آخر تحديث:
بقلم:سعد الكناني
منذ 15 سنة واسطوانة الإصلاح المشروخة لم تتوقف، حتى أصبحت من مفردات الكذب والخداع التي يرددها الجميع مع باقي مفردات الضحك والتلاعب بعقول الناس، رغم هناك إجماع من أن النظام العراقي يمر بأزمة عميقة. وان هذه الأزمة ولدت كوارث عديدة، ولا يوجد اختلاف حول هذا الموضع،والإصلاح ليس كلاما أو ادعاءات أو أحلاما بل هو عملية كبرى لبناء الدولة والنظام السياسي في العراق. واستقرار العملية السياسية لا يتم من خلال تشكيل حكومة عبر مصطلحات رنانة مثل ( توافق ،الشراكة،الأغلبية السياسية، الأغلبية الوطنية ، وأخيرا الحكومة الأبوية) ،هذا الكلام لن يمر بسهولة على الشعب العراقي وهو يعلم جيدا أن الحكومة (الأبوية) القادمة هي جزءا من نظام المحاصصة والتخندق الطائفي لإعادة تدوير الفساد والفشل وان كنا نأمل غير ذلك.
نحن أمام مرحلة معقدة جدا وأنا لا اعتقد أن السياسيين لا يشعرون بهذا.من يريد الإصلاح فعلا فعليه البدء بتعديل الدستور ورفع كل ألغامه التي دمرت العراق ومزقت نسيجه الاجتماعي، وبنفس الوقت الضرورة تستدعي إلى إجراء( التعديل الرابع) لقانون الانتخابات لسنة 2013 بحيث يشمل:-
-
تقسيم مجموع أصوات القائمة الانتخابية على 1.3 بدلا من 1.7 لفسح المجال أمام الأحزاب الوطنية الصغيرة.
-
منع مزدوجي الجنسية من الترشيح في الانتخابات إلا في حال التخلي عن الجنسية الأخرى رسميا.
-
عدم ترشيح من لديه ملف فساد حتى وان لم تحسم قضيته.
-
منع التصويت الخاص نهائيا.
-
إعادة النظر في عدد أعضاء البرلمان.
-
منع تصويت الخارج والسجناء والمعتقلين والمرضى (لدورتين برلمانيتين فقط).
-
عدم إعفاء الدعاية الانتخابية من الرسوم كما ورد في المادة 22 من قانون الانتخابات.
-
منع المحافظين وأعضاء مجالس المحافظات من مزاولة أعمالهم عند الترشيح للانتخابات.
-
منع الأشخاص العاملين كمستشارين في الحشد الشعبي من المشاركة في الانتخابات تحسبا للتلاعب بالمصطلحات والعناوين والالتزام الفعلي بقانون الأحزاب لسنة 2015.
-
إعادة النظر بالمادة 33 من قانون الانتخابات وجعلها أكثر شدة.
وليعلم مجلس النواب القديم والجديد، أن من أسباب عزوف المواطن عن المشاركة في انتخابات 2018 انه أصبح مقتنعا إلى درجة اليقين أن النتيجة الانتخابية معلومة سواء ذهب إلى صناديق الاقتراع آم لم يذهب.وكفى سّن تعديلات وفق رغبات الكتل السياسية الحاكمة التي أنتجت الفساد والإرهاب والفوضى وقلة الخدمات. فالمتنفذون يسعون فقط إلى المال والجاه والمزيد من السلطة. وبواسطة الحصانة حموا أنفسهم من الملاحقات والمحاسبات القانونية، لما اقترفوه من جرائم بحق الشعب العراقي، وهي كثيرة.أخرها تزوير الانتخابات وحرق صناديق الاقتراع.
الاستقرار السياسي لا يتحقق بإعادة إنتاج الكتل الكبيرة نفسها، بأشكال جديدة وإنما يتحقق الاستقرار بتوسيع المشاركة وتوفير البيئة المناسبة للشعب، كي ينتخب ممثليه بلا تزوير وتلاعب، كي يحقق مصيره، بتوفير القناعة للناس وبردم الهوّة من عدم الثقة التي تكونت، وبدأت تزداد عمقا بين المواطن والمسؤول.
وعزوف العراقي عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة دليل رفض النظام السياسي القائم، رفضا للشريحة السياسية الحاكمة وهو رفض ليس سلبيا بل ايجابيا في بعض معانيه أيضا؛ فهو نوع من أنواع الاحتجاج. ولا يمكن القضاء على ظاهرة عزوف الناخب عن المشاركة في الانتخابات إلا بتغيير المنظومة الانتخابية التي أنتجها نظام المحاصصة المنتج للفساد.
ومن دون قانون انتخابي منصف وعادل يشجع على المشاركة، ودون تغيير المفوضية الحالية المتهمة بالفساد والإتيان بمفوضية مستقلة تماما ، لا يمكن أن تحصل انتخابات نظيفة. وتغيير هذا الواقع مرهون بجهود مكثفة من المفترض أن تشارك فيها الأقلام المثقفة ووسائل الإعلام الوطنية ومنظمات المجتمع المدني بالعمل في اتجاهين، الأول يتمثل بالضغط على النخب السياسية الحالية لتغيير مواقفها والثاني التوّجه نحو الشارع العراقي من خلال حملات التوعية المستمرة.