بغداد/شبكة أخبار العراق- شكلت البطالة في العراق اخطر المشكلات التي تهدد المجتمع وهي احد التحديات الراهنة والمستقبلية التي نواجهها وقد تزايدت نسبها بصورة دراماتيكية مدهشة في العراق، ولم تنفع كل المساعي للحد من تأثيرها او تقليل شؤونها وتجلياتها المختلفة لفئات واسعة من الشعب، خصوصا لدى الشباب منها، الى حد لم يعد يمكن تحمل استشرائها او السكوت عليها.ان ظاهرة البطالة تعني العجز عن ايجاد فرص عمل مناسبة للحصول على دخل ذي مستوى معيشي مقبول .. فلكل شخص الحق في العمل وحرية اختياره للمهنة او الوظيفة التي يتطلع اليها، كما ان له حق الحماية من البطالة، فالعمل ليس لغرض زيادة الانتاج او تحسين نوعيته فقط، بل هو حق من حقوق الانسان وتلبية لحاجة من حاجاته الاساسية .. البطالة بين مفهومين ،تجمع القواميس العربية بان (البطالة والعطالة) كلمتان لهما نفس المعنى: فالبطالة من الباطل وهو الشر المستريم والضلال ولفظة العاطل اصلها من العطل وهو الفساد والسوء والخلل، وربما كانت اللغة العربية تنفرد بهذا المعنى الذي تعبر عنه اللغات اللاتينية بالفاظ حيادية تعني العمل لا غير. اما منظمة العمل الدولية ILO فتعرف العاطل عن العمل، بأنه كل من هو قادر عن العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقلبه عند مستوى الاجر السائد، ولكن دون جدوى.وكما قلنا ان ظاهرة البطالة تعني العجز عن ايجاد فرص عمل مناسبة للحصول على دخل ذي مستوى معيشي لائق.. اذ في ضوء التحولات والتغيرات الجديدة التي حدثت في العراق بعد احداث نيسان/ 2003 التي تستدعي جهودا استثنائية للعمل من اجل الرقي الاقتصادي والاجتماعي اذ ما زالت الارض يبابا لمعالجة هذه الظاهرة من قبل المسؤولين العراقيين في وزارات الدولة الخدمية، وما زالت الحكومة العراقية او برلمان العراق لم يشرع قانونا منصفا لحماية العاطلين او المتبطلين عن العمل لاسباب شتى. ونضيف، لم يعد خافيا على احد اضرار هذه الآفة، اذ على امتداد السنوات الماضية الكثير من الاخطاء والخطل في تشخصيها واجتثاثها بشكل كامل.. وهذا ما اطنبت به الجهات الحكومية والرسمية والمنظمات العديدة من المجتمع المدني، من دون مرهم شاف بهدف التحكم او السيطرة عليها.وللبطالة فكاهاتها يعتقد الباحث القانوني حبيب الاسدي، ان لدينا بطالتين في العراق وفي عموم بلدان العالم الثالث نتيجة التضخم الاداري وسوء هيكلية مفاصل الدولة ودوائرها المتعددة. الاولى بطالة الموظفين المرفهة في عدم ممارسة عملهم الاداري بشكل كامل وصحيح، ويطلق عليها بالبطالة (المقنعة) التي تتيح للموظف راتبا اجتماعيا ملموسا من دون ممارسة عمله الاداري بشكل منتظم او جدي، اذ يمارس بيروقراطيته اليومية بحق المراجعين، ولا شاغل له إلا كرع فناجين القهوة او احتساء استكانات الشاي وقراءة الصحف اليومية، بينما تلجأ زميلته الموظفة الى سنارة الصوف والحديث مع زميلاتها عن آخر اخبار السلاطين والوعاظ او القنوات الفضائية السقيمة المتخصصة بآخر صرعات التدليك والتخسيس والرياضة البدنية.اما الجانب الثاني من البطالة، فهو اجتماعي واسع يشمل العديد من الفقراء والشباب والعجائز، حينما يواجهون حالات الفقر والاملاق ضمن قاع العاصمة او العديد من المحافظات والقصبات العراقية، من دون حلول جذرية لتجاوز الفاقة، حتى اصبحوا حفاة عراة في وطن مكتنز بالثروات الريعية والنفطية وبعض الزراعات الناشطة مع فاعلية قطاع الانشاء والتعمير في العديد من مفاصل الدولة. ولعل هذا الجانب للاسف تتردد وتتداخل فيه عدم الاندماج المعلن في فاعلية سوق العمل في الشارع العراقي الامر الذي يتطلب من هؤلاء الفقراء العاطلين حسن الاستجابة لاي عمل شرط ان يكون شريفا مهما كانت الكرامة الشخصية، تتطلب نوعا من الكبرياء او العزة بالنفس.يقول عماد العاني القانوني والمدير العام السابق في وزارة العدل الاجتماعية: لا اعتقد ان هذه الشبكة حققت نجاحاتها في ظل هذا الوضع المتشابك من احداث العراق .. ويضيف لقد اشرفت قانونيا على اعداد هذه الاستمارة ضمن المواصفات الدولية التي تعمل فيها هذه الشبكات في كل ارجاء العالم، ويضيف العاني قائلا :لقد حرفت هذه الاستمارة لصالح الفساد والمنتفعين من دائرة الرعاية الاجتماعية، فاصبح الحصول عليها حلما لاي فقير او يتيم او عحجوز حيث وصل سعرها في البدء 200 دولار، ثم اصبحت الآن 500 دولار لاي منتفع فقير منها، ويختتم عماد العاني حديثه: للاسف، لقد انتهى عملي عام 2004 بنهاية ولاية رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي. وهكذا بت متفرجا على الجناية التي تفعلها شبكة الرعاية الاجتماعية المتعددة، حتى وقتنا الراهن .ويقول خريج البيطرة د. جلال حسين عبد: تعسا لحكومة اتحادية مركزية، لم تنصف العديد من افواج الخريجين منذ عام التغيير في 2003 ولهذا افتتحت بسطية للخضر والفواكه في علاوي جميلة، وهي ما تأتيني بربح وافر والحمدالله..ويقول خريج كلية فنون الجميلة قسم السمعية والمرئية، الفنان حميد هميم عبود: ابيع يوميا السمك الحي قرب جامع الغزل.. مع وجود أحواض زجاجية لا سماك الزينة. لقد نسيت شهادتي واختصاصي، ولكن ما يردني يوميا من ارباح يكفيني ويسد أود عائلتي الصغيرة.اما حامد الصياد خريج الهندسة المعمارية جامعة بغداد، فيرى ان (الكشك) الصغير الذي ابتناه قرب مستشفى اليرموك الخاص بشاورما الدجاج واللحم الاحمر لا يجعله يفكر بمسالة البطالة والفقر في العراق، ضمن الواقع او انعكاساته ومعالجاته المتعددة، انه يفكر الآن انه مسك مربط الفرس في حياته المستقبلية، ولا داعي بالمرة ان يربط نفسه بشهادة تخرج مدنية فثمة هبوط في الحياة الاجتماعية العراقية الراهنة، من اجل ان يدرك المتخرج من جامعاتنا العراقية، بان الحياة لا تستمر الا بالشهادة الاكاديمية وحدها.وماذا عن بطالة المرأة العراقية؟،على الرغم من ان المرأة العراقية تمتلك الكثير من المقومات التي تمكنها من القيام بكافة النشاطات التي يقوم بها الرجال، خصوصا وان ادوارها المشهودة ومواقفها المثالية في التاريخ القديم المعاصر معروفة وملموسة في قيادتها لدفة العائلة العراقية والزراعة والصناعة والتعليم واغلب قطاعات النشاط الاقتصادي.. ووجودها في انشطة المجال السياسي الذي يعكس حاله الايجاب في النشاط الاقتصادي المستقبلي. ولكن الامر ليس بهذا التصور .لقد اهتمت المرأة بعملها انسجاما مع طبيعة جنسها اللطيف ثم صنعت منجزاتها وثوراتها في كافة انحاء المعمورة .. ولهذا علينا ان نعترف ان منحى عمل النساء قد تغير في سنوات التسعينيات المنصرمة، عندما عرفت الكثير من النساء في القطاع العام وامتهنت القطاع الخاص في عدده وتوجهاته الاقتصادية، وفي ظل تزايد اعداد الحاصلات للمؤهلات العلمية، فضلا عما يكتنف القطاع الخاص من عدم ثبات على المشروعات وضمان المستقبل غير المؤكد ..ان هذه المعوقات حدت بالمرأة لترك العمل لتصل اعداد النساء الى ارقام عالية. ومع ذلك.. يبقى عمل المرأة العراقية مرهونا بتوفير الاجواء المناسبة والاجور المجزية التي تجعل المرأة تقدم اقصى طاقتها .
البطالة في العراق ..المشكلة التي لاتنتهي!
آخر تحديث: