الشباب والوعي الثقافي

الشباب والوعي الثقافي
آخر تحديث:

عالية طالب
 في الاحصائيات العمرية للشعوب يعتبر العراق من الدول الشبابية لكون متوسط الاعمار فيه يضم هذه الفئة التي تعتبر ميزة يتمتع بها البلد باعتبار ان الشباب هم الشريحة القادرة على الانتاج والعطاء بأكثر مما تفعله الفئات الاكبر عمرا . . ولكن السؤال المهم هو كم تتمتع هذه الشريحة بميزات فعليه تؤهلها لتكون قادرة على الانتاج الواعي والمتميز في كل المجالات العملية والمعرفية ؟ .. تجربة خاصة مررت بها وانا احاول البحث عن فئة شبابية تتمتع بحضور ومنجز ثقافي وابداعي حتى وان كان في خطواته الاولى، هل اقول اصبت بخيبة كبيرة وانا امسك عدسة مكبرة لأبحث داخل تعداد ضخم لشريحة  يفترض انها بدأت تعرف  كيف تحدد موهبتها او توجهها بعد ان اكملت دراستها الاكاديمية الاولية!! لكن ما وجدته يؤشر خللا ليس لدى الشباب فقط بل لدى المؤسسة التربوية والثقافية التي  كان من اولى واجباتها البحث عن المواهب وتنشيط الاهتمام الثقافي والادبي والفكري لديهم وصولا الى الاستفادة الممنهجة من طاقاتهم في الانتاج والبناء والتميز.
ايام عديدة استغرقها البحث وانا افحص السير الشخصية لشباب كان عليهم الكثير ولم يقدموا الا القليل لبلد مر ويمر بأزمات متعددة تطلبت منهم  ان يكون لهم دورا مهما في احداث التغيير الايجابي على مستويات متعددة  لكنهم اشبه بالمنومين امام مشهد متسع لا يقبل بتثبيت  شهاداتهم على الجدران والتفاخر بها بقدر ما كان المجتمع ينتظر منهم صقل مواهبهم او تنمية قدراتهم ووعيهم بمناطق معرفية متعددة.
الانشطة الشبابية والمهرجانات والمؤتمرات والمنتديات الثقافية والفنية والادبية لم تتوقف يوما في العراق كله ولكن نسبة المشاركة الشبابية لم تكن بالمستوى المطلوب امام الاحصاء السكاني الشبابي، وهو ما يعطي مدلولات سلبية لتوجهات الشباب نحو ثقافة التسلية بأكثر من ثقافة الترصين الحقيقي للعقل المنتج والواعي ، وفي نفس الوقت يؤشر خللا لدى المؤسسات الادبية والثقافية والبحثية والفكرية والجامعية التي لم تهتم باشراك الشباب في  انشطتها واعطائهم حصة جيدة  سواء في المشاركة او التدريب والتأهيل والتحفيز الذي يفعل فعله الايجابي في شحذ القدرات وتنميتها.ما حصل في تجربتي هذه ذكرني بنشاط مؤتمر اقيم في البصرة برعاية الخارجية الالمانية حول اعادة البنى التحتية للعراق بعد داعش وبالتعاون مع جامعة البصرة التي حرصت على اشراك اساتذتها والمتقاعدين منها دون اعطاء فرصة للشباب للتواجد في جلسات مؤتمر يبحث عن اعادة بناء الانسان والمكان على يد طاقات الشباب الذين تم اقصاؤهم من قبل « الشيوخ» بكل براعة واقتدار سلبي !!!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *