الزبالة والمذهبيّة بقلم حسان الزين

الزبالة والمذهبيّة بقلم حسان الزين
آخر تحديث:

الزبالة والمذهبيّة

 

حسان الزين 

أعتقد أن ثمة رابطاً بين الزبالة والمذهبيّة. لست أمزح، ولا أرغب في لعبة التورية أو نقد المذهبيّة من خلال إيجاد رابط بينها وبين الزبالة. بتاتاً. الأمر مجرّد تحليل، وينطلق من سؤال: لماذا حيث تنشط المذهبيّة تملأ الزبالة الطرق وشوارع المدن والقرى، الشواطئ والضفاف، الأنهر والبحر.. وفي كل مكان تصل إليه القدم واليد اللبنانية.وهذا لا يعني أن لا زبالة في «الأماكن» الأخرى. فالدنيا سائبة، والدولة والبلديّات وصنّاع الرأي والتربية، في كوكب آخر.المذهبيّون مشغولون بما هو أهم من معالجة الزبالة وعدم رميها. مشغولون بتمرين الحقد على الآخر وتصغير العقل ونفخ العضلات. لهذا لا يكترثون بالزبالة التي ينتجونها وتتكاثر من حولهم، ويرمونها بشكل عشوائي كما لو أنّها فوارغ أسلحتهم وحروبهم.ولعلّهم يسخرون من الحديث عن الزبالة. فثمّة ثقافة رائجة الآن هي رمي كل شيء: الوضع الاقتصادي والمعيشي، الحقوق الاجتماعيّة والمدنيّة، التمكين العلمي والاجتماعي والحقوقي… الخ، مثل الزبالة.

الدولة غائبة. ليس مهمّاً. ارمِ.

البلديّات غائبة. ليس مهمّاً. ارمِ.

الثقافة المدنيّة، الإحساس بالمسؤوليّة، النظافة، الصحة، البيئة، الذوق، أمور غائبة. ليس مهمّاً. ارمِ.

يبدو أن الطائفيّة كانت أهون، في ما يخصّ الزبالة. فالطائفيّة كانت تجمع الزبالة في مكبّات. فيما المذهبيّة عطلت الجمع والمعالجة، وقطعت الطرق أمام المكبّات والمطامر والمعامل… وتمويلها وموازناتها. والنتيجة هي إبقاء الزبالة حيث تُرمى.والطائفيّة أقل استهلاكيّة من المذهبيّة. وكأن الطائفيّة أقرب إلى المزاج الريفي، بينما المذهبيّة تنتمي إلى مزاج احتلال المدن وعدم الاكتراث بالمساحات العامّة ونظمها. وكأن هذه غير موجودة بالنسبة إلى المذهبيين، غير محسوبة، وإن لم تكن ملكاً للمحتل فهي مدمّرة، محجوزة بأشكال عدّة منها الزبالة. فالزبالة بهذا المعنى تشبه المتراس، تشبه تواقيع الميليشيات على الجدران، تشبه الرصاص وأثره في المدينة وشوارعها وأبنيتها ومواطنها. الزبالة هي عنوان الاحتلال والفوضى وأداتهما. والتغاضي عنها يشبه العفو العام.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *