بعد أن كانت حلما يُراود كلّ خطاط في العراق على قلتهم، صار لهم مطبوعهم الاثير من خلال مجلة “الخطاط” فاحتفلوا بها احتفالا كبيرا. مجلة الخطاط في عددها الاول اصبحت موئلا لجميع الخطاطين في العراق والدول المجاورة بوصفها أول مطبوع من نوعه في المنطقة، وصارت حاضنة لنشاطاتهم واعمالهم وسيرتهم الذاتية. وذلك بفضل صاحب الفكرة والامتياز ورئيس التحرير الفنان والناقد علي الدليمي، الذي كان يسعى لتأسيسها منذ زمن بعيد، لكن الظروف كانت تقف حائلا امام اصراره العجيب. يقول الدليمي في كلمته: الحمدلله تحقق الحلم وصار للخطاطين منبر يعبّرون فيه عن افكارهم وآرائهم وينشرون لوحاتهم وسيرتهم الفنية فيه. ويضيف: المجلة أول مطبوع ورقي عن الخط والخطاطين في العراق والبلدان العربية والاسلامية. تعنى بتاريخ وفنون وتراث ومبدعي الخط العربي والزخرفة. وبصدور المطبوع نكون قد حققنا رسالتنا الانسانية تجاه لغة اهل الاسلام الاساسية، التي نترجمها نحن الخطاطين ونصوغ هذه اللغة على اشكال صورية وجمالية شاخصة ودائمة، مابين خط المصاحف الكريمة بسورها وآياتها البليغة، والاحاديث الشريفة للنبي محمد (ص) وتوظيفها في الشواخص العمرانية الشاهقة والفنون الحرفية والابداعات اليدوية، التي فتحت الافاق الواسعة نحو الاسلام وثقافته ورسالته الانسانية والاخلاقية.
أظن أنّ المطبوع سيُعيد الشأن للخطاط وتوهّجه بعد أن ظلم إعلاميا قياسا بفناني التشكيل، ولم تسلّط الاضواء عليه كما الرسام او النحات او الخزاف. فالآن صارت له فرصة جيدة للتعبير عن فنّه وسيرته في مطبوع أنيق وملوّن وبورق صقيل. والجميل في المجلة انها خصصت بعض الصفحات باللغة الانكليزية عبر ترجمة تلخيص لكل عدد وموضوعاته لغرض ايصاله الى القارئ الناطق بغير العربية كي يطلع على فنون الخط العربي والاسلامي قديما وجديدا. كما اطلقت المجلة دعوة عامة لجميع الخطاطين والمزخرفين للتواصل معها لنشر نتاجاتهم وسيرتهم الفنية.
وتصدرت صورة الخطاط الشهير هاشم محمد البغدادي، عميد المدرسة البغدادية للخط العربي، الغلاف الاول للمجلة، في حين احتل الغلاف الثاني موضوعا عن الخطاط عبدالرضا القرملي بقلم رئيس التحرير الدليمي، وهو من خطاطي مدينة ميسان ويتميّز بإبداع استخراج تراكيب شكلية خطية تتسم بخصوصية جمالية التجديد البنائي للتصوير الحروفي وانسيابية هرمونية (جوهر النص الكتابي) وفق رؤية انشائية مدروسة مسبقا، فضلا عن الامكانية العالية للقرملي في ضبطه ومعرفته للقواعد وأصول وموازين الحروفية للخط العربي. ونشر في ظهر الغلاف الاول لوحة رائعة للخطاط الراحل مهدي الجبوري. كما تضمن تحقيقا بأربع صفحات عن الخطاط هاشم البغدادي لآراء مجموعة من الخطاطين المحترفين الذين تتلمذوا او تأثروا بأستاذهم البغدادي.
ونشرت الحلقة الاولى من الملف التوثيقي (بغداد والخط العربي) وتضمن دعوة للخطاطين وللنقاد التشكيليين للكتابة عنه في الاعداد المقبلة. كما نشرت وثيقة تاريخية للعلامة الدكتور احمد سوسة عن الكنعانيين بوصفهم اول من استعمل الحروف الهجائيّة في الكتابة، وكيفية نشأة فكرة الأخذ بالأحرف بدلا من الصور. وكتبت ليلى مراد عن اثر فن الخط العربي والزخرفة على الفنون الاوروبية. وحوار مع الدكتور عبدالرضا بهيّة الروضان رئيس جمعية الخطاطين العراقيين أجرته الزميلة سارة حسن موسى، أشار فيه الى انه بصدد تأليف كتابين احدهما يعنى بأبحاث نقدية في مجال الخط العربي، والاخر يعنى بدراسة المصطلح الخطي بأسلوب مقالي.
ونُشر على صفحتين مقال عن الخطاط عباس البغدادي وعلاقته بميزان الخط العربي. ولوحة (اية الكرسي) للخطاط الدكتور اياد الحسيني ومعها موضوع عن قصة كتابة هذه الاية الكريمة. وتضمن العدد موضوعا للراحل يحيى سلوم العباسي عن الخطاط محمد طاهر الكردي المكي يتحدث فيه عن حياة وفن هذا الخطاط الرائد. وكتب المحرر الفني بطاقة تعريفية عن الخطاطة الموصلية المعروفة (جنة عدنان احمد) وهي ثالث خطاط في العالم بعد البغدادي ويوسف ذنون تحصل على أعلى مراتب الشهادات في الخط العربي.