحها وضمان توفير الامن الغذائي للمواطن !

ان فكرة البطاقة التموينية جاءت من النظام السابق بعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق، وكان نظاماً لتوفير الحد الادنى من السعرات الحرارية للفرد وبعض المفردات الاخرى، اثبت نجاحه وضمن بعضاً من العدالة الاجتماعية بغض النظر عن الموقف السياسي من النظام البائد.

البطاقة التموينية عند العمل بها كانت مفرداتها غير ما هي استقرت عليه بعد عام 2003 وبدأت تتآكل بمرور الزمن لاسباب مختلفة ابرزها الفساد الذي استشرى في وزارة التجارة وهروب المتهم الاول وزيرها الذي كان من اعمدة العملية السياسية والنظام الجديد.

المهم استمر التدهور في ايصال المفردات الغذائية من عام الى آخر وحذفت منها مواد ضرورية وحجب بعضها الى أشهر، واصبحت مادة للاحاديث ولا سيما الفقراء الذين تجاوز عددهم ثلث سكان العراق، وهم يعتمدون كلياً على البطاقة التموينية لتأمين احتياجاتهم.

والاكثر خطورة، برغم الاحتجاجات المستمرة على تردي الكمية والنوعية، الا ان الحكومة عجزت كلياً عن معالجة مشاكلها وبقيت وزارة التجارة بقرة حلوب للبعض الذي يعمل فيها ويتسلم مسؤوليتها، وللهروب من الفساد تدرس امانة مجلس الوزراء تحويل تأمينها للقطاع الخاص، وقبلها اقترح ان يدفع ثمنها الى جميع المواطنين المشمولين بها ولكن سرعان ما فشل الاقتراح وسقط لرفض المواطنين له ليس الفقراء فحسب، وانما الذين سيتضررون منه، أي من تداعياته المؤذية التي ستشمل فئات اخرى.

الفارق في الاقتراح الجديد انه سيباشر بتنفيذه في احدى مناطق النجف حسبما نشر، أي الخطوة العملية الاولى اتخذت لالغاء البطاقة التموينية وحرمان الملايين من هذا القوت الشحيح، ولكنه الذي يقي من غائلة الجوع..

الان، البطاقة التموينية تقتصر على اربع مواد (الطحين، الزيت، الرز، السكر) وفي اغلب الاحيان نصفها لا يوزع او ان وزارة التجارة تحجب فقرات منه ولا تعوض عنها مادياً مثلما فعلت الحكومة الاولى بعد التغيير .. واذا كان الناس يشكون حالياً من تدهور نوعية المواد ايضاً، فكيف سيكون عليه الحال عندما يعتمد القطاع في توزيعها وتأمينها.

بودنا ان نذكر الحكومة ان برنامجها الذي نالت به الثقة من مجلس النواب لم يتضمن تخصيص ايا من الخدمات الاساسية ومنها البطاقة التموينية والغاء تبعات واوزار السياسة الاقتصادية الفاشلة على المواطنين.

على ما يبدو ان نهج الخصخصة وتحميل المواطنين اعباء ثقيلة اصبح سياسة، بالتخلي عن البرنامج الذي اعلنته في بداية عملها، فهي تريد خصخصة الكهرباء وفرضت ضرائب ورسوماً على التعليم والصحة وزادت من اجور اخرى في جميع المجالات التي تتعاطاها وتتعامل بها، بل انها فرضت الاتاوات حتى على الطرق من دون مبرر او فائدة يجنيها المواطن من ذلك.

ان للصبر حدوداً والبطاقة التموينية خط احمر التجاوز عليها معناه ارتكاب جريمة بحق فئات واسعة من المواطنين لصالح حفنة فاسدة لا تتم ملاحقتها بالشكل المطلوب والذي يمكن الدولة من جلبها الى العدالة، وايضاً تكريس للادارة الخاطئة وايلاء مقدرات شعبنا والاستمرار في اسناد المسؤولية لاشخاص غير كفوئين.

ان القطاع الخاص ليس مؤهلاً في الوقت الحاضر لتسلم مثل هذه المسؤوليات ويعوض مسؤولية الدولة، وهو اصلاً شريك بكل ما جرى من تدهور، لقد نشأت شراكة بينه وبين ذوي النفوذ والسلطة ولا يمكن مراقبة ادائه قبل بناء دولة المؤسسات الرصينة وتفعيل تطبيق القانون ومعالجة قصوره في نواح عدة وانهاء التجاوزات على الحقوق في شتى المجالات.

على الحكومة اذا ارادت ان تودع مثل هذا الشكل البسيط من اعادة التوزيع للدخل ان تجد بديلاً مجرباً لا يحرم أي مواطن من حقه وضمانه في الحصول على الغذاء.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *