الثقافة سيادية

الثقافة سيادية
آخر تحديث:

باقر صاحب
اطلعنا في الفترة الأخيرة على مقال للروائي المصري ابراهيم عبد المجيد، في (القدس العربي) اللندنية، مفاده انه مهما تزايد الحراك الثقافي في مصر، هناك انتقاد دائم لوزارة الثقافة، ويعدد في مقاله مفاصل أداء الوزارة (حدث تطور كبير في مؤسساتها فأصدرت هيئة الكتاب مثلاً سلاسل جديدة مهمة مثل «كتابات جديدة» ومثل «الألف كتاب الثاني» وتطور المجلس الأعلى للثقافة وشهد حركة كبيرة في المؤتمرات الأدبية التي لا أعرف سبب تأخر انعقادها الآن. صار للمجلس كل عام مؤتمر للرواية ومؤتمر للشعر وجائزة سنوية مصرية مرة وعربية مرة، فضلاً عن حركة مطبوعات كبيرة في المجلس) تفاصيل تدهشنا، نحن المصابين بالجفاف الثقافي. 
وإذا كانت المصرية ومؤسساتها بهذا الحجم اللافت من الإصدارات والجوائز والمؤتمرات والندوات، وتوجه لها سهام النقد، فكيف هي نظرة ذوي الشأن هنا لأداء وزارة الثقافة العراقية، وهي تعاني من التقشف الحكومي، على سبيل المثال لا الحصر، الدوريات الأدبية، التي تصدر عن دار الشؤون الثقافية العامة، مثل الأقلام وآفاق أدبية، أصبحت تصدر.
مرتين في السنة، وبالتأكيد امتد التقشف إلى عدد إصدارات هذه الدار من الكتب سنويا نعلم أن حصة الوزارة من الموازنة الاتحادية ومنذ ان كانت انفجارية، حصة ضئيلة قياساً إلى  الوزارات الأخرى، رغم الدور الكبير الذي ينبغي أن تضطلع به وزارة الثقافة في تنمية الوعي لدى عامة الناس بأهمية الفكر والمعرفة والإبداع في تقدم البشرية. يتحقق الإيمان بهذا الدور  متى ما كان هناك بعد ستراتيجي لدى السلطتين التشريعية والتنفيذية في النظر إلى الثقافة، وألا تستهينا بها أبداً، وتكفي مقولة غوبلز وزير الدعاية في عهد هتلر: ” كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي. 
وازدادت أهمية هذه الوزارة بعد ما أدمجت معها السياحة والآثار، ثلاث مفردات مهمة في معايير التقدم الحضاري لأي بلد، لذا أصبح من الضروري على البرلمان المقبل تشريع قانون وزارة الثقافة والسياحة والآثار وزارة سيادية، تخصص لها ميزانية كبيرة إسوة بالدفاع والداخلية والسياحة، تضطلع بإرساء علاقة جديدة بينها وبين الكتاب والمبدعين والمثقفين، نخبة أي أمة ومشاعل رقيها وعلوها بين الأمم، وتفعل ما أطلق عليه حديثاً الصناعات الثقافية، والاستثمار في كل مجالات الثقافة. وبإمكان الوزارة بقانونها الجديد، استثمار طاقات المبدعين والكتاب في بغداد والمحافظات بإنصافهم، وفق 
الكفاءة والخبرة، لا وفق المحاصصة، كما نأمل من الحكومة الجديدة تعيين وزير من أهل دار الثقافة الكبير، ذات خبرة في إدارة العمل الثقافي، وينهض بمعية هيئات ثقافية على غرار المصرية بالثقافة العراقية، ويعلي من شأن الإبداع العراقي.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *