تعتمد دول العالم اعتمادا كليا على صناعاتها المحلية الوطنية في تعزيز مكانة اقتصادها العالمي وتأمين مستلزمات الحياة الكريمة لشعوبها
وان جميع دول و بلدان العالم تفتخر بصناعتها الوطنية بلا استثاء سواء الدول العظمى والصغرى وفي كافة المجالات بغض النظر عن نوعيتها وجودتها ، وعلى سبيل المثال لولا منتجات الصين لما استطاع احد شراء اي منتجات كهربائية او صناعية او العاب الاطفال و ذلك لرخص ثمنها و جمال شكلها و خلال مقارنتنا لكثير من الدول التي تعرضت الى عقوبات وحصار مثل اليابان وايران وكوريا وغيرها وحتى العراق في فترة التسعينات وكيف استطاعت تلك الدول ان تقف بوجه الحصار الذي فرضته عليهم امريكا و الدول الكبرى و استطاعت ان تكسر الحصار الاقتصادي المفروض عليها باعتمادها على المنتوج الوطني في الصناعة و الزراعة و كذلك في مجال التسليح و غيرها في كافة المجالات بينما نحن في العراق يعاني قطاع الصناعة بعد عام ٢٠٠٣ واقعا مترديا في جميع مفاصله و شلل شبه تام لجميع المنشئات الصناعية و المصانع الكبيرة و المعامل الصغيرة للقطاعين الحكومي و الخاص بعد ان كانت صناعتنا الوطنية مزدهرة و متطورة و مواكبة لاخر التطورات التكنلوجية على الرغم من الحروب الطويلة و سنوات الحصار الطويلة و السياسات الخاطئة التي ادخلنا فيها النظام السابق الا ان عجلة الصناعة العراقية كما اشرنا تفتقر اليوم الى مقومات الدعم و النهوض الاقتصادي وان المصانع الحكومية والمنشات والمعامل الانتاجية على كافة المجالات بما فيها القطاع الخاص شبه مغيبة تماما بل سول للبعض ايضا ابتكار الخدع والاساليب في تغليف بعض الاجهزة والمواد المستوردة بغلاف تلك المعامل والشركات وطرحها على كونها منتج محلي !! السؤال الذي يطرح نفسه و نبحث عن اجابته هو لماذا أصبحت الدولة العراقية و جميع قطاعاتها و وزاراتها مستهلكة و ليست منتجة و لماذا اصبحت عالة على الاقتصاد العراقي و على الموازنة و لماذا اصبح الالاف من منتسبي المعامل و المؤسسات تستلم رواتبها من وزارة المالية على شكل قروض تحتسب على وزارة الصناعة بعد ان كانت وزارة الصناعة تكتفي ذاتيا و تساهم برفد ميزانية الدولة العامة بايرادات مالية كبيرة و منتجاتها تسد السوق المحلية ؟
فيما لا بد الاشارة اليه والتذكير ان مصانع الألبان وكذلك معامل البطاريات والمياه المعدنية والاوكسجين ومعامل والورق والكهربائيات ومصانع سيارات الاسكندرية ومعامل والأثاث والغزل والنسيج والى اخره ….وحتى شركات الاعمار الوطنية مثل شركة الفاو الهندسية التي عمرت العراق عام ٩١ وأنشأت الجسور مثل جسر ذي الطابقين الوحيد في الشرق الأوسط وشركات التصنيع العسكري كانت تساهم مساهمة فاعلة وكبيرة جدا في الاقتصاد الوطني وسد حاجة الاكتفاء الوطني وفق سياسة التمويل الذاتي التي اعتمدت في مؤسسات الدولة الإنتاجية والتي احدثت قفزة اقتصادية وتنموية كبيرة وخصوصا في القطاع الزراعي والصناعي
لكن للاسف ما يحدث اليوم من معوقات ومشكلات في ظل غياب الرؤية الوطنية والاستراتيحية للاقتصاد الوطني تحتاج الى وقفة وطنية جادة
لبناء مؤسسات ومصانع قادرة على النهوض بالواقع الاقتصادي العراقي بعيدا عن الاطر والمفاهيم الحزبية الضيقة والتناحر السياسي وبعيدا عن الصفقات والمقاولات المشبوهة التي اضرت اضرارا بليغا جدا في القيم والمفاهيم الاخلاقية الادارية واضرت بالاقتصاد الوطني العراقي فعلى سبيل المثال ما اثير اخيرا من ادعاءات بتوزيع حصة من سجائر محلية الصنع في الحصة التموينية يكشف لنا حقيقة غباء مشرع القرار باصافة مادة قاتلة ومخدرةللشعب العراقي بهدف ترويج المنتج المحلي وعدم رؤيته الواقعية والعلمية في دعم المنتج المحلي والمساهمة الحقيقية في البحث عن الأسباب والمسببات والعراقيل التي تواجه الصناعة العراقية وايجاد طرق للحلول الناجعة من اجل بناء صناعة وطنية متميزة نفتخر ونتباهى بها .صناعة قوية ورصينة ومتينة تستند على مقومات علمية وأسس اقتصادية وتحت مشروع وطني يساهم في انقاذ الصناعة الوطنية العراقية .