العراقيون:عبد المهدي فاشل وضعيف أمام القوى المليشياوية السياسية المتنفذة

العراقيون:عبد المهدي فاشل وضعيف أمام القوى المليشياوية السياسية المتنفذة
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- حادث مروع، أضيف إلى جملة الكوارث التي تواجهها مدينة “الموصل”، والتي لم تجد من يحاول وضع الحلول الجذرية لها، ويبدو أيضًا أن حادث “عبارة الموصل” أيضًا لن يجد هو الآخر من يقف أمامه، وإنما تم الإكتفاء بجملة من التصريحات الشاجبة والمدينة للحادث، بدءًا من رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، ورئيس الجمهورية، “برهم صالح”، ورئيس البرلمان، “أحمد الحلبوسي”، ونوابه، وغيرهم الكثيرين ممن نادوا بضرورة محاسبة المقصرين، فيما يبدو المشهد نسخة مكررة من سابقيه لا جديد فيه.فمن جانبه؛ أعلن رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، من مدينة “الموصل”، الحداد العام في “العراق”، لمدة ثلاثة أيام، حزنًا على ضحايا غرق العبارة في “نهر دجلة”. وفي “بغداد”، أقام “عبدالمهدي” مجلس عزاء في مبنى مجلس الوزراء؛ فاتحًا سجلَّ التعازي في حادث العبارة، الذي أدى إلى غرق أكثر من مئة شخص، في وقت لا تزال فيه الإحصائيات متضاربة، مع استمرار عمليات البحث عن الجثث التي لا تزال في قاع “نهر دجلة”.

ومنذ حصول حادثة غرق العبارة أمام المدينة السياحية في “الموصل”، بالتوازي مع احتفالات “أعياد النوروز”، لا تزال المعلومات تتضارب، سواء بشأن حمولة العبّارة أو عدد ضحاياها. وبينما تحاول وزارتا “الصحة” و”الداخلية” التقليل من أعداد الضحايا، فإن “مفوضية حقوق الإنسان” أعلنت من جانبها أن عدد قتلى العبارة وصل إلى 105 أشخاص. وقالت المفوضية، في بيان لها، إن: “هذه الحصيلة ما زالت أولية، وإن عمليات انتشال جثث ضحايا غرق العبارة في نهر دجلة ما زالت مستمرة”. وأضاف البيان: “كما أن أعداد المفقودين مجهولة إلى الآن”.المفوضية من جانبها طالبت، “رئاسة الوزراء، بتشكيل هيئة مستقلة للكوارث الطبيعية”، مشيرًة إلى أن “العراق لا يملك إسعافًا جويًا، وصافرات الإنذار في الموصل معطلة”، مبينة أن: “حادثة العبارة كارثة إنسانية، وليس سياسية”، مشددةً على “محاسبة المقصرين وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق وإعلانها للرأي العام”.

فيما أرجع رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، حادث غرق العبارة في مدينة “الموصل”، إلى “الفساد والجشع والإستهتار بأرواح الناس”. وقال “صالح”، في مؤتمر صحافي مع رئيس مجلس النواب، “محمد الحلبوسي”، في “الموصل”، إن: “الفاجعة لم تأتِ من فراغ، بل ناتجة عن الفساد والجشع والإستهتار بأرواح الناس”. مضيفًا أن: “الدولة مطالبة بتحقيق شامل، وإجراءات سريعة ستُتخذ حال إنتهاء اللجنة التحقيقية من واجباتها”.وبيّن “صالح” أن: “واجبنا هو الانتصار لأهلنا بإجراءات وإصلاحات بنيوية وتغييرات إدارية تساعد الموصل على النهوض من كبوتها والدمار الذي لحق بها بالماضي”.

أما رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، فقد أوضح أن هناك تقصيرًا إداريًا واضحًا في محافظة “نينوى”، قائلًا خلال المؤتمر الصحافي، إنه: “قبل فترة، كانت فاجعة اغتصاب الطفولة، واليوم فاجعة العبّارة، وهذا يدل على أن هناك تقصيرًا إداريًا واضحًا في المحافظة”. وتابع “الحلبوسي” أن: “دماء العراقيين إمتزجت معًا لتحرير هذه المدينة، ولا بد من الحفاظ على النصر، وأن الموصل بحاجة إلى إيلاء إدارتها إلى أشخاص أكفاء”. وأوضح أنه: “ستكون هناك حلول جذرية للموصل، وستكون لنا قرارات يوم الأحد بما يخص ملف الموصل”.من جهتها؛ طالبت “المرجعية الشيعية العليا”، في “النجف”، المقصّرين في حادثة غرق العبارة بـ”الموصل”، بتقديم استقالتهم فورًا.وقال وكيل المرجعية، “أحمد الصافي”، خلال خطبة صلاة الجمعة في “كربلاء”، أنه: “لا بد من تحمل المسؤولية في مثل هذه الحوادث الكبيرة، (غرق العبّارة)، من قبل من وقعت الحادثة في نطاق الدائرة بوزارته أو مديرية، فليقدم استقالته، ويضع نفسه تحت تصرف اللجنة التحقيقية”، مضيفًا أن: “هذه الحوادث المؤلمة تشير إلى خلل كبير بالنظام الإداري في الدولة، وهو عدم قيام الأجهزة الرقابية بدورها، وهذا جزء من الفساد المستشري في البلد، كما أن هناك حاجةً ماسّةً لتفعيل الدور الرقابي من الدوائر الدنيا إلى العليا”، معبرًا عن أمانيه “بأن يسمع المسؤولون ويشعروا فعلاً بالخلل ومعالجته”.

ووسط هذه التصريحات إنطلقت مظاهرات غاضبة، يوم الجمعة22/3، من قِبل أهالي “الموصل” طالبوا فيها بمحاسبة المسؤولين؛ وفي مقدمتهم محافظ نينوى، “نوفل العاكوب”، الذي حاول الهرب بعد التعرّض له، حين كان بمعية رئيس الجمهورية، أثناء زيارته لموقع الحادثة.وقد وجه المتظاهرون انتقادات لاذعة للمسؤولين، ورموا مواكب كبار المسؤولين بالحجارة، وطالبوا بمحاسبة كل من تسبب في هذه الكارثة.إلى ذلك، أصدر “مجلس القضاء الأعلى” مذكرات توقيف بحق 9 من العاملين بالعبّارة، فضلاً عن مذكرات قبض بحق مالك العبارة ومدير الجزيرة السياحية بـ”الموصل”.

أما نواب البرلمان؛ فقد عبّر عدد من نواب “الموصل” عن غضبهم حيال ما حصل بالمحافظة، التي كانت تستقبل أول أيام الربيع حين غرقت العبارة، التي تحمل على متننها 287 شخصًا، بينما حمولتها، طبقًا للنائب، “أحمد الجبوري”، لا تزيد عن 50 شخصًا. وقال “الجبوري”، في بيان له، إن: “عدد الذين كانوا على العبارة 287 شخصًا؛ بينهم 103 نساء و86 رجلاً و98 طفلاً، بحسب تصوير كاميرات المراقبة للجزيرة السياحية”، مضيفًا أن: “عدد الجثث التي انتُشلت من النهر 89 جثة، وعدد الذين تم إنقاذهم، والذين أنقذوا نفسهم، بحدود 80 شخصًا، الباقي 118 في عداد المفقودين”.

وطالب نواب “الموصل”، وهم “فلاح الزيدان”، (وزير الزراعة السابق)، و”محمد إقبال الصيدلي”، (وزير التربية السابق)، و”انتصار الجبوري”، بإتخاذ إجراءات حازمة ضد المتسببين بالحادث المأساوي، مطالبين بإقالة محافظ نينوى، “نوفل العاكوب”، وتقديمه إلى العدالة.“الزيدان”، قال أنه: “لن يكون هناك استقرار في نينوى ما لم تتم إقالة محافظ نينوى والحكومة المحلية، وإخراج المكاتب الاقتصادية التابعة لفصائل من الحشد الشعبي، وإعلان حالة الطواريء في نينوى”.ودعا “الزيدان”، رئيس الوزراء، إلى “إرسال كتاب طلب إقالة المحافظ إلى مجلس النواب للتصويت عليه، وإصدار أوامره بصفته القائد العام للقوات المسلحة بإخراج الفصائل المسلحة من محافظة نينوى”.

من جانبه، قال “الصيدلي” إن: “السبب الرئيس لما حصل هو الفساد والاستبداد في محافظة نينوى”، مبينًا أن: “نينوى محكومة بالسلاح والضغط السياسي، والدوائر الحكومية مسلوبة الإرادة، والإدارة المحلية تفتقد الكفاءة وتحيط بها شبهات الفساد من كل جانب”.و قالت “انتصار الجبوري”، إن: “العوائل بدأت تنزح من جديد من الموصل، إذ إنه منذ يومان نزح أكثر من مئة عائلة من الموصل إلى محافظة دهوك”، مبينة أن: “الأوضاع في الموصل بدأت تزداد سوءًا بسبب سوء الإدارة والفساد والمافيات”. وعدّت أن “التصويت على توصيات لجنة تقصي الحقائق في الموصل؛ كفيل بمحاسبة المسؤولين المقصرين، وأولهم الإدارة المحلية، وفي مقدمتها المحافظ”.

تعليقًا على التصريحات والإجراءات الحكومية، قال رئيس المرصد العراقي للحريات الصحافية ورئيس مركز القرار السياسي العراقي، “هادي جلو مرعي”: “إن الإجراءات التي إتخذتها وتتخذها الحكومة العراقية؛ هي إجراءات متوقعة، لكنها لا تحوز ثقة العراقيين، حيث الثقة معدومة بين المواطنين والجهات المسؤولة على مختلف المستويات، فهناك حوادث كثيرة تكررت في مناسبات مختلفة، تبعتها إجراءات واتهامات متبادلة، لكن في المحصلة الكل يحتفظون بمناصبهم وبمكاسبهم ولا يتنصلون عنها، رغم كل تلك الآلام والمصاعب. فكان يفترض بمحافظ الموصل أن يعلن استقالته على الفور، لا أن يظهر على الشاشات وكأن شيئًا لم يحصل، وكان على رئيس الوزراء أن يتخذ تدابير أكثر جدية، وكذا الحال بالنسبة لرئيس الجمهورية، وأن يتم إيقاف الاحتفالات، وأيضًا أن يتم محاسبة المقصرين بأقصى درجات العقوبة؛ وليس فقط إجراءات شكلية لا تؤثر على مجرى الحادث، ولا أعتقد أن هذه المشاكل والحوادث ستتوقف، وأعتقد أن العراق مُقبل على الكثير من الحوادث بسبب الأنانية وسوء التدبير والتخطيط، وكذلك بسبب الفساد”.

وعن الإجراءات التي يعتزم “البرلمان العراقي” القيام بها، بخصوص الحادث، يقول “مرعي”: “إن الإجراءات التي تتخذها الحكومة؛ والتي سيتخذها البرلمان، سوف تعمق من الخلافات بين الكتل السياسية، فأي كتلة سياسية سوف لن تسمح بمعاقبة المتسببين من الذين ينتمون لها، وبالتالي فإن هذه الحادثة ستخضع للمزايدات السياسية والحزبية، وسينشغل السياسيون بتبادل الاتهامات، وعلى الجميع أن يعي خطورة المرحلة القادمة، ويجب أن تتخذ تدابير لحماية العراقيين، فكل المرافق السياحية مهددة والعراقيين سيكونون ضحية هذا الإهمال بسبب تخلف هذه المرافق، فبعضها يعمل منذ ثلاثين عامًا، ولا تلتزم بالمعايير المهنية، فالمواطن عبارة عن سلعة”.

وحول ما إذا كان هذا الحادث يمثل اختبارًا حقيقيًا لرئيس الوزراء العراقي، يقول “مرعي” إن: “رئيس الوزراء العراقي هو جزء من عملية المحاصصة السياسية، وغير قادر على فعل شيء، وسيكون ضمن دوامة الصراعات السياسية، فما الذي يستطيع فعله أمام المافيات السياسية، فهو أضعف حلقة في الدولة العراقية”.الباحث في الشأن السياسي العراقي، “هاشم الشماع”، يقول إن كارثة غرق العبارة، في مدينة “الموصل”، لم تكون الأولى من نوعها؛ بل تكررت حالات مماثلة لها دون أن نرى أي مثول للجناة إلى القضاء، بسبب لجان التحقق التي أغلبها تسوف الأحداث، وأن غياب العقاب ساد حتى وجدنا أنفسنا أمام حوادث كثيرة.موضحًا أن المأساة، التي حدثت في “الموصل” وراح ضحيتها الأطفال والنساء والشباب، هي نتيجة الإهمال الحكومي في المحافظة وعدم المتابعة، مما أدى إلى وجود ثغرة أمنية خطيرة، وتشير التحقيقات إلى وجود عمل إرهابي، وهذا له أبعاد أمنية خطيرة على المحافظة؛ وتكتيك جديد في استهداف المواطنين.ويجب على مجلس المحافظة في “نينوى” التصويت لإقالة المحافظ ونائبيه وتقديمهم إلى القضاء بتهمة الإهمال، كما يجب على الجهات المختصة دراسة مثل هذه الحوادث للحيلولة دون حدوثها مستقبلاً.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *