الرسم بالماء

الرسم بالماء
آخر تحديث:

أمجد ياسين
الرسم بالالوان المائية فن يحتاج الى تكنيك خاص لا يمكن لكل من احترف الرسم ان يمارسه . فهو كمن يرسم بالماء، وهذا اقل ما يمكن ان يقال بحقه. في المعرض الذي اقامته مؤسسة برج بابل الاسبوع الماضي  بعنوان ” نلون الحياة بالحب والسلام” والذي ضم عرضا مشتركاً لعدد من الفنانين وهو بالمناسبة اول معرض متخصص بهذا النوع من الرسوم تشهده العاصمة بغداد من مدة طويلة. قدم المعرض 19 عملا فنياً شارك فيه 9 فنانين تنوعت موضوعاتهم بين مناظر من اجواء المدينة او الريف او لشخصيات منفردة تصادفها في شوارع بغداد وحاراتها. عموما يعتمد الرسم بالالوان المائية الصورة الفوتوغرافية كمصدر او ملهم في اغلب الاعمال التي يقدمها، وهذا ليست مثلمة بحقه، الا ان بعض الرسوم ذهبت كثيرا باتجاه الصورة الفوتوغرافية كشكل ولون مما افقدها اهم ميزة وهي اننا ازاء لوحة فنية وليست صورة فوتوغرافية، فالرسم اشبه بالكائن الحي.
هكذا يجب ان يشعر المشاهد اتجاه اللوحة، وهكذا على الفنان ان لا يترك لوحته الا وقد امتلكت هذه الخاصية، اكسير النجاح الذي يفتح ابواب التأمل والتجاوب بين المشاهد والعمل الفني، فتكون اللوحة قد امتلكت حساسية لونية وروحية  خاصة بها، والا فاننا امام جماد بمعنى غياب الروح والاحساس. في مقابل اعمال مهمة امتلكت هذه المواصفات. فيجد المشاهد نفسه وقد تفاعل معها باحثا عن ثيمة او مناطق اشتغال خاصة به، ويمكن لنا ان نؤشر بعض الاعمال التي امتلكت هذه الروح مثل لوحة وضاح مهدي وعامر حسن في لوحة اشجار النخيل ، بينما مالت لوحتاه الاخريان الى الصورة الفوتوغرافية منها الى اللوحة الفنية، والفنان زيد الزيدي في اللوحتين اللتين قدمهما وقد امتلكتا حسا فنيا مميزاً، هذا لا يعني عدم امتلاك الاعمال الاخرى هذه الروحية ولكنها كانت ضعيفة امام طغيان الصورة الفوتوغرافية.
ملاحظة اخرى، ان بعض الاعمال لم تراع الدرجات اللونية، فطبيعة اجواء العراق تفرض الواناً بدرجات معينة وحسب فصول السنة على المشهد العام، فلا يمكن لدرجات الحرارة المرتفة والاجواء المتربة ان تعطي لنا مشهدا صافيا ذا الوان براقة، كذلك الحال مع الاجواء الملبدة بالغيوم او التي يكثر فيها الضباب.. في دراسة مهمة لتمييز الفن البريطاني عن سواه، اعتمد الباحثين على موضوعة ان الاجواء الضبابية في اغلب الوقت وقلة الشمس بسبب الغيوم تفرضان نوعا من الدرجات اللونية هي غيرها في اجواء افريقيا او العراق مثلاً، هكذا يتعامل النقد مع الفن الذي يعتمد على الواقع كمصدر. اقول ان بعض اللوحات غابت عنها هذه الخاصية وهنا لا نتحدث عن ميولها الى التجريد بل نقصد ان الدرجات اللونية كانت لا تتسم وواقعية المشهد او المنظر المرسوم، اذ اقترب بعضها من المدرسة الوحشية التي تمتاز بالالوان الصارخة والشدة اللونية والبساطة في الرسم وبتكنيك خاص.عموما المعرض تجربة مميزة بما احتوى من تجارب، نرجو ان تتكرر وكما اسلفنا ان الرسم بالالوان المائية فن صعب لا يمتلكه الا من خبر مقدار انتشار قطرة ماء ممزوجة بلون على سطح ورقي عطشان للابداع والجمال.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *