البكاء وحده لايكفيني … بقلم هادي جلو مرعي

البكاء وحده لايكفيني … بقلم هادي جلو مرعي
آخر تحديث:

تغادرني موشحا بحزن رافقك في مسيرة الحياة لكنه كان أكثر شدة وإيلاما هذه المرة فهو حزن يعتريك ويعتريني ويتوحد فينا ويطبع قبلاته المرة على وجهينا ويجفف فيك طاقة الحياة ،ويجفف في روحي الفرح ويبعده عني الى مالا أدري من زمن قد يطويني في يوم ما لألحق بك في عالم أجهله وتعرفه أنت، فقد دخلت إليه من أسابيع ولم أتعرف منك للحظة على ماتعانيه، أو تتمتع به من راحة هناك، مع يقيني إنك في غاية الراحة والسعادة ،ويكفيك إنك غادرت عالما مغشوشا ممجوجا كريها لايطاق وناسه تحولوا الى بقايا كائنات بشرية تقلد خطوات ومساع الحيوانات التي تتعارك من أجل القوت ولاتفرق بين السمكة والحوت.

فارقت الحياة، أو فارقتك ،هذا لايعنيني لكني أعرف إنك لم تعد موجودا الى الأبد، وإن مابيننا كان حلما إنقضى بمجرد أن إرتعشت روحك تحت سطوة عزرائيل الذي أرغمك على المغادرة دون أن يمنحك الفرصة لتبعث لنا بالقبل،أو تلقي بآخر التحايا المفعمة بالوجع المتصاعد مع أنات ذلك القلب المفجوع بالألم ،وأعرف أن جهلنا بلحظة الرحيل يدفعنا لنسيان المصائب وتجاهلها فلانعود ندرك أنها قد تهاجم في لحظة ما نكون سكارى فيها بآلاف الأمنيات والأحلام والأوهام التي نظنها تتحقق بينما هي تخادعنا وتعلم أننا راحلون وتاركوها لسوانا،أو تاركون سوانا لهم لتلعب بعواطفهم وتطيح بهم الى وهدة كالتي وقعنا فيها وصرنا إليها من قبل .

نتذكركل تلك المصائب في لحظات الحقيقة الكافرة حين ننظر الى وجوه جفت فيها الحياة وغادرتنا وتركتنا لوحشة شريرة لاتستقيم معها سعادة لنا أبدا مهما حاولنا معها وكابدنا من مشقة وعناء في ذلك السبيل،فلم يكن بمقدوري تصور الفجيعة في حين إن خيالي مفعم بصور الإبتسامة المشرقة وذلك الوجه الملئ بالسعادة ورغبة الدوام فيها دون إنقطاع ،ولم أسمح لنفسي في يوم من الأيام أن أفكر فيما يلي من عذابات مادمت مستغرقا في الفرح والبهجة الى جوارك في مكان ما نتبادل فيه الحديث ونروي لبعضنا الحكايات والآمال ونبكي الحياة الموغلة بالتحديات. فأنت لاتختلف عني كثيرا ولديك مثلي ذلك الخزين الهائل من الأحلام والعذابات،وهل لي أن انتظر موتك ورحيلك عني في حين إنني أرسم صورا للمستقبل وأخطط معك لملئه بالأحلام والسعادة ورغبة التواصل في العمل والتفكير دون كلل أو ملل ؟

علي أية حال فقد مضيت أنت في طريق سأسلكه يوما في وقت قريب، أو بعيد ،لاأدري لكني أدرك تماما إن ذلك اليوم لامحالة آت وسأكون فيه كما أنت الآن وربما لاأجد من يبكيني حتى لو لم يكن البكاء لوحده كافيا ليسلي من يبكي مثلما هو الآن يفشل في إشباع غريزة حب العذاب لدي،فأنت تجد من يبكيك ويتذكر وجهك الجميل لكني لاأضمن أن يكون من أحد أتركه من بعدي ليفعل ذلك ..ياله من حزن.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *