بغداد/شبكة أخبار العراق- كشف مسؤولون ، عن تعقد المفاوضات التي انطلقت قبل أيام بين زعيم تحالف “الفتح”، الجناح السياسي لمليشيا “الحشد الشعبي”، هادي العامري، وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، حيال تشكيل الحكومة الجديدة، لأسباب من أبرزها رفض المعسكر الموالي لطهران فكرة رئيس وزراء مستقل، واعتبارهم ذلك مفتاحا لبداية الانقلابات العسكرية وانفراط الحكم من يد القوى الشيعية.
ولم تستطع الأحزاب السياسية العراقية، طيلة الأشهر الأربعة الماضية عقب إجراء الانتخابات البرلمانية في 12 مايو/أيار الماضي، التوصل إلى حل لمعضلة الكتلة الكبرى التي من المفترض أن تتشكل عبرها الحكومة العراقية الجديدة، فيما تمكن البرلمان الأسبوع الماضي من إنهاء حالة الفوضى السياسية، عبر انتخاب محمد الحلبوسي رئيساً له، بتصويت برلماني سري، شابهُ الكثير من الشبهات والاتهامات بشراء المنصب والأصوات من النواب. ولا يبدو أن مسلسل الخلافات بين الأحزاب مقبل على حل للأزمة. وحتى اللقاءات المكررة للخصوم لم تفض إلى نتيجة، فالكتل الشيعية منقسمة، والاتصالات والحوارات الأخيرة بين “الفتح” و”سائرون” لوضع أسماء لمنصب رئيس الحكومة الجديد كانت نتيجتها صفرا خلال الأيام الماضية. وبحسب تسريبات، فإن “العامري والصدر لم يتقدما في حواراتهما، بل إن الخلافات واضحة في مناهجهما السياسية، وأبرز المشكلات بينهما هي منصب رئيس الوزراء الجديد، ذو الصلاحية الواسعة، التي تهدد مستقبل الأحزاب، وتوزيع باقي المناصب وأبرزها الوزارات”، في حين يرفض الصدر طريقة “المحاصصة” المعمول بها منذ أول حكومة شهدها العراق بعد الاحتلال الأميركي في العام 2003.العامري والصدر لم يتقدما في حواراتهما بل إن الخلافات واضحة في مناهجهما السياسية.
والأحزاب الكردية ليست أفضل حالاً، فقد اشتدّت حدّة الخلاف الكردي ــ الكردي بشأن منصب رئيس الجمهورية، بعد رفض “الحزب الديمقراطي الكردستاني” ترشيح “الاتحاد الوطني الكردستاني” لبرهم صالح، وسط توجه نحو تأجيل موعد الانتخاب، المقرر في جلسة تعقد اليوم 25/9/2018، في محاولة لحسم الموضوع. وللمرة الأولى يتصدع “التحالف الكردستاني” الممثل لأحزاب إقليم كردستان العراق بالكامل، ليصل إلى مرحلة التباعد والانشقاقات، وحتى التهديد باعتزال المشاركة في العملية السياسية، كما يحدث مع “حركة التغيير” الكردية، وبروز الخلاف الحاد بين القوى الكردية الذي دفع إلى مساومات جديدة بسبب منصب رئيس الجمهورية، من بينها تخلي أتباع مسعود البارزاني عن بعض الشروط التي فرضت على قوى شيعية في بغداد لقاء التحالف معها. وفي السياق، قالت السياسية الكردية المستقلة والمرشحة لمنصب رئيس جمهورية العراق، سروة عبد الواحد، إن “مجلس النواب سيحسم ملف اختيار رئيس الجمهورية الجديد قبل الثالث من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، كي لا يقع البرلمان بخرق دستوري آخر”. وبينت، أن “الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) لم تتضح خطواتهما بشأن التوجه نحو بغداد، والتحالف الرسمي مع جهة معينة. يبدو أن لكل طرف منهما توجهه الخاص، لكنهما يدركان حقيقة مهمة هي أن من الصعب تشكيل الحكومة العراقية الجديدة دون اتحاد تحالفَي سائرون والفتح في كتلة واحدة”.
وبشأن التواصل الأخير الذي جرى بين العامري والصدر، أشار عضو “الفتح”، حسين الأسدي، إلى أن “سائرون والفتح لم يتوصلا حتى الآن إلى أي نتيجة بما يتعلق بملف الكتلة البرلمانية الكبرى من أجل تشكيل الحكومة، وحتى الآن يحاول الطرفان أن يتوصلا إلى تفاهمات. وفي الحقيقة يبدو أن هناك أموراً تعيق التوصل لحل للأزمة، أبرزها منصب رئيس الوزراء والأسماء المرشحة”، موضحاً أن “اللقاءات السياسية بين الطرفين، لم تخرج عن دائرة الحوارات”. ولا يزال رئيس الحكومة، حيدر العبادي، مرشحاً لرئاسة الحكومة لدورة ثانية، على الرغم من تصدع حزبه “ائتلاف النصر”، وتشظي أعضائه بين الأحزاب.
وبحسب عضو في “ائتلاف النصر”، ما يشهده الحزب بشرط عدم ذكر اسمه، فإن “الائتلاف مهدد بتمزق أقوى مما حصل حين انسحب فالح الفياض ومعه أكثر من 25 عضواً، فمن تبقى الآن لا ينافسون أمام الأعداد القوية في الأحزاب الباقية. وأبرز عنصر يهدد بقاء الائتلاف حياً هو حزب الفضيلة الذي يطلب في كل حواراته بوزارة العدل التي يمسك بها منذ الحكومات الثلاث الماضية، فإذا استطاع العبادي توفير الوزارة لهم سيبقون ضمن الائتلاف، وإن لم يستطع ذلك، فسيلتحقون بركب تحالف الفتح”. واعتبر أن “العبادي لا يزال صاحب الحظ الأوفر لنيل رئاسة الوزراء المقبلة، وحتى الآن لا توجد أي شخصية أو كيان سياسي قادر على أن يتصدى لإدارة السلطة التنفيذية في ظل غياب الدعم الدولي، والعبادي حالياً يحظى بالدعم الدولي الكافي لجعله مؤهلاً لهذا المنصب”.
وقال إن “التوازنات الدولية في اختيار رئيس الحكومة، لا تقرأ الانشقاقات والتصدعات داخل الأحزاب، إنما تقرأ الشخصية التي ستتسلم المنصب، والعبادي له الحظوظ الأوفر لنيل المنصب، بسبب المقبولية الدولية التي يحظى بها، بصرف النظر عن الاضطراب داخل حزبه”، موضحاً أن “المرجعية الدينية في مدينة النجف تصر على حكومة الكفاءات وتطالب بأن يتوفر شخص يدير الملفات العالقة منذ سنوات، وقد تتنازل المرجعية وتوافق على العبادي مقابل أن تكون الحكومة تكنوقراط وتعتمد على الاختصاصات والكفاءات العملية، وسيعمل العبادي على توفير وزراء مستقلين”.
من جانبها، استبعدت عضو “ائتلاف الوطنية”، التابع لإياد علاوي، انتصار الجبوري، “تحقق الكتلة الكبرى، في حين ستعود الأحزاب العراقية الحالية إلى المحاصصة وتوزيع المناصب بحسب الاستحقاقات الانتخابية من جديد”. وقالت، إن “ما يسمى بالكتلة الكبرى حلم لن يتحقق، ولن تكون هناك معارضة سياسية في المرحلة الجديدة، بل سيعود الوضع إلى ما هو عليه في السابق، نحو التوافقات التي من خلالها ستتشكل الحكومة، وعبر اتفاقات بين الأحزاب سيتم توزيع المناصب والوزارات وفق الاستحقاقات الانتخابية وبناءً على المصالح الحزبية”. وأضافت أن “الأحزاب العراقية لم تصل حتى الآن إلى مرحلة فهم ثقافة المعارضة، والكل يريد المشاركة في الحكم، والكل سيتحد من أجل الحصول على المغانم”، لافتة إلى أن “الشعب العراقي سيكون في المرحلة المقبلة بالمرصاد، ينتظر الأداء الحكومي الجديد، فإذا تكررت نفس المآسي السابقة والأخطاء السياسية والمشكلات، فسنشهد نزول المواطنين إلى الشوارع للاحتجاج، وقد نشهد انقلاباً شعبياً على الحكم، لاسيما أن المواطنين أصبحوا على معرفة بأهمية التظاهرات، وأنها خيارهم الأكثر تعبيراً عن غضبهم، وزعماء الأحزاب والمسؤولين الحاليين يستشعرون خطر الشارع، الأمر الذي سيدفعهم إلى تحسين الأداء الحكومي والإداري”.
إن “الأحزاب الشيعية مرتبكة بسبب منصب رئيس الحكومة المقبل، الذي بات عليه أن يفتح كل الملفات المتعلقة بالفساد والإرهاب. هذه الأحزاب تقع بين نارين، الأول يتمثل بالضغط الشعبي والتظاهرات المناهضة لسياسة إدارة الدولة، والثاني هي نار المرجعية الدينية التي تمثل خط الصد للسياسيين القدامى والأحزاب التي فشلت في إدارة البلاد”. وأن “التخوف يتمثل حالياً من مجيء شخصية سياسية مستقلة، لا تخضع للضغوط الحزبية وغير متورطة بالفساد، ولا تخاف. وهذا الرئيس المستقل، سيضطر تحت الضغط الشعبي والمرجعية إلى فتح ملفات الفساد”. وأضاف “إذا تمكن الرئيس المستقل من فتح الملفات، فلن يبقى كيان سياسي قائم ومؤثر في الشارع العراقي، وبالتالي لن يبقى للأحزاب السياسية، وتحديداً الشيعية، أي حماية”، مبيناً أن “الأحزاب الشيعية تخشى الشخصية المستقلة التي تلعب وحدها خارج طوق المحاصصة”.