الحربُ الأمريكية – الإيرانية في العراق

الحربُ الأمريكية – الإيرانية في العراق
آخر تحديث:

بقلم:عبد الجبار الجبوري

يشهد العراق ،ومنذ وصول الرئيس ترمب الى سدّة الرئاسة الامريكية ، حرباً إعلامية وسياسّية وعسكرّية بين أمريكا وإيران، وأخذت هذه الحرب أشكالاً متعدّدة، من الإجراءات الإقتصادية والتصريحات الإعلامية، كان آخرُها ،عرقلة تشكيّل حكومةً عراقية، لإنتخابات شابها تزوّيرفظيع ،وواسع النطاق لكلا الطرفين،إنتهتْ بفوز إيران على أمريكا بنتيجة (ثلاثة مقابل صفر) لصالح إيران، ويُقصد بذلك مناصب الرئاسات الثلاثة هي من نصّبتهم ،كي ينفذّون مشروعها الإمبراطوري الفارسي في المنطقة،كما صرّح قادة إيران أنفسهم ، وهذا الصراع ظهر الى العَلن لأول مرّة، حين أعلن الرئيس دونالد ترمب إلغاء الإتفاق النوّوي الايراني،وبعدها أعلنت الادارة الامريكية حصاراً إقتصادياً ،وصفتها بأنها الأقسى في التاريخ ،ثم فرضت حصاراً نفطياً كاملاً، منعتْ من خلاله الدول الاوربية والآسيوية من إستيراده وتعويضهم بالنفط العربي، وأعلنت شعارها( مَنْ يتعامل مع ايران اقتصاديا ونفطيا فيعتبر في خندقها )، حتى وصل الصراع ذروّته ألآن ، بعد تحشّيد عسكري أمريكي، لامثيل له في المنطقة ،والخليج العربي تحديداً ،( تحرّيك بوارج حربية وحاملات طائرات نووية ،وتنصيب صواريخ باتريوت وتوجيه صواريخ ذكية توما هوك وغيرها خصّصت لضرب مفاعلات ايرانية ، وفتح قواعد جوية ،وإنتشارعسكري واسع في العراق وسحب الجيوش الامريكية من كل من افغانستان وسوريا وارسالها للعراق)،عزز هذا الكلام الزيارة المفاجئة للرئيس ترمب لقاعدة عين الاسد في الانبار بالعراق، دون عِلم وإعلام الرئاسة العراقية ومجلس الوزراء ، بل ورفض إستقبالهم، وترمب وضع اللمسات الاخيرة ،وإطمئن على تواجد قواته وإستعدادها لأي حرب قادمة، ورفع معنوياتهم بمشاركتهم أعياد الميلاد المجيد،ثم تبعه وزير خارجيته ماك بومبيو بزيارة أيضا مفاجئة ،ضمن جولة مهمة وتاريخية ،في تسع دول عربية منها ست دول خليجية في المنطقة اطلعهم على استعدادات امريكا في مواجهة ايران، وبضمنها العراق، إلتقى حيث برئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء وبعض الشخصيات الاخرى، وأبلغ الحكومة والرئاسة بجملة قرارات أمريكية ،على العراق تنفيذها بحذافيرها خلال شهر واحد فقط، منها تفكيك الحشد الشعبي والميليشيات المنضوية معه،وتسليم اسلحته للحكومة ، وإحالة من تلطّخت أيديّه بدماء العراقيين الى القضاء، وقطع أي علاقة اقتصادية مع ايران، بعد المدة الممنوحة لها، مع تحيّيد حركة الطيران العراقي ،العسكري والمدني بأوامر امريكية، وتطبيق قانون فرض الامن وإنهاء أي تواجد ايراني عسكري في العراق وفرض القانون في الشارع ، واخلاء املاك الدولة وبيوتها ودوائرها ،من الأحزاب والشخصيات التي تسكنها، وتستولي عليها هذه الاحزاب ،وتبليغ العراق، بتنفيذ قرار الرئيس ترمب ،وهوالإنسحاب من سوريا والتمرّكز في العراق وإنشاء قواعد عسكرية جديدة،وحسب الإتفاقية بين الطرفين، التي وقعها نوري المالكي مع الرئيس أوباما، والتي مدتها 99 سنة، والسماح لأمريكا الانتشار داخل العراق دون الرجوع للحكومة ، وزيارة هذه القواعد والمعسكرات دون إعلام الحكومة ، وتنفيذ عمليات عسكرية من داخل الاراضي العراقي خارج العراق، دون الرجوع للحكومة، وخاصة فيما يتعلق بأمن وحماية الجيش الامريكي، والمصالح الامريكية في العراق والمنطقة،كل هذا وغيره تم إعلام الجانب العراقي ،وبعد هذه الإجراءات جاءت زيارات أخرى مهمة للعراق، منها الملك عبد الله الثاني ووزير خارجية فرنسا لودريان، وآخرها زيارة وزير خارجية محمد جواد ظريف المثيرة للجدل ، والتي إستغرقت خمسة أيام كاملة ، وهذه أول مرّة تتحقّق زيارة لوزير خارجية في العالم، تستغرّق خمسة أيام، يلتقي خلالها برؤساء أحزاب موالية لايران، ويزوراربيل والسليمانية ،ويلتقى بالسيد مسعود برازاني وقادة حزب طالباني ،وشخصيات سنيّة مثل مهدي الصميدعي وعبد اللطيف الهميم وغيره ،ومسئولين آخرين ،وشيوخ عشائر موالية لايران في خرق بروتوكولي دبلوماسي مخزٍ ومعيب بحق حكومة العراق الهزيلة، زيارة –ظريف- المشبوهة، تؤكد أن إيران مصمّمة على خوض حرب عسكرية مع أمريكا ،ولكنها تستخدم عناصر الحشد الشعبي، والميليشيات العراقية التابعة لها في هذه الحرب ، وقد هيأ ظريف لها كل الدعم العسكري والاعلامي والسياسي، وضع خطة الهجوم لها على قوات أمريكا ومقراتها وقواعدها في العراق ،(وقد صرّح بعض قادتها قناة الغدير، بأن بعض قادة وعناصر الميليشيات وصلت الى شمال العراق في اربيل والسلميانية هرباً من المواجهة) ، والتي وضعتها الادارة الامريكية ،على لائحة التفكيك ونزع الأسلحة خلال شهر واحد ،وهي (67) ميليشيا مسلحة أبلغت حكومة عبد المهدي بقرارها حسب التسريبا الاعلامية، ولهذا كانت زيارة ظريف لبغداد لكي يضع الحشد الشعبي والميليشيات ،في فم المدفع الأمريكي وتخرج إيران سالمة من المعركة ، وهكذا أفشلت طهران إتفاق الحوثيين مع حكومة اليمن الشرعية، لإشغال الامم المتحدة والإدارة الأمريكية عن هدفها الأساسي ،وهو مواجهة ايران وتحجّيمها وطردها من سوريا والعراق ،وقصقّصة أجنحتها وأذرعها في المنطقة، وهو قرار التحالف الدولي ضد ايران، خاصة وإن مؤتمر وارسو في بولندا، سيحدّد المصيرالنهائي لنظام طهران، ويعلن تشكيل أكبر تحالف دولي وعربي في مواجهتها عسكريا،إذا لم تطّبّق وتنفذ الشروط الأمريكية والأوربية ال (12)، التي أعلنها ماك بومبيو، إذن من مؤشرات المواجهة ، والتي بدأتها إدارة ترمب بمجابهة إقتصادية، وحصار تأريخي هو الاقسى ،ومنع تصدير نفطها بالكامل خلال فترة قليلة مقبلة،وتحشيّد عسكري وإعلامي واسع جدا ضدها، تشهد المنطقة حراكاً سياسياً، يهدف لمنع حرب مدمّرة ساحتها العراق وسوريا، قبل أن تتحوّل الى داخل العمق الايراني، في نيسان القادم كما مخطط له أمريكيا ودولياً، بعد أن ظهرت بوادر هذه الحرب بشكل علني على العالم، ففي سوريا ،تم الإتفاق على بقاء الاسد وهزيمة داعش كلياً من الاراضي السورية، بمباركة ومشاركة وإشراف تركية وروسيا، على أن تتفرّغ الإدارة الامريكية وتحالفها الدولي والعربي لأسقاط نظام الملالي في طهران،وقد رأينا الإصرار الأمريكي وجديتّه ، التي كان الكثير لايؤمن بها ولايصدّقها ،ويعتبرها تهويمات إعلامية وليس إستراتيجية أمريكية، فنقل مقر القيادة الامريكية المشتركية الى أربيل ،ودعوة عناصر وقيادات مجاهدي خلق لأربيل، وإنشاء أكثر من أربع قواعد امريكية عسكرية ثابتة في شمال العراق ومحافظاته، وتخزّين الاسلحة والصواريخ وإنتشار الآف الجنود الأمريكان، في عموم محافظات الموصل وصلاح الدين والانباروكركوك، والمتحصنة في قواعدها الجوية المنتشرة هناك ، والتي ينفي رئيس الوزراء وطاقم الاحزاب تواجدها وإنتشارها، لتعميّة وتضليل الرأي العام ، نحن نرى ونعيش دقائق الإجراءات والقرارات الامريكية داخل العراق، ونرى حجم الخوف الذي انتشر في الشارع العراقي، رافضاً أن يكون العراق ،ساحة حرب بديلة عن إيران ، وبالمقابل تصرّ إيران ألاّ إنْ يكون العراق ساحة حرب، ضد امريكا وجيشها المنتشر في العراق،لإبعاد خطر إنتقال الحرب والمعركة الحتميّة لداخل ايران ، فالسيناريو الإيراني هو الإيعاز للميليشيات العراقية، التي تهدّد المصالح الامريكية والجيش الامريكي بالويل والثبور، أن يقوم الحشد والميليشيات بقصف القواعد العسكرية الامريكية بصواريخ، كالتي إستخدمها في قصف السفارة الامريكية قبل شهور، والتي زودّتها لهم بها إيران، وهناك الكثير من التسريبات التي تؤكد أن المعركة ستكون بين الحشد الشعبي، وميليشيات تابعة لإيران ،وبين القوات الأمريكية المنتشرة في العراق، في بداية المواجهة ، لتأخيرتحولّها الى العمق الإيراني،وإستخدام الحشد والميليشيات كمقدمة للحرب وإعاقة حدوثها في إيران ، حسب الخطّة الايرانية ،التي عتقد أنَّ الحرب بالنيابة ،ينقذها من السقوط الحتمي ونهاية النظام، وحسب الإستراتيجية الامريكية التي تريد التخلّص من النظام بأية طريقة،حتى ولو كانت بالحرب العسكرية داخل الاراضي الإيرانية، وهذا ما سيحصل في نهاية المطاف حتماً…..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *