منى سالم الجبوري
لم يکن مبادرة رئيس لجنة الامن القومي و السياسة الخارجية في البرلمان الايراني، علاء الدين روجردي للإعلان عن أن طهران قد تلقت رسالة سرية من إسرائيل حول الغارة التي إستهدفت جنرالا إيرانيا و عناصر من حزب الله في القنيطرة، مبادرة من تلقاء نفسه وانما بعد أن تناقلت اوساطا عديدة تبادل رسائل(تفاهم)و(تنسيق)، بين الدولتين من أجل ضمان مصالحهما و أهدافهما المشترکة في المنطقة.
هذه الرسالة التي إستلمتها طهران من إسرائيل، أعقبتها، رسالة إستلمتها إسرائيل من يد إيران الضاربة و أداتها للتصعيد في المنطقة من”حزب الله”اللبناني، عبر وسطاء في القوات الدولية حيث يطلب فيها الحزب من إسرائيل عدم التصعيد بعد هجوم شبعا، ومن دون شك فإن هذه الرسالة لم ترسل إلا بعد موافقة من جانب طهران، وهو مايؤکد حقيقة بالغة الاهمية و يجب ملاحظتها بکل دقة وهي أن الطرفين يراعيان ظروف و أوضاع بعضهما البعض من خلال السعي للمحافظة على(قواسم مشترکة)بين الطرفين.
طهران و حزب الله اللبناني اللذان ملئا الدنيا صراخا و زعيقا بشأن عدائهما و مواجهتهما لإسرائيل و الذي وصل الى حد أنهما رفعا شعار إزالة إسرائيل من الوجود، ومع انهما دأبا على رمي تهم العمالة و التواصل و التخابر مع إسرائيل يمنة و يسرة و التأکيد على انهما الطرف الوحيد الذي يحمل على أعبائه مسؤولية مواجهة إسرائيل و القضاء عليها، لکن الاحداث و التطورات الجارية أثبتت رويدا رويدا بأن الحقيقة و الواقع مختلفين تماما عن ضجيج و صخب المزاعم و الادعاءات المطلقة جزافا.
الاتصالات و التنسيقات السرية الجارية بين طهران و تل أبيب، کانت دوما محط إهتمام العديد من الاوساط السياسية وحتى أن تريتا بارسي، الذي کان في السابق رئيسا للمجلس القومي الامريکي ـ الايراني، قد ألف کتابا حول العلاقات السرية بين إسرائيل و إيران و فند خلال فصوله الاسطورة الزائفة للعداء الازلي بينهما.
هذا الکتاب الذي شدد بارسي فيه على وجود تعاون إستخباراتي و صفقات أسلحة و محادثات سرية بين طهران و تل أبيب، موضحا بأن إسرائيل و إيران يمثل کل منهما للاخر حليف خارجي محتمل، والذي يجب أن نوليه أهمية خاصة هو أن بارسي الذي کان أيضا استاذا للعلاقات الدولية في جامعة”جون هوبکنز” الامريکية، قد فجر في حينه مفاجأة من العيار الثقيل عندما کشف عن وجود
إتصالات سرية بين إسرائيل و إيران تتم خلف الکواليس، تماما کالاتصالات و التعاون و التنسيق بين طهران و واشنطن.
إيران التي تاجرت کثيرا بقضية عدائها لإسرائيل و موهت من خلالها على قطاع کبير من الشارعين العربي و الاسلامي، هي نفسها المتورطة أيضا بالعلاقات المشبوهة مع التنظيمات الارهابية المتطرفة کالقاعدة و داعش، حيث أکدت مجريات الامور و الاحداث بهذه الحقيقة بل وحتى ان لطهران و عبر حليفتها دمشق أکثر من يد في تأسيس و تمويل و توجيه داعش الذي نشأ و ترعرع و إنطلق من أحضان النظام السوري بحد ذاته، لکن ومهما حاولت طهران ممارسة الکذب و التمويه و الخداع فإن حقيقة أمرها و معدنها الردئ سينکشف يوما للعالم کما يجري حاليا.