عامر عبد الجبار اسماعيل
لعل الجميع يدرك الظروف الحرجة التي رافقت كتابة الدستور وان استفتاء الجماهير جاء اجمالا ولذلك فان اقراره لا يعني قبول جميع فقراته واليوم وبعد مرور اكثر من عشرة سنوات على اقرار الدستور العراقي والجميع يشهد بان العملية السياسية بالعراق لا زالت عرجاء لفقدان الامن والهدر الاقتصادي الكبير في ظل الفساد الاداري والمالي الذي انجبته المحاصصة الحزبية ولا سيما بان النظام الجديد جاء على خلفية نظام الحزب الواحد والذي تحول الى نظام التعددية الحزبية المفرطة وفقا للمعايير الطائفية والقومية وعليه فلا بد من إجراء تعديلات دستورية لإصلاح المسيرة قبل فوات الاوان وقد شهدنا نداءات متباينة فالبعض يطالب باستمرار النظام البرلماني والبعض يطالب بنظام الرئاسي ليقود البلد ولكن هذا المطلب يتطلب تعديلا دستوريا وان بعض المعترضين على التعديل الدستوري يعتقدون بان التعديل اصبح شبه محال باعتبار ان الدستور اعطى الحق لثلثي أي ثلاثة محافظات لرفض التعديل وفقا للمادة 142 وهذا يدل عدم فهمهم للنصوص الدستورية لان ما جاء في هذه المادة 142 هو اجراء وقتي ضمنه الدستور في بادئ الامر بعد اقراره والذي بموجبه اشترط تشكيل لجنة من قبل البرلمان في بداية عمله لتقدم تقريرا خلال اربعة اشهر يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجرائها على الدستور وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها وفقا للفقرة اولا من المادة 142 وبعدها تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها وتعد هذه التعديلات مقره بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء مجلس النواب وفقا للفقرة ثانيا من المادة 142 وبعدها تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب الى الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ اقرار التعديل في مجلس النواب وفقا للفقرة ثالثا من المادة 142
ويكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحا بموافقة اغلبية المصوتين واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في أي ثلاث محافظات او اكثر وفقا للفقرة رابعا من المادة 142 ولكن الفقرة خامسا من المادة 142 استثنت ما ورد في هذه المادة من احكام المادة 126 لأن ما جاء في المادة 142 هو اجراء وقتي يخص عمل اللجنة التي شكلها مجلس النواب في بداية عمله ولمدة محددة بأربعة اشهر فقط
واما حاليا فيمكن اجراء التعديل الدستوري نظرا لمرور دورتين انتخابيتين متعاقبتين وذلك بمقترح من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو من قبل خمس (5/1)اعضاء مجلس النواب وفقا للفقرة اولا من المادة 126 وبعدها يتطلب موافقة ثلي اعضاء مجلس النواب وبعدها موافقة الشعب بالاستفتاء العام ومن ثم مصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة ايام ويعد التعديل نافذا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وفقا للفقرة ثانيا وثالثا وخامسا من المادة 126 وعليه لا يوجد شرط عدم رفضه من قبل ثلثي المصوتين في ثلاث محافظات كما يعتقد بعض من السياسيين لسوء فهم النصوص الدستورية
وعليه فأن مطلب التعديل الدستوري ممكن وليس مستحيلا ولكن على المتصديين للتعديل الدستوري ان يتبنوا عملية الاصلاح تدريجيا للوصول الى الغاية المرجوة من ذلك لأن كلفة الاصلاح الفعلي اقل بكثير من كلفة التغيير الفوضوي ولذلك نقترح عليهم البدء اولا بخطوات اصلاح لا تتعارض مع الدستور وكما يلي:
- تشريع قانون الجنسيتين وفقا للمادة 18 الفقرة رابعا من الدستور ولاسيما بان مسودة القانون صوت عليها مجلس الوزراء منذ حوالي سنتين ومازالت مركونة في ادراج مجلس النواب !
- تشريع قانون الاحزاب وفقا للفقرة اولا من المادة 39
- تقليل رواتب كبار المسؤولين واعضاء مجلس النواب واعداد سلم رواتب جديد لموظفي الدولة
- تعيين أو استخدام حمايات لأعضاء مجلس النواب من قبل وزارة الداخلية مع تحديد العدد المناسب لكل نائب عبر لجنة امنية مختصة والغاء صرف راتب 30 شخص لصالح عضو مجلس النواب الحالي وراتب 10 اشخاص لصالح عضو مجلس النواب السابق عبر وكالة من كاتب العدل !.
- تعديل النظام الانتخابي من نظام التمثيل النسبي الى نظام الاغلبية بدور واحد وذلك بجعل عدد الدوائر الانتخابية بعدد مقاعد مجلس النواب ليكون نائب واحد عن كل دائرة مع الاخذ بنظر الاعتبار تمثيل الاقليات والنساء أو اعتماد النظام المختلط الميال لنظام الاغلبية
- تقليل عدد اعضاء مجلس النواب وهذا الامر صحيح يحتاج الى تعديل دستوري ولكن ممكن ايجاد مخرج لذلك لعدم حصول أي تعداد سكاني منذ 1997 وعليه نعتمد التعداد السكاني لعام 1997 والبالغ 22.5 مليون نسمة وعليه يكون عدد الاعضاء 225 نائب
علما بأن عدد مجلس النواب الحالي يخالف الدستوري حيث اعتمد العدد 328 دون أي سند يمثل التعداد العام للسكان وكذلك مخالف لإحصائيات وزارة التخطيط والتي تخمن عدد نفوس العراق 35 مليون نسمه وفقا للحصر والترقيم أي 350 نائب فاعتماد العدد 228 لا سند دستوري له.
- تدقيق الشهادات الدراسية لكبار المسؤولين ولاسيما الشهادات الجامعية والعليا وتقييم اداء الجامعات ولا سيما الاهلية
- الغاء المحاصصة الحزبية ولاسيما في المناصب التنفيذية الاربعة ( وكيل الوزير والمستشار والمحافظ والمدير العام) وفقا لمعيار المهنية والوصف الوظيفي للدرجة
- تفعيل قانون المحافظات 21 لسنة 2008 وابعاد مجلس المحافظة عن تقمص دور السلطة التنفيذية ويبقى دوره رقابي فقط مع حث مجلس المحافظة بأن يكون اختيار المحافظ ونوابه ومستشاريه من خارج الاحزاب وفقا لمعيار المهنية والخبرة العملية لا تقل عن عشرين سنة
- تعديل الية وضوابط تنفيذ العقود الحكومية والصلاحيات بما ينسجم مع انسيابية تنفيذها
- الترشيق الاداري لإدارة هيكلية الدولة بما لا يتعارض مع الدستور والتي تحتاج الى تعديل دستوري ممكن اعادة النظر فيها لاحقا عند اجراء التعديل الدستوري
- تقويم اداء هيئة المستشارين وجميع المستشارين في الدولة على ان يكون اختيار المستشار وفقا للمعايير المهنية و الوصف الوظيفي للدرجة دون المحاصصة الحزبية او الطائفية او العنصرية
- تجنبا لتشكيل جيوش طائفية او عنصرية يعاد العمل بنظام الخدمة الالزامية والتي تضمن حق جميع المكونات بعدالة
- دمج مكتب المفتش العام مع ديوان الرقابة المالية لتشابه مهام عملهما.
التعديل الدستوري
هنالك العديد من الامور مقترحة للتعديل الدستوري ولكن من اهمها:
- تغيير النظام البرلماني الى نظام رئاسي ولكن بعض الساسة يعتقدون بأن النظام الرئاسي ايضا له سلبيات كونه يكرس مفهوم الدكتاتورية علما بأننا نرى الدكتاتورية مكرسة في اغلب الانظمة الداخلية للأحزاب السياسية حيث نادرا ما نجد في الاحزاب وجود شخصية معتبرة ومؤثرة للرجل الثاني في قيادة الحزب فكل قائد حزب تجده دكتاتور على حزبه وبنفس الوقت تجده يرفض الدكتاتورية في الحكومة !
وعليه فاقترح ان يكون التعديل من النظام البرلماني الى النظام المختلط أي الى النظام البرلماني الميال للرئاسي أي ينتخب الرئيس من قبل الشعب مباشرة كما ينتخب مجلس النواب ويقوم الرئيس باختيار حكومته وفقا لمعايير المهنية والكفاءة دون المحاصصة الحزبية او الطائفية او العنصرية وتشكل الحكومة وفقا للأغلبية السياسية وتكون مسؤولة اما الرئيس وفقا لمعايير الانظمة المختلطة
- تقليل عدد اعضاء مجلس النواب ويمكن اقتراح بان يكون نائب لكل 200 الف نسمة بدلا من 100 نسمة على ان لا يزيد عدد اعضاء مجلس النواب عن 200 نائب
- الغاء مجالس المحافظات وانتخاب المحافظ ونائبه بشكل مباشر من قبل المواطنين ويراقب اداء المحافظ من قبل ديوان الرقابة المالية مع زيادة صلاحياته بإلغاء بعض الوزارات المتداخلة مع عمل المحافظة
- اعادة النظر في بعض الهيئات المستقلة والاوقاف المتعددة واعادة دمجها بالوزارات ذات العلاقة
ففي حال اتخاذ الخطوات اعلاه وغيرها سوف تتبخر الاحزاب التجارية ولا يبقى لها اثر يذكر وتبقى فقط الاحزاب الوطنية وحينها سوف لن يرشح للانتخابات الا السياسي الوطني المخلص لبلده وكفى الله العراقيين شر الاحزاب الفاسدة