فقط في ظل الانظمة التعسفية يجري التعامل مع الانسان كوجود بلا قيمة ،ويتحول الى شيء من الأشياء التي بفقدانها تبقى الحياة مستمرة مادام هذاالشىء هو شىء في الأول والآخر !
وفقط في الانظمة الديمقراطية المحترمة تكون القيمة العليا للحياة هي الانسانبإعتباره أثمن رأس مال في الوجود ، ولاتستمر الحياة طبيعية حين تتعرض هذهالقيمة للهدر والإذلال !
واحد وثلاثون إنساناً عراقياً بهوية مكتملة الاركان وجدوا جثثاً ملقاة علىأرصفة وخلاءات هذا الوطن المهدور ، وسط صمت حكومي مريب الى أقصىدرجات الريبة ، وربما الاقرب الى الحقيقة هو الصمت الذي يشبه التواطؤ الذييستحق الادانة !!
جثث باركان جريمة واضحة المعالم ، ترفض الاجهزة الحكومية استلامها لتقومبدور الحكومة نيابة غير منابة منظمة مجتمع مدني !
فيا للعار !!
وحتى هذه اللحظة التي لاريب فيها ولامؤامرة ، إلا في صمت حكومي لم يكلفنفسه عناء اداء الواجب الدستوري بحفظ كرامة حتى الانسان الميت ، صمتحكومي مريب ، كان يمكن ان يكون اقل إيلاماً وإستهتاراً ، لو ان رئيس الوزراءأو وزير الداخلية كلفا نفسهيما عناء تشكيل لجنة كما في كل الجرائم المجهولةالتي تجتاح البلاد ، وسنكون على دراية كاملة ان اللجنة كسابقاتها ستسجلالجريمة ضد مجهول ، وبدون وجع الرأس هذا ، قال مصدر أمني انها جثثثمتفرقة مقتولة لاسباب جنائية او إرهابية !
بكل بساطة وعدم احساس بالمسؤولية الانسانية على الاقل ” إنها جثث ” أيهاالسادة ولاداعي للبحث عن القاتل سواء قام بفعله لأسباب شخصية أو إرهابية!!
فأي قيمة لنا في هذي البلاد ؟
هذا هو منطق الحكومة ورؤيتها ومعالجاتها لجثث عراقيين قتلوا في مكان ماوزمن ما ، فيما يبقى الجلاد طليقاً حراً يتفرج على ضحاياه من شاشاتالفضائيات ويسخر من جوانية قلبه اللاانساني من كلام الحكومة !
والأكثر خطورة التوقيت الذي ظهرت به هذه الجثث المغدورة ، كما لو إن اياد“مجهولة ” تريد إعادة البلاد الى المربع الأول للبحث عن قاتل شيعي فيمواجهة ضحيّة سنيّة أو قاتل سنّي في مواجهة ضحية شيعية ، كي تبقى النارمتقدّة تحت رماد الوطن وأزماته التي لانهاية لها !
والحقيقة ان هناك قاتلاً ينبغي الكشف عنه وعن اهدافه وعن الجرائم التيارتكبها كائناً من يكون هذا القاتل ، لأنه في النهاية لاينتمي الى هذا العراق الابالإسم والهوية ومسقط الرأس ، لكنّه يشتغل لحساب هوية أخرى ومسقط رأسآخر وإسم آخر !!
الأكثر غرابة ان الحكومة تترك الاشياء تتفاعل والتفسيرات تتزايد والشحن العاطفي والنفسي يمور تحت تلك النار الهادئة ، تتركها وتتفرج كما لو انمايمكن ان ينتج عن فعل كهذا ، يهم حكومة جزر القمر وليس حكومة المنطقةالخضراء !
اعتقد ان الآوان قد حان لفتح هذا الملف ، ملف المغيبين والمفقودين والمغتالينغيلة والجثث المتناثرة التي ستظهر تباعاً ، وعلى القوى الفاعلة في هذي البلاد ،من مختلف الفعاليات وعناوينها وتسمياتها، ان تقوم بما يحتم عليها واجبهاالسياسي والانساني لمعالجة ملف سيبقى ناراً تحت الرماد حتى الكشف عنالقتلة ومعاقبتهم !!
ولكن من سيفعل ذلك ؟هذا هو السؤال الذي ينتظر أهالي الضحايا الاجابة عليه !!