محمد حسن الساعدي
لا يخفى كيف كانت تدار حكومة المالكي إبان حكمه والتي استمر لثمان سنوات ، تدار فيها اغلب الحكومة من مكتب رئيس الوزراء وبالوكالة ، حيث كشفت مصادر النزاهة النيابية من ان العراق اضحى بحسب التقارير الصادرة من مراكز دولية مهتمة بالشان العراقي تؤكد ان العراق هو البلد الوحيد الذي تدار ثلث مؤسساته بالوكالة ، وشملت هذه الوكالات ثلاث وزارت كانت في عهد السيد المالكي وغيرها من وزارات خدمية ، ناهيك عن الهيئات المستقلة والتي ما زالت تدار لحد اليوم بالوكالة من قبل رئيس الوزراء او المقربين منه .
العراق الذي دخل موسوعة غينيس بهذه الطريقة البائسة في إدارة الحكم ويعبر عن فشل ذريع في الشركاء ، القوة في رئيس الزوراء ، وعدم قدرة شركاءه من الوقوف بوجه هذا التمدد في سلطات رئيس الحكومة على موسسات الدولة .
لم يذكر لنا التاريخ ومنذ تأسيس الدولة العراقية حكومة تدار بالوكالة ولسنوات طويلة ، وتعاظم هذا الامر بعد سقوط النظام وعقب الانتخابات قبل الاخيرة والتي فاز بها المالكي بولاية ثانية لتدخل البلاد في سجال سياسي وشلل كامل في مرافق الدولة كافة ، وكانت الحجج آنذاك في عدم وجود التوافق السياسي على تسليم السلطات الى من تتوفر فيهم الشروط للمناصب بين الكتل السياسية ، والتي جرت البلاد الى الصراعات الطائفية والقومية حتى امست ثلث العراق اليوم بيد داعش ، وعدم وجود قيادة فاعلة للدفاع والداخلية والذي اثر سلباً على مجمل الملف الامني .
كان مسلسل إدارة مؤسسات الدولة هو بداية ومقدمة الأزمات السياسية ، حيث تشير المصادر ان اكثر من ٣٢٠٠ منصب يدار اليوم بالوكالة من هيئات ومديريات في مؤسسات الدولة المختلفة ، الامر الذي عدته اللجنة القانونية في مجلس النواب انه مخالفة صريحة للدستور العراقي ، والهدف منه هو بقاء الوضع يدار بالوكالة والتفرد بالقرارات والسلطة ، كما ان اغلب الأشخاص الذين يديرون المناصب بالوكالة يشعرون انهم تابعون لرئيس الوزراء وبالتالي يبقى ولائهم له ويدينون له بهذا الولاء كونه لايملك الشرعية في إدارة منصبه .
رغم قصر عمر حكومة العبادي بعد ولادة عسيرة للحكومة ، ولكن ينبغي ان يكون هناك جدية في الوصول الى اتفاق وتوافق نهائي بين الكتل السياسية واختيار الشخص المهني والكفوء والانتهاء من صفحة ” الواوات” الى صفحة العمل الجدي لبناء موسسات الدولة على اسس مهنية واضحة وفق معيار الكفاءة والنزاهة لا المحاصصة المقيتة التي ادخلت البلاد في دوامة من الكوارث والمآسي دفع العراقيون ثمنها باهظا على مدى سنوات طوال من حكومة تدار بالوكالة ! .