الشيعى البعثى والسنى الايرانى وكردية كلاهما

الشيعى البعثى والسنى الايرانى وكردية كلاهما
آخر تحديث:

بقلم:حامد السهيل
تنعكس نوعية انظمة الحكم على السكان تدريجيا ومع الممارسات والزمن تصبح القاعده التى يجب ان ينصاع اليها السكان والمقوله قديمه ومازال لها حضورها ” الشعوب على دين حكامهم” وفى هذا الاطار تتميز الانظمه الشموليه, خاصة الدكتاتورية منها التى ينفرد فيها شخصية قويه بالسلطه له اساليبه وكارزميته تحلو له السلطه ويتحكم بالصغيرة والكبيره تصبح حياة المواطنين, المستقبل والدوله مرتبطه به شخصيا, يصبح الخضوع له واستجداء عطفه ورضاه العامل الرئيسى فى ضمان حياة المواطن ومستقبله. ان الاخلاق والاعراف والنظام الاجتماعى يبتعد ندريجيا عن مقوماته الاساسيه وتتحول بما يتناسب مع اخلاقيات النظام ونخبته المسيطره حيث تتبدد وتعطل مقومات اساسيه فى تنظيم المجتمع وبناء الدوله, مثلا, ” الرجل المناسب فى المكان المناسب”وتاخذ محلها الانتماءات الطائفيه والقرابيه ويجد المنافقين والانتهازين مجالا واسعا وتفتح المجالات امام الانتماءات الفرعيه التى سوف تأخذ مواقع مؤثره فى الحكومه والمجتمع والتى تؤدى الى تفتيت الوحده الوطنيه, خاصة عندما يفرض الانتماء لحزب السلطه فى العمل فى مؤسسات الدوله المهمه وحيث يصبح هذا الانتماء من اهم شروط التدرج الوظيفى والاستمرار به.
كان عدد من المثقفين الشيعه النشطاء الرئسيين فى تاسيس حزب البعث العربى الاشتراكى وتولدت هذه المبادره من الشعور بالانتماء المشترك وضروره النضال ضد الاستعمار وقيام دول ومجتمعات عربيه تنطلق نحو المستقبل معززة بالفكر الاشتراكى وما يضمن فضاءا من الحرية فى مختلف تجلياتها. فى متابعة مسيرة الحزب منذ نجاحه بالتحالف مع القوميين شباط 1963 نجد ان الحزب تبنى سياسة التحالفات المشبوه خاصة مع العسكريين الذين يشغلون مواقع حساسه فى الجيش والقيام بالانقلابات والوصول الى السلطه وقد نجحوا بعد عدة محاولات بهذه الطريقه اخيرا فى انقلاب تموز 1968 ويصعدوا سلم السلطه التى مع الخبره المتراكمه الاعداد للانفراد بالسلطه والتحكم فى مصير الدوله والمجتمع معتمدين على الاجهزه الامنيه المتعدده بالاضافه الى الحزب الذى تحول الى عنصر للضبط والمراقبه واصبح ملكيه خاصه للقائد وعشيرته.
لقد انتهى دور المثقفين الشيعه وبدأ على خلفية الانفراد بالسلطه والاجهزه القمعيه ومع مغامرات الحروب والحصار تبلورت شخصية البعثى الشيعى الذى يهادن ويراوغ, ينافق وينتهز الفرص لكى يرتقى فى السلم الوظيفى , وتراه اول من يحضر الاجتماعات الحزبيه على مستوى حقل العمل وينشظ ايضا فى المنطقة السكنيه وهو اول واكثر الحاضرين فهما واستيعابا وعيا للمؤمرات التى تخطط ضد المنجزات التاريخيه للحزب والثوره بقيادة البطل القومى رمز وامل الامه العربيه وليس هذا فحسب وانما هو ايضا اول المشاركين فى معسكرات الجيش الشعبى وله شرف المشاركه لعدة دورات. فى حقيقة الامر لم يفرض عليه كل هذا الترهل والتهافت, ولكنه بعد ان تشبع بمقولة “مظلومية الشيعه” ومبدأ ” التقيه” الذى تم تفسره بطريقة الجبناء اصبح فى وئام مع نفسه ومذهبه. الا انه فى الوقت الذى يعادى النظام وكله امل فى القضاء عليه وتحطيمه يسعى جاهدا مثابرا فى التقرب من اصحاب القرار فى مكان عمله يكيل لهم المديح والاعجاب كنهج له مفعول مؤثر, وفى الاحوال الذي تسلم بعض البعثيين الشيعه مهمة رئيس قسم, او مدير عام وحتى وزير فلا خير فيهم, لان كل جهوده تتمركز فى ارضاء رؤسائه ويقدم لهم امانته واخلاصه فهو شديد العقاب مع ابناء طائفته ويتبرع مسرعا بتوجه العقوبات الاداريه لهم لاسباب تافهه.

ان البعثى السني كان يعيش متوافقا مع ذاته وتكوينه فهو مشاركا فى السلطه ويدافع عنها من موقع السلطه والامتيازات التى يتمتع بها ومع ذلك فان الانتهازيين الذين يصطادوا الفرص فى كل الازمه هو بعثى انتهازى ومنافق ايضا وسوف ياخذ حصته فى النظام الجديد. بعد الاحتلال عام 2003 رفضت القيادات والنخب السنيه المشاركه فى العمليه السياسيه, انه وضع جديد لم يألفوه مسبقا, واخيرا اتفقوا فى العمل على افشال العمليه السياسيه. الا ان الواقع الجديد تفرضه وتدعمه الولايات المتحده الامريكيه التى يصعب مقاومتها, وبذلك فقد اشتركوا بالعمليه السياسيه وبنفس الوقت العمل لتقوضها وافشالها. لم تكن النخبه السنيه ذو خبرات واسعه ونظرة بعيده وسريعا ظهرت اسماء وقيادات من اصول اجتماعيه مختلفه لم يكن لها موقعا فى الحركه الوطنيه. لقد مرت بالعراق سنين عجاف حافله بالارهاب والارهاب المضاد وفقدان الامن والقتل على الهويه, ومع حاله الحرب الاهليه فى المنطقة الغربيه استمرت العمليه السياسيه وفقا لنظام ديمقراطى يقوم على اساس المحاصصه الطائفيه والقوميه والدينيه, وبمان الشيعه تمثل الاكثريه السكانيه فقد تصدرت السلطه السياسيه برئيس الوزراء وقائد القوات المسلحه وتوزع الوزارات ومؤسسات الدوله وفقا لحجمها فى الهيكل السكانى وتقاسموها فيما بينهم . بما ن النخبه الشيعيه لم تكن بناة دوله فقد اخذت مصالحهم الشخصيه وارتباطاتهم السابقه تتعزز فى العمل السياسى, كما ان النخب السنيه قد بلورت سريعا الاستحواذ على المال العام والتطلع لتحقيق امتيازات شخصيه وطائفيه . ان الوزارات ومؤسسات الدوله اصبحت بالممارسه وقفا لنخبه الطائفه التى تتولاها ولا يحق للاخرين التدخل بها وقد اصبح فى فترة قصيره نخب من كلا الطائفتين اصحاب ملايين الدولارات والعقارات فى مختلف دول العالم. لم تجدى ستراتيجية النخبه السنيه فى افشال العمليه السياسيه ولكنها استطاعت ان تبعث بها الى مخاطر كبيره جدا, الا ان الجيل الثانى من النخب السنيه قد ادركت ان القرار السياسى لا تتحكم به النخبه الشيعيه وانما بارتباطاتهم القديمه والتى مازالت مستمره ومن الصعوبه بمكان ان يحققوا طموحاتهم فى السلطه والثراء بالتعاون والعمل معهم, ولذلك توجهوا مباشره لقيادة الدوله الاسلاميه الشيعيه وبشكل خاص الى المسؤلين عن الاوضاع والسياسه فى العراق, ووجدوا لديهم ترحابا كبيرا واذان صاغيه وجاءت الانتحابات البرلمانيه التى حققت لهم مقاعد انتخابيه ومراكز مهمه فى ادارة الدوله. لم يعد الايرانيون كما كان يطلق عليهم بالفرس المجوس وانما االدوله الاسلاميه ومزارا للحجاج البعثيين السنه الايرانيين الذين يقدموا الولاء ويدافعوا عن مصالح ايران فى العراق كما يقوم بذلك البعثيين الشيعة واصبحوا اكثر تشيعا منهم. اما عن النخبة الكرديه فقد كانت اكثر تنظيما ووعيا لمصالحهم الشخصيه والقوميه وكانت جهودهم تتمركز فى دعم الاقليم فى الاطار الفدرالى بكل الوسائل الممكنه وقد استطاعت ان تفرض وجودها لقاء تازلات كبيره من الحكومه الاتحاديه من اجل الموافقه على وزارة السيد المالكى الثانيه وعلى قانون الموازنه الاتحاديه وهم جاهزون ثانيه لفرض مصلحتهم فى موازنة 2021 . ان النخبة الكرديه هى المستفيده الرئيسيه من الاحتلال عام 2003 وقد استطاعت ان تقوم بتحالفات وحسن نيه ومصالح مشتركه مع الكثير من الدول وخاصة الولايات المتحده الامريكيه واسرائيل ولم تقوى حكومه المركز على وضع حد لمثل هذه التجاوزات. ان مراقبة ومتابعه اصدرات وسائل الاتصال الجماهيريه لا يجد نقدا موجها للسيد مسعود البرزانى, فهو اما ان يكون فوق الميول والاتجاهات واما تيمنا بالرئيس صدام حسين الذى طور جهازا ضخما وفعالا من كتبة السلطان يشيد به ويدين له بالولاء. ان عددا من المثقفين العراقيين والعب والاوربيين يستلمون مخصصات من اقليم كردستان وبموافقه وتخطيط السيد مسعود البرزانى. انه امر مثير حقا ان يتمتع الاقليم بحلف دائم حول المصالح المشتركه مع النخبه الشيعيه ” المضطهدون من قبل صدام حسين” وليس ريبا ان يوقع رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدى معهم عقدا حول النفط والميزانيه لم باخذ بمصلحة العراق ومع ذلك لم ينفذوا التزامهم, وعندما اصبح رئيسا للوزراء قرر زيادة حصة الاقليم فى الموازنه, وعندما سئل عن الاسباب اجاب انهم عراقيون. لا ادرى اذا كان سكان الناصريه او العماره ….الخ الى انهم ليسوا عراقيين وربما ” من الشجره الخنيثه”. وليس هذا فحسب , ان شخصيات فاعلة ونواب اكراد فى البرلمان يقوموا باغراء وتوريط بعض النواب العرب سنة وشيعه بشراء قصور فى كردستان باسعار مغريه وربما كهدايا او يحثوهم على الاستثمارواستخدام بنوك ومصارف الاقليم لكى يستطيعوا لاحقا ابتزازهم.
انها ماساة عراقيه فريده, البعثى الشيعى المهمش فى زمان حكم البعث تحول الى مناضل وامين للطائفه, اخذ موقعا مهما وتحولت سنين الخدمه الى خدمة مضاعف جهاديه ويدعوا الى السرقه والاحتيال ويعلن ان النفط, الثروه القوميه , مجهولة المالك ويحق له استغلالها وتاحذ شرعيتها عندما يدفع عنها الخمس, وبحكم علاقة الصداقة والقرابه والمذب سوف تكون رمزيه. ان النخبه السنيه, البعثيين السنه عبدوا الطريق نحو طهران واخذ يشغلون المناصب الرفيعه ويشاركوا فى جميع الصفقات الواعده من كل الدول بلا استثناء. وابدوا براعه فى الاستيلاء على المال العام , ونعيد التاكيد ان ما يشغل القيادات االكرديه هو الوقت المناسب لاعلان دولتهم والتى سوف لا تعلن طالما تستمر الدوله هلاميه تعبث بها نخب فاسدة من بعثى الشيعه وبعثى السنه الايرانيين. انها فاجعه ومأساة لاحدود لها للحاله التى وصل اليها الوطن العزيز.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *