الشابندر والعبادي : حوار اللغة الضائعة ! بقلم عزيز الدفاعي

الشابندر والعبادي : حوار اللغة الضائعة ! بقلم  عزيز الدفاعي
آخر تحديث:

اعترف اني كلما نظرت الى الإعلامي عماد ألعبادي من على شاشه (البغدادية) أتعاطف معه كثيرا ولا أتردد إن أقول اني أحبه في الله ربما لأنه خرج من (فم الموت) بأعجوبة حين اقترب من  (وكر الأفاعي) وأصبحت تلك الرصاصات الغادرة أضافه الى سعيه وموهبته نوعا من بطاقة الهوية له رغم كل ما يقال عن هذه الفضائية وأهدافها وسياستها…  وبرؤية أخرى أجد نفسي متابعا لكل ما يكتبه  الأستاذ العزيز غالب الشابندر باعتباره نموذجا للمثقف الإسلامي المنفتح على تيارات الفلسفة ألحديثه  والسياسة والفكر والأدب وما يجري في العالم من تحولات خطيرة ومن الداعين الى فك الاشتباك بين السلطة والنص الديني بصوره تحفظ للدين هيبته  و للمعمم وقاره  وللسياسة آليات عمل سلطاتها الثلاث وسط مجتمع متعدد الآراء والهويات  خاصة انه اختار طواعية  عدم الانخراط في أللعبه السلطوية المتعثرة في بلاد الرافدين بعد عام 2003 والتي  اكتشف الكثير من طلاسمها وحقيقة شخوصها في إطار إشكاليه علاقة المثقف بالسلطة  بعد ان( ضيع عمره) ليس بالأوهام كما انشد عبد الوهاب وإنما في السعي السيزيفي للخروج بالوطن من محنه الدكتاتورية ولكنه عنوان استفزازي وصرخة أدانه أكثر مما هو  ندم وشهادة مثقف اختار المنافي ليعترف أمام التاريخ والشعب ويغسل ضميره بماء  الفراتين الطهور اذ لولا رحله العمل السياسي تلك لما نضجت أفكار الرجل وتبدلت قناعاته ومواقفه وأرائه في الدين والحداثة  والفلسفة و طبيعة سلطه ألدوله والايدولوجيا عموما.  لكنني منذ ان عرفت ان الشابندر سيكون ضيفا على ألعبادي  أصابني نوع من الإرباك والخوف من فشل أول حلقه من( سحور سياسي )بعد مضي أربع سنوات عليها وقد وصفت البرنامج العام الماضي في مقال نشرته بأنه( سحور الأكاذيب السياسية) منتقدا اغلب الساسة الذين استضافهم البرنامج وحولوا سحورنا في رمضان الكريم الى زقوم بسبب ألنرجسييه والأكاذيب والدونكيشوتيه وإلقاء قميص يوسف على بعضهم البعض. وقد صدقت اغلب ضنوني التي بنيت على حقيقة اختلاف لغة الاثنين الإعلامي والضيف منذ ألمقدمه بعد ان تابعت البرنامج حتى غالبني النعاس فلم أكمله حتى النهاية. فالأول وهو الأخ ألعبادي اعتاد على أسلوب ال ( تولك شو ) الذي انتقل  من الإعلام الغربي متأخرا الى الإعلام العربي عبر برنامج فيصل القاسم الشهير في الجزيرة (لاتجاه المعاكس) والذي ا صبح فقره أساسيه في كثير من الفضائيات العربية ويعتمد كما نعرف  على خلق الصدام بين الضيوف الذين يمثلون وجهتي نظر متعاكسة ليقوم كل منهما بإسقاط أوراق الأخر وفق إيقاع وسيناريو معد سلفا أحيانا.  في حين ان ما يمكن ان يدير الحوار المفترض مع الشابندر هو   اعلامي مثقف ذو دراية أولا بسيره الرجل ومزاجه وسط حاله منهجيه فكريه مثل معرفته آراءه وأفكاره التي شهدت منحنيات حادة أحيانا وهو يعتز بها ويعتبرها دليل حيوية و(تجديد دماء) وبعضها تبدو  متغيره ومتناقضة للوهلة الأولى  سواء تعلق الأمر  بدور الدين  او السياسة او الفلسفة وما تشهده المنطقة من عواصف لكنها تبقى ضمن حركه وايديولوجيا الإسلام السياسي الجديد المتنور ضمن عمليه التطور التاريخي التي يسعى الرجل الى عرضها كخيار تاريخي لا يقتصر فقط على إشكالات الحالة العراقية فقط … محاور قادر على استنطاق الشابندر ودفعه ليقول ما وراء السطور وسرد الهوامش خاصة انه كان شاهدا على مرحله هامه من تاريخ العراق والإسلام السياسي وصراعا الهويات والأفكار والفلسفات  فهو رجل فكر وصاحب رؤيا  ثاقبة أحيانا يجيد التعامل مع المفردة بحذر شديد لم تروضه عمليه العمل السياسي والتنظيمي الذي يشعر أنها كبلت نوازعه وأفكاره كأي( مثقف عضوي) حسب تعبير غرامشي وكان من المؤلم اتهام السيد العبادي اللشابندر بأنه يخاف ويخشى قول الحقيقية مما ترك انطباعا ثقيلا لدى المشاهد حول ما هيه لغة الحوار والمقاربة الجدلية التي دفعت الضيف ليغير من جلسته وحركة جسده على كرسي الاعتراف لأكثر من مره تعبيرا عن تململه. كان على الأخ العزيز عماد ألعبادي ان يتذكر ان ضيفه ليس رجل دوله او جزء من مشروعها الراهن الملئ بالأخطاء والانتكاسات والصراعات السلطوية والفشل والفاقد حتى للهويه  الدينية رغم استخدام الطائفية كوسيلة لا كهدف وهو ما عقد الحوار وأخرجه لأكثر من مره حتى عن انسيابيته المفترضة وتواصله الهادئ ودفع الشابندر ذي الطبع الحزين كما يعترف هو الى إطلاق ضحكته المدوية كفاصل او إشارة تنبيه لمضيفه ربما تعبيرا عن رغبه في عقله الباطن في تصويب الحديث الى محاور أخرى اوان يقوم هو بدور المحاور وتحديد نقاط الحوار بدلا عن العبادي وتصحيح أخطاءه اللغوية واختبار ضعف معرفته بالشخصيات السياسية العربية أحيانا لتذكيره بما قد يكون قد أغفله بسبب العجالة. ان الحوار بلغتين مختلفتين تماما كما أتصور  فلعبادي أراد ان ينتزع من الشابندر ما قاله صراحة او ضمنا بحق التجربة العراقية في كتبه ومقابلاته ومقالاته أي دفعه نحو ولوج متاهات السياسة وتوجيه الاتهامات لشخوص في السلطة وفي حزب الدعوة بالذات كجزء من نهج البغدادية النقدي للسلطة ألقائمه وفضح ملفات الفساد فيها….. والشابندر اعتذر بلباقة ودبلوماسيه و أراد ان يقول الكثير بشان المتغيرات الخطيرة في المنطقة  وطبيعة الدور الجديد للإخوان والسلفيين في المشروع الشرق أوسطي وإشكاليه العلاقة المعقدة بين الغرب وإسرائيل والأصولية وتأثيرها على المشروع السياسي ومستقبل المنطقة والصراع الذي يجري وفقا المحاور الطائفية والخروج عن سلطه الإخوان في مصر ومستقبل الربيع العربي وأسباب ألازمه الحقيقية في العراق هل هي أزمة عقليه نخبوية  ام مشروع ام فكر وعلاقة الدين بحركة التغيير الاجتماعي في ظل القطب الواحد  وإمكانية أعاده تقسيم المنطقة وضرورة إخراج الدين والمذهب الشيعي من كهوف ألخرافه او استخدامه ورقه طائفيه في تضليل الناس كما أظن وأتمنى أن لا أكون مخطئا في قراءتي شبه أليوميه للأستاذ الشابندر وملاحظاته  على الفيس بوك.  أنا لا احمل العبادي مسئوليه الإبحار في عمق شخصيه مفكر عراقي تجمع بين السياسة والدين والفلسفة وكاتب  لم يتخلى عن جوهر العقيدة رغم تأثره بالحداثة و إيمانه بحركة ا لواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي  ومواصلته للبحث عن حلول دون الوقوع أسير الدفاع  الأعمى عن النص والحزب والمذهب لكن اختياره ربما لم يكن موفقا او ربما كان بحاجه الى العمل او استشاره فريق من المثقفين العراقيين العارفين بآراء وأطروحات الشابندر لإعداد نقاط الحوار في تلك الحلقة قبل الإقدام على مثل هذا الخيار الصعب. فالمثقف  لا يحكمه المطلق والثوابت على عكس السياسي ورجل الدين وأتمنى ان يكون زميلنا عماد ألعبادي موفقا أكثر في اختيار ضيوفه  في الحلقات القادمة لكي لا يحرمنا من متعه الحوار قبل الإمساك وأذان الفجر.

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *