بغداد/شبكة أخبار العراق- لايمكن للمهتم بالشأن الثقافي والأدبي العراقي إلا أن يلحظ عزوف الأدباء والفنانين عن حضور نشاطات زملائهم من اختصاصات مختلفة.. فقليل جدا منهم، يحضر نشاطا فنيا أو أدبيا مختلفا عن اهتمامه الشخصي، باستثناء الدعوات والعلاقات الشخصية، التي تحفز شاعرا ما مثلا لحضور معرض تشكيلي أو لحضور ندوة ثقافية تتحدث عن القصة أو الرواية، ناهيك عن عدم المشاركة.. وكأن كلاً منهم مكتف وفرح بما لديه، ينطبق هذا الوصف للأسف الشديد على كبار الفنانين والأدباء، مع أن مفهوم الثقافة عام وليس خاصا، وإن تخصص الإنسان في جنس أدبي أو فني دون غيره. أعتقد أن المسألة أكبر وأعقد من حصر الاهتمام بجنس دون غيره..لأنها ترتبط بالموضوع العام وبنوعية الخطاب المقدم للمتلقي الذي يشكو الضعف في أغلبه، فلم تعد اللوحة قريبة من الشارع أو المسرحية تخاطب هموم الناس، إلا من إضاءات هنا وهناك، فضلا عن غياب الوعي النقدي الجاد وليس” نقد الاخوانيات” . كما أن فكرة ” أرسم لإرضاء ذاتي” تحتاج الى وقفة لترد على مفهوم أن الفن رسالة، او مفهوم وظيفة الفن والثقافة عموماً. من منا لا يتذكر التشكيلي كاظم حيدر الذي صمم ونفذ الكثير من ديكورات الأعمال المسرحية، فضلا عن مشاركة العديد من التشكيليين في الجلسات النقدية لبيان آرائهم في العمل المسرحي مثل فيصل لعيبي وضياء العزاوي ومحمد مهر الدين.. أو حضور يوسف العاني وسامي عبد الحميد وابراهيم جلال للمعارض التشكيلية، فالثقافة جهد إنساني تسهم به كل الأنواع الأدبية لإشاعته أولا وجعله سببا للارتقاء بالفعل والخطاب الإنساني ثانياً، ولأنها أي الثقافة، حلقة من حلقات النتاج الجمعي للمجتمعات المتقدمة، التي تغتني بقوى معرفية أكثر تأثيرا عبر تلاقح منتجها الإنساني فيما بينها لترتقي به من منتج فئوي ونخبوي إلى شعبي تمتد تأثيراته إلى الساحة الإقليمية، لذا تسعى إلى إشاعة ثقافة الاندماج بين ثقافاتها وتلك الواردة اليها، كما تجتهد بنشر وتسويق نتاج أدبائها، عن طريق جذب اهتمام الطفل والشباب الجامعي عبر تنظيم فعاليات ثقافية، كالسفرات المدرسية وزيارات المعارض الفنية ومقار الدولة مثل البرلمان أو بيوت وورش الفنانين المعروفين..
هكذا يتعامل العالم مع الثقافة باعتبارها ركيزة مهمة في بناء المجتمع وتحصينه من آفات التخلف، وما يمكن أن يتسرب منها من خطر على المجتمع ” داعش أنموذجا” . ليبرز تساؤل عن غياب عنصر الشباب عن المشهد الثقافي العراقي ؟ فمازالت مؤسسات الدولة وبيوتاتها الثقافية رهينة الاسم والعلاقات الفئوية التي تستبعد فلانا وتقرب علانا من دون اكتراث لمنجزه الإبداعي..إن دور المثقف والفنان أكبر من تعليق لوحة على حائط ” كاليري” لا يزوره الاّ من يهتم بالتشكيل أو نشر كتاب يوضع على رف مكتبة أو يطرح في شارع المتنبي… الثقافة أحد أوجه البلد الغنية بالتعددية، وإذا ما كانت متنافرة وطاردة ومنكفئة على نفسها، وإذا كان البعض ينظر إليها بعين عوراء، لن تدوم أو تقرأ أو تتفاعل مع بعضها البعض، ولن تنتج ثقافة بمعناها الحقيقي.
البعض ينظرالى النشاط الثقافي بعين عوراء
آخر تحديث: