في هجوم جوي أو صاروخي غير معلن، ولم يعرف الطرف المنفذ له حتى الساعة، وفي منطقة لا يمكن لغير قوات التحالف الدولي الاقتراب منها، عند الحدود السورية – العراقية في محيط منطقة البو كمال أقصى شرق دير الزور، قتل أكثر من (50) عنصراً من عناصر الحشد الشعبي العراقي، وعناصر حزب الله اللبناني، وعسكريين من جيش النظام السوري.الضربة وقعت في منطقة البو كمال – تقع البو كمال في ريف محافظة دير الزور، شرقي سوريا، وعلى بعد 8 كم من الحدود مع العراق- وهي منطقة تمتاز بوجود قواعد ومعسكرات لقوات التحالف الدولي فيها.مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أكد ارتفاع حصيلة القتلى من 38 إلى 52 مقاتلا مواليا للنظام، بينهم عراقيين، جراء الضربة التي قال إنها استهدفت رتلاً عسكرياً خلال توقفه عند نقطة لقوات النظام وحلفائها في بلدة الهري في محافظة دير الزور (شرق)، وأن الطائرات مجهولة ولا نعرف هويتها”، لكن وسائل الإعلام الرسمية السورية اتهمت “التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، بشن الضربة الليلية”.
في المقابل، قال المتحدث باسم التحالف، شون ريان، إنه” سمع عن هذه التقارير، نافيا شن التحالف أي ضربات في المنطقة”.الغريب أنه حتى الساعة لم تعلن أي دولة مسؤوليتها عن الهجوم، ومن متابعة الأفلام التي نشرت بعد الهجوم يمكن القول إن الهجوم وقع بواسطة صاروخ ارض – ارض بعيد المدى، وهذا ما أرجحه، لأن الحفرة الكبيرة الموجودة في مكان الهجوم لا يمكن أن يخلفها صاروخ طائرة إلا إذا كانت من الطائرات العملاقة، وبالتالي لا يوجد ما يؤكد أن الهجوم نُفذ بطائرات وليس بصواريخ بعيدة المدى.الحكومة العراقية أصدرت بياناً غريباً نأت فيه بنفسها عن القوات المستهدفة بالضربة، مؤكدة في الوقت نفسه إدانتها لها، وقالت “إننا في الوقت الذي نأسف فيه لما حصل لقوات أمنية داخل الأراضي السورية، بعد قصف مقرها الذي يقع جنوبي البوكمال، منطقة (الهري)، وهو عبارة عن غابات وعمارات سكنية، حيث تبعد هذه القطعات 1500 كلم عن الحدود العراقية داخل الأراضي السورية، نؤكد أننا لسنا على اتصال معهم، ولم يكن هناك تنسيق بين قواتنا الأمنية وهذه القطعات”.
فكيف يمكن تفهم ذلك في حين أن قوات الحشد في العراق أصبحت ضمن الإطار الرسمي للقوات العسكرية العراقية، وهذا حقيقة موقف يؤكد ضعف القرار الرسمي العراقي الذي يفترض به أن يكون موقفاً حازماً لأن تلك القوات المستهدفة هي جزء من المنظومة الرسمية العراقية، وبالتالي كيف ذهبت إلى مناطق خارج حدود البلاد دون علمها؟من جهتها أعلنت قوات الحشد الشعبي في العراق، أن” التحالف الدولي بقيادة واشنطن شن ليل الأحد غارة جوية على موقع لها في منطقة حدودية في شرقي سوريا، مما أسفر عن مقتل 22 من عناصرها، في اتهام نفاه التحالف، بينما قال مسؤول أميركي إن واشنطن تعتقد أن “الضربة إسرائيلية”.
وفي واشنطن أعلن مسؤول أميركي لوكالة الأنباء الفرنسية، أن الولايات المتحدة “لديها أسباب تدفعها للاعتقاد بأن إسرائيل هي التي شنَّت الغارة”.الضربة يقال إنها “استهدف قيادات بارزة من حزب الله اللبناني، كانوا يعملون مع الجيش النظامي السوري، واغلبهم فنيين وخبراء عسكريين، وأنها أسفرت عن إصابة 6 من القادة وربما أكثر، ولا توجد إحصائيات مؤكدة حتى الآن”.من جانبها بينت عصائب أهل الحق- إحدى مليشيات الحشد الشعبي في العراق-، الثلاثاء، أن “منفذ الهجوم على الحشد طائرات تنحصر هويتها بين الأمريكية والإسرائيلية”.وأكدت “على ضرورة أن تتخذ الحكومة العراقية الإجراءات المطلوبة والكفيلة بالكشف عن من ارتكب هذه الجريمة بأسرع وقت مهما كان الفاعل”.
والغريب أن بيان العصائب أكد أن” تواجدهم في هذه المناطق هو تواجد شرعي، وبعلم الحكومة السورية للتصدي للدواعش على الحدود مع العراق”!الضربة تؤكد جملة من الحقائق ومن أبرزها أن الحشد الشعبي المتواجد في سوريا لم يتواجد بتصريح من حكومة بغداد، وهذا ما أكدته حكومة بغداد في بيانها المذكور في أعلاه.وهذه الضربة تثبت أن أجهزة الرادار السورية والعراقية لم تتمكن من اكتشاف الطائرات المنفذة للهجوم، وهذا يؤكد غياب سيطرة هاتين الدولتين على سمائهما.
وأخيراً إذا كانت الغاية من الضربة إضعاف لنفوذ إيران في المنطقة فأظن أن ظهور قائد الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني في اليوم التالي للضربة في العراق برفقة أبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي يؤكد أن أمريكا – ومن معها- غير جادين في إنهاء ملف التدخلات الإيرانية في العراق والمنطقة وإلا فانه بإمكانهم إلقاء القبض عليه، بطريقة مباشرة عبر قواتهم المنتشرة في العراق، أو بطريقة غير مباشرة عبر القوات الحكومية العراقية الموالية لهم، وهذا يؤكد الفرضية السابقة وهي وجود تنسيق أمريكي – إيراني رغم العداء الظاهر في الإعلام، أو في بعض الضربات غير القاصمة التي تنفذها قوات التحالف ضد اذرع إيران هنا، أو هناك!