الطريق الأوحد إلى السلم الأهلي

الطريق الأوحد إلى السلم الأهلي
آخر تحديث:

بقلم :أدهم إبراهيم

في صيف 2014 سيطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مناطق واسعة من أراضي العراق وسوريا، وأعلن زعيم التنظيم قيام دولة الخلافة الإسلامية.وجرت التصفيات الجسدية والإعدامات على نطاق واسع، وكذلك الاختطاف والتطهير العرقي والتعذيب لمختلف الطوائف والإثنيات، إضافة إلى العنف الجنسي تحت مسميات مثل السبايا وما ملكت أيمانهم وغيرهما من الممارسات المنحرفة عن الدين.وبالمقابل حصلت عمليات انتقام عشوائية من قبل ميليشيات طائفية بعد تحرير المدن من التنظيم المتطرف، من تدمير وقتل واختطاف وتهجير، والتي شملت طوائف دينية وأقليات تحت مسمى حماية المقدسات أو الصحوة الإسلامية.وجرت أعمال مشابهة لتلك في كثير من الدول الإسلامية. كما تعرضت دول أوروبية وأفريقية لهجمات إرهابية مختلفة من قبل تنظيم القاعدة ثم تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد رافق التطرف الديني وما تبعه من عنف مفرط لكلا الطرفين ضعف القيم والمبادئ الإسلامية الحقة، والابتعاد عن عقيدة الإسلام المسالمة، نتيجة الفهم الخاطئ للنصوص الدينية والانتقائية في تطبيق بعض النصوص وإهمال النصوص الأخرى بما يتماشى مع أجندات الأطراف المتصارعة.كل ذلك أدى إلى انقسام الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية وتصدعها، وأثر سلبا على جمهرة المسلمين في كل أصقاع العالم، حيث تسبب التطرف الديني والعنف باسم الإسلام في الإساءة إلى الكثير من المسلمين، رغم كون الغالبية العظمى منهم مسالمين، ويعبرون عن الإسلام المحافظ، الذي يتصف بالوسطية والاعتدال.إن التطرف الإسلامي حالة طارئة على مجتمعاتنا، حيث تعرّض الإسلام في السنوات الأخيرة من القرن الماضي إلى تشويه صورته، بعد نشر أفكار ومعتقدات متطرفة منسوبة إليه، نتيجة استغلال التكنولوجيا الرقمية في حملات الدعاية والتجنيد، وأدت إلى المزيد من العنف والعمليات الإرهابية.

في عالم غالبا ما يشوبه سوء الفهم والصور النمطية، من الضروري تسليط الضوء على الجوانب السلمية للإسلام، فهو دين يتميز بمفاهيم غنية من التاريخ والثقافة والروحانية. ورغم أن عناوين وسائل الإعلام قد تركز في بعض الأحيان على حالات العنف، من الضروري أن ندرك أن الإسلام، مثله مثل أي دين آخر، يضم مجالا كبيرا من الاجتهادات والمعتقدات الفرعية. ولكن غالبية أتباعه تلتزم التزاما راسخا بالسلام والرحمة واللطف.يقول القرآن الكريم بتنوع المعتقدات الدينية ويشجع على الحوار والتفاهم، ويطلب من المسلمين التعايش بسلام مع أتباع الديانات المختلفة.

رفض الفيلسوف أرنولد توينبي ما تطرق إليه بعض المؤرخين من أن “القوة المادية” كانت العامل الحاسم في انتشار الإسلام، وحسب رأيه فإن الشروط التي طالب المسلمون الآخرين بها للإيمان بالدين الجديد لم تزد عن تأدية عدد من الفرائض، ولم تكن بالأمر الشاق.إن التطرف ظاهرة خطيرة لها آثار مدمرة على الدول، وقد تسبب في إراقة الدماء وتدمير البنية التحتية لدول عربية وإسلامية وأدى إلى انقسام المجتمعات ونزوح الملايين من الناس، مما يوجب على كل الأفراد والجماعات نبذ التطرف ومحاربة الأفكار والمعتقدات المنافية لتعاليم الإسلام المبنية على القيم الأخلاقية العليا.

وفي ظل التحديات التي تواجه العالم العربي والإسلامي اليوم أصبحنا بحاجة إلى تحرير العقول، والرجوع إلى أصل العقيدة الإسلامية التي تدعو إلى السلام والرحمة والعدل، والابتعاد عن الفكر الظلامي الذي يدعو إلى التطرف والمغالاة.إن العودة إلى العقيدة الإسلامية في منهجها المعتدل والسوي ستساهم في تحقيق السلم الأهلي وبناء مجتمعات قوية وعادلة، يتمتع جميع أفرادها بحقوقهم وحرياتهم من خلال التنمية الاقتصادية والاجتماعية المبنية على التسامح وقبول الآخر.ولذلك فإن مواجهة التطرف مهمة أساسية وحاسمة لضمان أمن الشعوب العربية ومستقبل أبنائها وهي الطريق الأوحد إلى الخلاص من دوامة الصراع والتناحر.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *