الذكرى العاشرة للغزو “طوئفة” العراق مصلحة أميركية – إيرانية!! … بقلم محمد الياسين

الذكرى العاشرة للغزو “طوئفة” العراق مصلحة أميركية – إيرانية!! … بقلم محمد الياسين
آخر تحديث:

الكثير من التساؤلات لا تزال مطروحه بعد عشرة سنوات مرت على غزو الولايات المتحدة وحلفاءها للعراق وفي المقدمة منها ، ماهي الغاية الحقيقية التي تقف وراء غزو وتدمير العراق وهو المنهك أصلاً قبل احتلاله؟! ، هل كان العراق يشكل تهديداً أكبر من التهديد الذي تشكله دولتي إيران و كوريا الشمالية النوويتين ؟! ، أو كان يشكل خطراً على السلم الاهلي بالمنطقة كما هو حال إيران ؟! ثم لو كانت اميركا فعلاً تريد الاطاحة بنظام صدام فقط من دون غزو واحتلال الا تستطيع ذلك برأيكم؟! ..أم كان إحتلال العراق بداية فصل من فصول خارطة الطريق للمنطقة ؟! ..

الخطاب الامريكي تعامل منذ بداية الحرب مع العراق كمكونات مذهبية وعرقية ، عرب سُنة ،عرب شيعة ، كُرد  ، تلك اللغة نشهد رواجها اليوم بشكل كبير ومكثف ، على صعيد المنطقة ككل ، ونلمس نتائجها الخطيرة ، فهل تعتقدون ان توسع نفوذ إيران بالمنطقة كان مجرد صدفة ؟! أم كان خارج عن إطار السيطرة الأميركية ؟! ، لا هذا ولا ذاك ! .

فأمريكا لا تستطيع ان تبرر هيمنتها على المناطق الحيوية في العالم دون وجود عدو مُفترض أو عدو ” وهمي ” كما يسميه البعض ، تلك هي العقيدة التي تقود السياسة الاميركية ، ومؤسسها ليو شتراوس الذي يعتبر الأب الروحي لمدرسة المحافظين الجدد التي قادت الحرب على العراق ، بالتالي لا تستطيع أميركا منفردة ان تعيد رسم خارطة المنطقة ، ثم لا تستطيع توزيع مناطق النفوذ فيها بشكل سلمي! ،وكي تتحقق تلك الغاية يُفترض وجود احداث كبيرة تغير طبيعة المعادلات التقليدية التي حكمت المنطقة طوال عقود ، لذا كان لا بد من وجود إيران القوية ، ذات السياسة الاستعمارية ، كي تخلق حالة ذعر وخوف لدى شعوب المنطقة المُستهدفة من سياساتها الاستعمارية لتبرر التدخل الاميركي في شؤون المنطقة ، فأميركا سهلت مهمة إيران في العراق بعد غزوه ، ثم سهلت مهمتها بالتوسع الاستراتيجي في عموم المنطقة وتهديدها لمنطقة الخليج العربي وتمكن المستعمر الايراني من تحقيق غاياته واهدافه التوسعية! .

 وفق تلك القراءة لا يوجد ما يجعلنا نصدق بأن السياسة الاميركية تسعى حقاً لكبح جماح الاخطبوط الإيراني ، بل أسهمت بتمدده في مناطق جديدة كانت قبل احتلال العراق والثورات العربية بعيدة عن نفوذ إيران وسيطرتها.

لو كانت أميركا تسعى لتغيير النظام الإيراني الذي يعاني اصلا من ازمات داخلية تتلخص بوجود فجوتين كبيرتين، فجوة في مؤسسة النظام نفسه من جهة وفجوة بين النظام والشعوب المضطهدة في ايران كالعرب والكُرد والبلوش وغيرهم من جهة أخرى ، لأتخذت خطوات جدية بدعم قوى المعارضة الإيرانية التي تحضى بتأييد شعبي كبير داخل إيران كمنظمة مجاهدي خلق الذراع العسكري لمجلس المقاومة الايرانية وتحضى أيضاً بإحترام دول العالم وشعوبها لرفضهم للسياسات التي ينتهجها النظام الحاكم والرؤية السياسية المعتدلة التي تبنوها لإيران ، لكن السياسة الاميركية لا تزال غير جادة بدعم المعارضة الايرانية ومارست عليها ضغوطا قلصت الى حد كبير قدرتها على التحرك الدولي والاقليمي في سبيل اسقاط النظام الايراني عوضاً عن هذا استخدمت الدبلوماسية الاميركية في أكثر من مرة ورقة المعارضة للتفاوض مع النظام الايراني بخصوص الملف النووي!.

قد يعتقد البعض ان فشل الطبقة السياسية التي جاءت بها الولايات المتحدة الاميركية بعيد غزو العراق وسلمتها السلطة مجرد صدفة أو بسبب سوء اختيار الاميركيين لمن يقود العراق في مرحلة ما بعد صدام!! ،لكن ربط الاحداث يشير الى عكس ذلك تماماً ، فلم يكن الفشل بسبب سوء الاختيار من قبل الاميركيين بقدر كونه سياسة ممنهجه ، فقرارات بول بريمر الحاكم المدني للعراق بعد الاحتلال بحل الجيش ومؤسسات الدولة الحيوية كانت حجر الزاوية لتدمير البنى التحتية للدولة العراقية ، ثم بناء قوات عسكرية بمهام شرطوية “قمعية”  بكوادر ميليشياوية غير مؤهلة فكرياً وعقائدياً ولوجستياً ان تكون نواة جيش حقيقي حلت محل كوادر الجيش العراقي كان لها اثر كبير في انفلات الوضع الامني وفتح الحدود العراقية على مصراعيها مع دول الجوار ، خاصة مع إيران وسورية ، اللذان جعلا من حدوديهما العميقة مع العراق منفذاً لتصدير الموت الى العراقيين بإدخال جماعات متطرفة مكنتها من السيطرة على المشهد الأمني وتأزيمه في سبيل تحقيق اجندة إيرانية – أميركية ، روجت لها الماكنة الاعلامية الاميركية بمسمى  ” الحرب الاهلية ” و ” العنف الطائفي ” ، الذي يعتبر الهدف الجوهري لبداية التغيير الذي تحدثنا عنه في بداية المقال  .

فلم يكن من الطبيعي ان تستعين اميركا بكفاءات عراقية حقيقية في بناء دولة عصرية جديدة وهي تسعى الى فرض مشروع لتحويل الساحة العراقية الى ساحة لتصفية الحسابات الدولية ، وإعادة رسم خارطة العراق والمنطقة من جديد ، كذلك لم يستعن الاميركيون بحلفاء ايران التقليدين في حكم العراق لكفاءتهم أو بسبب عدم وجود البديل لهم آنذاك ، لكن الاستعانة بهم جزء من اللعبة الرامية الى تمكين إيران في العراق ، وحدث ذلك بدقة عالية ، حتى وصل الأمر الى ان القرار السياسي العراقي يُصنع في طهران أو السفارة الايرانية ويُعلن في بغداد! ، كذلك القرار العسكري يُصنع في إيران ويطبق في العراق! ، ثم أصبح العراق متنفس للإقتصاد الإيراني للتهرب من العقوبات الدولية التي فرضها المجتمع الدولي على إيران ، ومؤخراً صار العراق جسراً حقيقياً في نقل الدعم اللوجستي من إيران إلى سورية لدعم نظام المجرم السوري بشار الاسد ، فالمصلحة الاميركية- الايرانية إلتقت في   ” طوئفة ” العراق ، فأميركا تسعى لإعادة رسم خارطة المنطقة الجيوسياسية وإيران تسعى الى فرض سياساتها الاستعمارية على شعوب ودول المنطقة.

   محمد الياسين : [email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *