العبادي بعد خراب البصرة …؟

العبادي بعد خراب البصرة …؟
آخر تحديث:

 بقلم:عبد الجبار الجبوري

فَجرّت التظاهرات الشعبّية العفوّية، التي ملأت شوارع البصرة ، إحتجاجاً على سوء الخدمات ، وغياب أهم مستلزمات الحياة الماء والكهرباء، وظاهرة الماء الملوّث الذي تسّبب بموت العشرات ،وإصابة الآلاف من مواطني البصرة ، فجرّتْ صراعاً سياسياً وعسكرياً، بين الأحزاب المتنفّذة التي تسيطر على مواردالبصرة النفطية والاقتصادية، وتمثل هذا الصراع حرق الدوائر والمؤسسات ومقار الاحزاب والميليشيات والقنصلية الايرانية ، مستغلين الغضب الشعبي لأهل البصرة وعشائرها ، مسميّن من يحرق المقرات والدوائر بالمندسيّن، وهي كلمة حق يراد بها باطل،لأن التظاهرات واضحة بشعاراتها وأهدافها ،ومطاليبها الخدمية والصحية ، ومعالجة البطالة بين الشباب،وأزاء هذا الإنفلات الامني الواسع ،وتراشق الإتهامات بين الميليشيات، وحكومة البصرة وحكومة العبادي ، وصل حدّ التهديدات والإغتيالات فيما بينهم، وذهب ضحية التظاهرات عشرات الشهداء، بنيران الجيش والقوات الأمنية والميليشيات، متهمين قائد عمليات البصرة ،بإصدار أوامر إطلاق النارعلى المتظاهرين،حتى إنفجرهذا الخلاف والصراع، بين رئيس الوزراء ومحافظ البصرة، في جلسة مجلس النواب الاستثنائية، وفضح كل ّ واحد منهم الآخر، وألقى التهمة والتقصير عليه، في مشهد سياسي تسقيّطي واضح بينهما، رآه العالم كله ،ولكن ماذا بعد خراب البصرة، ومن يستطيع محاسبة المقصرّين، وقادة الميليشيّات هدّدت النزول الى الشارع البصري، وقمع أية تظاهرة تخرج الى الشارع ،بتحدٍ واضح لرئيس الوزراء ،إذن الصراع ليس بين أهل البصرة المطالبين بحقوقهم الشرعية، وبين العبادي وحكومته، وإنما بين العبادي والميليشيات والاحزاب في البصرة، التي تسيّطر على موانىء البصرة ،وتصدّر نفط البصرة تهريباً الى الخارج،وهذا ما إعترف به النائب جعفر الموسوي الناطق باسم الصدر،ونواب وشيوخ عشائر، والسيد مقتدى الصدر الذي طالب بإخراج جميع الميليشيات، والأحزاب المسلحة خارج البصرة، وما عملية حرق المؤسسات والدوائر ومبنى المحافظة والمجلس، إلاّ تبريّر وتشوّيه للتظاهرات وأهدافها،وتسقيّط للعبادي وحكومته، بعد أن فشلت قوائم الفتح ودولة القانون والحكمة ،من تشكيل الكتلة الاكبر، وظهور الفيتو الامريكي على هادي العامري ونوري المالكي، لذلك ذهبت الميليشيات والاحزاب المسلحة المتنفذة، لإستغلال التظاهرات وركوب موجتها، وإستثمار غضب الشارع البصراوي ضد العبادي وحكومته ،بسبب تلوّث الماء، لتفجّير الأوضاع في البصرة ، وإخراجها خارج السيطرة ،وإسقاطها بيد مسلحّي الاحزاب والميلييات ، بعد حرق جميع المؤسسات، فماذا فعل العبادي، بعد جلسة البرلمان العاصفة، التي أُريد بها إخراج العبادي من سباق تشكيّل الوزارة، بتسقيّطه أمام البرلمان وأمام الشعب ،وتحميّله مسئولية ما جرى في البصرة ،من قتل الشباب وحرق الدوائر الحكومية ،وإنفلات الأمن وحرق القنصلية الايرانية وغيرها،وتبرئة من قام بهذه الفِعلة والجريمة ، وإلقاء التّهمة على المتظاهرين والمندسين كما يزعمون، قام العبادي بحركة إستباقية ذكية لنزع فتيل ازمة البصرة، وإثبات حسن النية لاهل البصرة، وفضح وكشف من كان وراء الحرق والتخريب والقتل، وذلك بزيارة مفاجئة للبصرة هو وطاقم حكومته ، معلناً من هناك، أنه لايعود الى بغداد حتى يتم تحقيق جميع مطالب المتظاهرين هناك، وهي خطوة ذكية وشجاعة ، لنزع فتيل الازمة مع أهل البصرة ومداواة لجراحهم، ومعالجة لمعاناتهم، وكذلك فضح من يتاجر بهم وبمعاناتهم ،لأهداف وأغراض ومصالح سياسية وحزبية نفعية ، ولو حتى لو على جراحهم وحياة أبنائهم، نعم زيارة العبادي لاقت صدى طيباً لأهل البصرة، وفضحتْ المتاجرين بمعاناتهم من عمائم الاحزاب والميليشيات، والكشف عن من كان وراء ما حدث هناك ،وتعريّة شعاراتهم المزّيفة، وولاؤهم لأيران وأجندتها في العراق، ولكن في المقابل أيضاً، أظهرت أحداث البصرة الهوة العميقة، بين العبادي وخصومه، الذين يتربصون به، وأظهرت قوة الدولة العميقة في العراق ،التي تقف خلفها وتدعمها إيران بكل قوتها، لإشغال الإدارة الامريكية والغرب ،وتأجيل المواجهة معها داخل إيران، والتي بدأتها أمريكا بحصار خانق وتأريخي، في صفحته الاولى، والتي ستكون صفحتها الثانية في الرابع من تشرين الثاني الأقسى في التاريخ، حيث ستمنع امريكا وحلفاؤها تصدير نفط إيران عن طريق مضيق هرمز بشكل كامل، إذن إشعال حرب شيعية – شيعية مطلب إيران وليس أمريكي، وهذا ما كُنّا نحذّر منه من أشهر طويلة، واليوم قد حصل ،وسيتطوّر ويُعلن حتماًّ، بعد تشكيل الحكومة القادم، وما جرى في البصرة هو تمهّيد له، وبداية لأعلانه،خاصة بعد إعلان المرجعية ،رفض نوري المالكي والعامري لرئاسة الوزارة،اليوم تتسّرب معلومات في الصحف الامريكية وصفحات التواصل الاجتماعي ،عن طلب الرئيس ترمب من العبادي لزيارة واشنطن، بعد إصرار إيران فرض مرشحين تابعين لها، وفشل البرلمان العراقي في جلسته الاولى إنتخاب رئيس مجلس نواب ورئيس، وظهور صراعات داخل البرلمان وعراك بالايدي بين قائمتي النصر والفتح والقانون، وتسقّيط، وبعد الفشل المتواصل ،رغم مرور أشهر على إنتهاء الانتخابات، تريد الادارة الامريكية أن تحسم الصراع لصالحها ، بعد فشل مبعوث الرئيس ترمب بريت ماكغورت ،في تشكيّل حكومة على المزاج الامريكي، وفشله في ضم قوائم أخرى لتشكّيل الكتلة الأكبر داخل البرلمان، اليوم يريد الرئيس ترمب حسم الصراع مع إيران ،وإعلان تشكيل حكومة عراقية من واشنطن،( كنت قد نشرت بعد الانتخابات مقالا بعنوان –ترمب يشكل حكومة عراقية منشور في كتابات)، بإعلان حكومة طوارىء أو حكومة إنقاذ وطني .جميع العراقيين وقسم كبير من القوائم تطالب بها وتعتبرها الحل الوحيد لإنقاذ العراق، وإبعاد سطوة إيران وهيمنتها،عن تشكيّل الحكومة ،والتدخل في شؤون العراق، وهناك تسريبات أخرى أمريكية ،تطلقها جهات لجس نبض الشارع العراقي ،بوجود أسماء حكومة جاهزة ،حال وصول العبادي لواشنطن، من كفاءات عراقية مدنية وعسكرية،و من خارج الأحزاب الموالية لإيران ، على العموم ليس هذا موضوعنا أبدا ،ولا نعوّل على تسريبّات وهميّة ،ليس لها مصداقية عالية، ولكن لايوجد دخان بدون نار، نحن نعوّل على صمود شعبنا وصبره المقدس ،في مواجهة الاحداث، وقد تجلّى هذا الموقف، في تظاهرات البصرة الأخيرة، حيث أثبّت موقفاً تاريخياً كبيراً ،في رفض الوجود الايراني، بكل تشكيلاته السياسية والدينية والعسكرية الميليشياوية، وما جرى من إستهداف القنصلية الايرانية وحرقها ودوس العلم الايراني وحرقه ، وحرق مقار الميليشيات والاحزاب الابرانية ،لهو رسالة تاريخية تؤكد رفض التدخل الايراني ليس في البصرة فقط وإنما في العراق كلّه، وكذلك تثبت الولاء المطلق للعراق ، وترسل رسالة واضحة لإيران وتوابعها وميليشياتها، أن لامستقبل لكم في العراق، العراق للعراقيين فقط وليس تابعاً ذليلا، يريده الاخرون لإيران، كما تروج بعض الفضائيات الطائفية المسمومة الذليلة ، إذن ما جرى في البصرة بعد خرابها، يعدُّ تصحيحا لمسار، وإرسال رسالة، وتثبيّت لموقف، وإسقاط حالة التبعية المهينة للبعض لإيران الى الابد ، هكذا تجوّهر أهل البصرة، وبصموا بصمة للتاريخ، وألقموا الاخرين حجراً ،أن البصرة ولاؤها للعراق فقط، رغم جراحاتها ومعاناة أهلها، وتضحّيات شبابها ،البصرة تنتفّض وتصحّح المسار، وتطلق صرخة الولاء للعراق، الى مستقبل أفضل تتماهى مع محافظات الجنوب الثائر الأصيل ،وتتكّامل معه، في الموقف والثبات، أعتقد أن حاجز الخوف إنتهى، وإنتهى وفشل مشروع إيران في العراق الى الابد ومؤكد، ولكنْ مازالت أذرعها تفتّعل الازمات لإشعال حرب شيعية –شيعية ،لكسب المزيد من الوقت ،وستفشل حتماً أمام إصرار شعب العراق العظيم ،على إفشال جميع المشاريع التي من شانها إشعال حرب طائفية وأهلية وقومية ،تريدها إيران وأمريكا وغيرها من الدول الغربية والاقليمية، التي ترى مصالحها الاستراتيجية في العراق ، هذا هو السيناريو بعد خراب البصرة ..البصرة عامرة بأهلها الابطال ….

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *