الديمقراطية المقبولة والديمقراطية المرفوضة … بقلم عبدالواحد البصري

الديمقراطية المقبولة والديمقراطية المرفوضة … بقلم عبدالواحد البصري
آخر تحديث:

ما كان يعرف بالديمقراطية قبل تفكك الاتحاد السوفيتي يختلف عن الديمقراطية المعروفة هذا اليوم 

كان العالم في السابق مقسم الى ثلاثة اقطاب وهي القطب الشيوعي والقطب الرأسمالي وقطب دول عدم الانحياز اما بقية دول العالم فهي منظمة او موءيدة الى هذا القطب او ذاك من تلك الاقطاب الثلاثة وكانت الديمقراطية تعني بأبسط معانيها حكم الاغلبية التي تأتي عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة على شرط حصول تلك الاغلبية على اكثر من 50% من اصوات الناخبين وبغض النظر عن وجود اوعدم وجود مثل هذه الدول في القرن الماضي التي جاءت حكوماتها عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة ومن يوءيد تلك الدول ومن يقف ضدها ولكن بصورة عامة فأن الولايات المتحدة بعد منتصف القرن الماضي كانت تقف ضد كل الحكومات التي اتت عن طريق هذه الديمقراطية وسياستها لاتخضع لمعسكر الدول الرأسمالية خاصة في افريقيا وامريكا اللاتينية و بعض المناطق من
اسيا و اما روسيا فكانت تقف ضد الديمقراطية داخل المعسكر الشيوعي ومثال على ذلك ما حدث في جيكوسلوفاكيا والمجر وبولندة
اما الديمقراطية المقبولة في دول العالم الثالث هذا اليوم هي الديمقراطية التي ترضى عنها الولايات المتحدة وحكومات الدول الغربية وبغض النظر عن الطريقة التي اتت بحكومات تلك
الدول في العالم الثالث فالاعلام الامريكي يجعل من اية دولة يشاء دولة ديمقراطية اذا كانت حكومة تلك الدولة خاضعة لسياسة الولايات المتحدة ويجعل منها دولة دكتاتورية اذا كانت حكومتها لا تخضع لسياسة الولايات المتحدة ولا يهمها في هذا التصنيف مصلحة الشعوب التي اختارت تلك الحكومات ولكن
الويل كل الويل للشعوب التي تعتبر حكوماتها مارقة من قبل الولايات المتحدة والامثلة على ذلك كثيرة لمن يريد ان يقرأ التاريخ وافضع ما جرى في القرن الماضي هو الانقلاب الذي حصل
ضد حكومة تشيلي التي كانت بزعامة الرئيس سلفادور اللندي لانه اراد تحرير وطنه من التبعية وجاءوا بالجنرال بينوشيه والذي اصبح ملاحق من قبل شعوب العالم ودولها بالرغم من قيامه باصلاحات اقتصادية مهمة الا انه اعتبر خائنا لقيامه بأنقلاب ضد رئيسه الذي قد عينه وزيرا للدفاع وكما يقال ان التاريخ يعيد نفسه فأن الجنرال السيسي وزير الدفاع في حكومة الدكتور مرسي قام بانقلاب ضد رئيسه وجعل دول العالم محرجة بالنسبة للاعتراف بهذا الانقلاب الذي قامت به الولايات المتحدة وبأموال من دول الخليج وبغض النظر عن ايجابيات اوسلبيات الحكم خلال العام الذي حكم به الدكتور مرسي الذي جاء بصورة ديمقراطية حسب المفهوم لهذا المصطلح وبالرغم من انني ضد استلام الحكم من قبل حركة الاخوان لان اعداء الاسلام سيستغلون فشلهم لتوجيه كل حقدهم ضد الاسلام والمسلمين وبالرغم من هذا علينا ان نرفض اي نوع من الانقلاب على الشرعية التي اتت بالدكتور مرسي لسدة الحكم خاصة ان الانقلاب ايدته قوى اكثرها كانت معادية للشعب المصري من الفلول ومن الموالين للدكتور البرادعي وللموالين لعمرو موسى وهذه القوى المنبثقة من الدولة الخفية استغلت شباب ثورة يناير بالوقوف معها باعتبار ان الاخوان قاموا بتهميشهم وكذلك قوى اسلامية استنكرت التقارب بين مصر وايران على حساب الدين كما استنكرت الوقوف السلبي لمصر مع الشعب السوري في ثورته ضد طغيان بشار وبطبيعة الحال كان الناصريون
موءيدين للانقلاب و ذلك للعداء التاريخي بينهم وبين الاخوان ذلك العداء الذي لم يكن في مصلحة الوطن يوما من الايام وما يثبت هذه الحقائق هو كلام عضو الكونكرس الامريكي جيري كونالي اثناء استجواب سفيرة الولايات المتحدة في مصر واكتب هنا بعض ما دار في اللجنة الخارجية للكونكرس الامريكي لنطلع على مقدار تدخل الولايات المتحدة في شئوننا
فعند افتتاح جلسة الاستجواب طلب القاضي وهو رئيس لجنة الشئون الخارجية من عضو الكونكرس جيري كونالي عن ولاية فرجينيا ان يتفضل بالكلام
كونالي : يقول للسفيرة جونز بقراءة شهادتك افترض انه تم فحصها في وزارة الخارجية الامريكية ومجالس اخرى في الحكومة الامريكية
السفيرة :نعم قد تم فحصها
كونالي : انا اقرأ واحد من اغرب البيانات التي قرأتها في حياتي من مسئول امريكي جاء فيه انه بعد الثورة التاريخية في يناير 2011 فاز الاخوان حزب الحرية والعدالة في الانتخابات وتم انتخاب الرئيس مرسي الى السلطة في انتخابات نظر اليها على انها حرة ونزيهة انا افترض ان هذه العبارة تعني انها كانت عملية ديمقراطية وانه تم انتخابه ديمقراطيا كما ينبغي فهل هذا صحيح ؟
السفيرة: كان هذا هو التقييم في حينها
كونالي : لاهذا هو التقيم اليوم كما اكدت ذلك بنفسك
السفيرة : نعم لكن السيد مرسي انه غير راغب او غير قادر على الحكم بطريقة تضم الجميع مما نفر قطاع كبير من المجتمع المصري واستجابت الحكومة الموءقتة التي حلت محله لملايين المصريين الذين اعتقدوا ان الثورة قد انحرفت من مسارها
كونالي : قلت في التقرير ما معناه ان الحكومة الامريكية تقول انه حتى لو فزت في انتخابات حرة وديمقراطية فانك لو نفرت من تحكمهم فان الاطاحة بك مقبولة ؟ انني استطيع ان افكر في ادارات امريكية ينطبق عليها ذلك
السفيره : نحن قيمنا الموقف على الارض والذي ادى الى 30 يونيو و 1 يوليوا قدرنا بسبب الملايين من المصريين في الشوارع قاموا التعبير عن قدر معتبر من عدم الارتياح ولا السعادة بأتجاه حركة الديمقراطية المصرية تحت حكم الرئيس مرسي
كونالي : سيدتي انت وانا كبار بقدر يكفي لنتذكر مظاهرات حرب فيتنام لقد شاركت انا في هذه المظاهرات وقد كان هناك الملايين من الامريكيين يحتجون على الرئيسين جونسون ونيكسون وعلى حرب فيتنام وطبقا لمنطقك فأن هذا يسلب شرعية هاتين الادارتين
السفيرة: سأشرح الطريقة التي بها ما حدث هناك فارق فارق واضح بين موءسسات حكم بامريكا وموءسسات حكم في مصر الوليدة حيث ان الشعب المصري استطاع ان يرى ان الصوت الذي عبر عنه في الانتخابات لم يعد مرسي يسمعه والذي بدأ الاستيلاء على عناصر الحكومة المختلفة بصورة لم يدعموها ( تعليقي اعتبر ان هذا كلام عنصري وبعيد عن الحقيقة فهذه تعتبر ديمقراطية مرفوضة من قبل الولايات المتحدة ومن قبل الخونة اتباعها فأين الولايات المتحدة من ديمقراطية حكومة الاحتلال في المنطقة الخضراء التي تعتبر ديمقراطية مقبولة من قبل الولايات المتحدة والخونة اتباعها
كونالي : دعيني افهم هذا بصورة صحيحة نحن نفضل الديمقراطية مالم تكن حكومة مخادعة وفي هذه الحالة يصبح لدينا تصنيف خاص ونفحصهم فحصا خاصا واذا لم يلاقوا معايير واضحة فمن المقبول الاطاحة بهذه الحكومة المنتخبة ديمقراطيا ولو كنا لا نحب ذلك
السفيرة: انه ليس سوءالا حول ما نحبه او لانحبه ولكنه متعلق بما شعر الشعب المصري بأنه انحراف لثورتهم
كونالي : سيدتي السفيرة بناء على ماذا ؟ لانك لو استخدمت هذا المعيار فيمكن ان تعتبر هذه الحكومة الانتقالية غير شرعية بنفس الدرجة فالملايين قد احتجوا عليها والمئات خسروا ارواحهم في هذه الاحتجاجات
السفيرة : حضرة عضو الكونكرس هذا هو السبب في اننا بقينا مشاركين جدا وناقشنا بأستفاضة مع الحكومة الموءقتة اهمية رجوعهم الى مسار الحكومة المدنية عبر عملية ديمقراطية ولهذا دعمنا خارطة طريقهم ولهذا السبب اننا وسعنا مما نفهمه عناصر الديمقراطية والعناصر الاخرى (تعليقي هو ان من كلام السفيرة يتبين ان الولايات المتحدة حشرت نفسها في كل صغيرة وكبيرة لمستقبل مصر على ضوء خارطة الطريق التي لايعلم احدعنها شيئا الا الادارة الامريكية والجنرال السيسي ولا ادري بأي حق يتدخلون بشئون الشعوب الاخرى ومن الموءكد لولا الخونة ما استطاعت الولايات المتحدة ان تمد اصبع من اصابعها في بلداننا
كونالي : انا اسف ان الوقت يدهمني وتعلمين سيدتي السفيرة انا ايضا كبير في السن بقدر يكفي لكي اتذكر ان هذا هو تماما نفس المنطق الذي استخدم لخلع حكومة اللندي وتبرير دعمنا لحكومة بينو شيه وقد ادى ذلك الى سنوات من القمع في اقدم ديمقراطية بجنوب نصف الكرة الارضية والى قتل وتعذيب واختفاء الالاف
وحسب نظري ليس مقبولا لامريكا ان تقبل بالاطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطية مهما كان خداعها ومهما كان درجة خلافنا معها وهذا يوم حزين لي ان اجلس هنا وارى حكومتي تقدم بيانا كهذا وبذلك انهي كلمتي سيدي الرئيس
رئيس اللجنة :شكرا لك سيدي النبيل على كلمتك
كان هذا بعض ما دار في استجواب السفيرة الامريكية في القاهرة وهو مشابه لاستجواب السفيرة الامريكية في بغداد التي قالت للرئيس السابق ان الامر بينكم وبين الكويت لا شأن له بالولايات المتحدة وبعد هذا الاستجواب اختفت من الوجود فهل ستختفي السفيرة جونز الله اعلم
اعتذر لطول هذه الرسالة ولكن لابد من معرفة بعض الحقائق كبشر نبتغي لاوطاننا الاستقلال ولشعوبنا الحرية وان تحكمنا العدالة فان ثمن المجيئ بالديمقراطية الكاذبة لايساوي ما حصل في العراق من دمار للبلاد وهلاك للعباد وان كذبة عدم ارتياح نصف سكان مصر لحكم مرسي لايساوي جريمة الانقلاب على الشرعية وقد تبينت اهداف الانقلاب ومن كان وراءه مما جعل اكثر موءيده يقفون ضده هذا اليوم .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *